أونطولوجيا الحلم المغربي

-مختارات من القصة المغربية الجديدة-

 

http://raihani.free.fr/arabicversion-anthology-kaaouachi_fichiers/image005.jpg

"أنا عندما تبديت لي"

"مرة حلمتني ميتا. أحدهم أفرغ مسدسه في، وأرداني قتيلا في الشارع. لماذا قتلني؟ قتل الكثيرين من قبلي. ربما كان يقتلني دائما في حلمه. ربما كان يحلم دائما أنه يقتل في حلمه وهو الآن يقتلني في حلمي أنا. ربما لو أكملت حلمي وأنا ميت لدخلت أبعادا وعوالم أخرى ينتفي فيها الموت. اخترقني رصاص ذلك الغريب الذي لا أعرفه ولا يعرفني ولا ثأر بيننا ولا عداوة... لكنني وانا أغرق في الحلم لم أكن أجتاز عتبة الموت، ودائما كان الصحو يسرقني منه. لماذا لا أعيش الموت في الحلم؟ هل الخلود صفة ملازمة للحلم؟ هل حلم الخلود؟..." 

 

- نجيب الكعواشي-
قاص مغربي

من مواليد 12 فبراير سنة 1968 بمدينة فكيك، شرق المغرب

 

له قيد الاعداد للطبع:

"أشياء غير قابلة للتحقيق"

-مجموعة قصصية-

 

يمر من أمامي بسرعة البرق ويبتعد سابحا في أبعاد فوق - إنسانية. لا أتبين ملامحه, ولا يخلف أثرا. فكرت أن أتربص به, وبت أعرف توقيت ظهوره وموعد مروره, لكنه يفلت مني دائما, ويسخر من انتظاري وترقبي بقهقهات يجلجل صداها في الأرجاء والأجواء. أرى كتابة غريبة على ظهره.. الشيء الوحيد الذي يبقى مرسوما بوضوح في عيني, ومعلقا في الهواء بعدما يغيب. في الحقيقة ليس تماما على ظهره, لأن ذلك سوف يدفعكم إلى الاعتقاد بأن جزءه العلوي عار, لكن الكتابة على ظهر برنسه الذي أعجب منه لونا ما رأيت, وأغرب تصميما ما عرفت. عبارات مكتوبة بلغة لا عهد لي بها, ولا أعرف حروفها. ليست لغة متداولة. ربما لغة ميتة, أو قادمة من الفضاء..

ليلة أمس, رأيت في المنام هاتفا يعلمني تلك اللغة. كلما أرقني شيء في النهار أرجئه إلى الحلم, فتموت الأسئلة وتشرق الحلول في عقلي. وأنا في الحلم, سكنتني الرغبة الشديدة في التعلم, وأصبحