أونطولوجيا
الحلم
المغربي
-مختارات
من القصة
المغربية
الجديدة-
"الصوت
والمطرقة"
"في الحلم
تتفتق تفاصيل
السهو،
ويتحول
المنسي لسدرة
اللانهائي
والمطلق ، وفي
الحلم نلتقي كالأطفال:
تسكب اللغة
بوابات الحكي
وتكشف عريها
لزوايا
المشاهدة،
ولمطلق
الحكي تنفتح جميع
التفاصيل.
لا
حد للحلم كما
لا حد للكشف.
وفي الدهشة
،دهشة الحلم ،
تلتقي الرؤى"
- سعيد احباط-
قاص
مغربي
من
مواليد 03/09/1951
بمدينة
الحاجب،
المغرب
صدرت
له:
"صباح
سوريالي" 2003
-مجموعة
قصصية-
له
قيد الاعداد
للطبع:
"وجوه
لا اراها"
مجموعة
قصصية
في
الظلام سمعت
صوتها، حسبت
بأني أحلم
فتحت عيني
بصعوبة و أدركت
أنـني مستيقظ
و الصوت يصدر
من أحد الجدران
مكتوما،
مختنقا
بالغبار و
الإسمنت. نهضت
من السرير
وارتديت
بذلتي
الرمادية.
أنصت لتوسلاتها
و تلاشت
ذبذبات صوتها
المختنق في
بشرتي. كتمت
حزني كي لا
تطالبني بما
يتعدى قدرتي...
-
أرجوك كل ما
عليك أن تفعله
هو أن تهدم الجدار...
فكرت في
سري ... أن أهدم
الجدار؟ أي
جنون؟ سوف تقوم
الدنيا و تقعد
إن هدمت هذا
الحائط و لو
بقدر ثقب صغير
لا يشفع لفأر...
فما أن أحمل
المطرقة لأوجه
ضربتي الأولى
حتى أجد نفسي
محاطا بهؤلاء
الأشخاص
الذين لا
يفهمون لغتنا
ولن يجدي معهم
شرح حقيقة
الأمر.
-
لست بحاجة إلى
الكثير.. ثلاث
ضربات فقط
لتعتقني من
الألم.
إنه لأمر
محير. لقد
تلقيت تربية
صارمة فيما يخص
النساء. كان
والدي يقول:"عليك
أن تنقد
المرأة مهما
كان الثمن".
كان والدي
فارسا وقد خسر
حياته نتيجة
فروسيته
عندما مات
مقتولا بطعنة
سيف من أجل
امرأة تعرضت
لإهانة.
نظرت
إلى ساعتي و
أيقنت أني
تأخرت. علي أن
ألحق موعد
العمل لئلا
أتعرض
للمسائلة. ولأني
أعيش بمفردي،
مما يتطلب مني
مراقبة صارمة،
كنت أرتدي
حذائي الضيق
عندما غمغم
الصوت للمرة
الرابعة و
الأخيرة:
-
إن حررتني
ستحرر نفسك..
لم أفكر
بالحرية من
قبل خصوصا من
منطلق الهدم
رفعت رأسي و
نظرت إلى
الجدار
الجاثم سألت:
-
كيف أحرر
نفسي؟؟؟
ماذا
يوجد خلف
الجدار.. حجرة
أخرى
بالتأكيد تسكنها
امرأة تخضع
لعدة
العقوبات.
هزهزت رأسي بلا
اكتراث و عدت
إلى ارتداء
فردة الحذاء
الثانية.
-
إن أفكارك لا
صحة لها. إنك
تتخيل العالم
كله مثل
حجرتك.
كنت
محرجا وددت لو
يأتي أحد
هؤلاء
الغرباء ليغلق
باب الجدار
إلى الأبد. لم
أكن بحجة إلى
تناقض جديد في
حياتي
المطمئنة و
المستقيمة.
أسرعت
بمغادرة
الحجرة. اتجهت
إلى الشارع
العام و انضممت
إلى الجموع
البشرية في
سيلها المتدفق
على الأرصفة
كانت موجة
ضبابية في
المد الرمادي
الداكن
المتجه إلى
العمل. عندما
ولجت مكان
العمل وجدت
الجميع
مستغرقين في
العمل. اقترب
مني أحدهم،
مراقب العمل
ذو الوجه
الباسم دوما:
-
لماذا
التأخير؟
نظرت إلى
الساعة:
-
لقد تجاوزت
الثامنة و
النصف.
تسرب
العرق البارد
من جبهتي و
شعرت بالخجل...
-
مقطوع لك من
الراتب يوم
واحد.
قال
باسما ثم أشار
باحترام إلى
مكان العمل لكي
أواصل العمل.
*******
اتجهت
إلى أحد
الأزقة التي
عرفت ببيع
المطارق. كان
محرما علينا
أن نرتاد
أماكن كهذه
بدون إذن خاص
لكنني شعرت
بحاجة غامضة و
ملحة للتفرج
على المطارق و
من المعدن
الأملس مما
دفعني إلى
شراء واحدة
كبيرة و
ثقيلة. حملتها
تحث معطفي إلى
البيت. عندما
عدت إلى
حجرتي، باغتتني
الجدران
بالقول:
-
هل
جئت
بالمطرقة؟
حاولت
التهرب من
السؤال أجبت
قائلا:
-
لا... لم آت بها..
و عاد
يسألني بمكر:
- و
ما هذا الذي
تحمله في
معطفك؟
عدت
للإنكار بلا
جدوى. كان الصوت
يزداد أنوثة
وإغراء:
-
ضربة واحدة
فقط ستغير
مصيرك بأسره
تشبث
بالمطرقة تحث
معطفي و صمت
في تلك اللحظة
لمحت شفتين
أنثويتين
تتجسدان على
الجدران و
راحتا
تتحدثان إلى
بنعومة :
- هل
تحب عملك؟ ؟
-
أجل.
-
أنت تكذب..
كان
الصوت ساخرا،
مثيرا. ارتجفت
يدي على قبضة المطرقة
و تملكني غضب
شديد.
-
وما حاجتي
للكذب؟
-
إنك خائف.
- لا..
رددت
بعنف:
-
بلى، خائف و
جبان..
رفعت
المطرقة و
اتجهت إلى
الجدار ثم
وجهت له ضربات
عنيفة تنهد
بارتياح
قائلا:
-
هذا رائع
امنحني
المزيد..
و رحت
أكيل الضربة
تلو الأخرى و
الصوت الأنثوي
يضحك و يضحك مما
أجج في نفسي
شعورا قاسيا
بالكراهية
ولم أعد أعي
بما يجري.
كانت الضربات
تنهال
تلقائيا وأحسست
بأنني أداة
توجهها
المطرقة
كيفما تشاء.
أخيرا أنهدم
الجدار
وانفرجت فجوة
كبيرة تخيلتها
سحابة من
الغبار. لم
أكن قادرا على
تمييز أي شيء
بينما اختفى
الصوت كليا
وغرقت في صمت
تام . دلفت
الفجوة
مترددا. وجدت
بأنها ثقب قصير
ينتهي بباب
معدني موصد.
طرقت الباب
بالمطرقة
فانفرج عن وجه
رجل كهل أشار
لي بالدخول. كانت
غرفة ضيقة
وخانقة وجدت
رجلا يرتدي
بذلة داكنة
يجلس خلف
منضدة صغيرة
بقبعة سوداء.
وقف الرجل
الكهل خلف
أصحابه فيما
رمقني الأخير
بنظرة نافذة.
وبعد هينة،
بلغني صوته
متحرشا
متقطعا من
السعال ...
- لقد
أثبتت جرأة
وشجاعة
نادرتين..
لم
أجب تابع
قائلا:
-
نحن بحاجة إلى
أمثالك إننا
نعاني من
الانقراض .
تجرأت
على سؤاله:
-
من أنتم؟؟؟
تبادل مع
أصحابه نظرة
ذات معنى ثم
أجاب قائلا:
-
نحن حريصون
على نظام
المدينة
وانتظام سير
العمل ..
ثم اقترب
مني رجلان لم
أراهما من
قبل. جرداني من
معطفي
وإلبساني
بذلة سوداء
وقبعة. قال
الرجل الجالس:
-
عليك من الآن
فصاعدا أن
تواظب على العمل.
لم أجد من
يجيد استخدام
المطرقة كما
تفعل .
التفت إلي
الرجل الواقف
بجانبي وهو
طويل القامة
شعره أشعت
تركزت أنظاره
في أمامه كمن
يراقب فريسته
... بادرته
بالسؤال:
-
ماذا تفعل ..؟
لم يعر
سؤالي
اهتماما.
عندئذ سمعت
صوت الرجل الجالس
يتردد عبر كل
الجدران:
-
أيها ألإخوة
الأعزاء لقد
تعرضنا
للإهانة عندما
تجاهلنا سكان
المدينة وبدأ
البعض يمارسون
حياتهم بلا
سلطة ولا قيد.
إن مهمتنا
الخطيرة هي
إعادة العمل
إلى سابق
عهده، وتذكير
هؤلاء الذين
تناسوا واجبا
تهم بقدسية
العمل، جوهر
النشاط
البشري. إنني
أهيب بكم أن
تشرعوا في
حملتكم: أن
تحطموا
الجدران، أن
تحولوا المدينة
الخاطئة إلى
أنقاض
وخرائب، وفوق
تلك الأنقاض
سنؤسس نظاما
أكثر صرامة...
النظام الذي
سيمنحنا حرية
المتعة في
مجال العمل.
أيها ألإخوة
الأعزة،
ابدؤوا
المهمة
المقدسة..
وارتفع
الصراخ
الحماسي من
حناجرنا وحمل
كل منا مطرقته
الثقيلة إلى
الجدران
الشاهقة لتحطيم
كل شيء.
خريطة
الموقع
جميع
الحقوق
محفوظة
للمؤلف
ALL RIGHTS
RESERVED
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-anthology-index.htm</title>
<meta
name="description" content="سعيد
أحباط">
<meta name="keywords"
content="قاص
مغربي، كاتب
مغربي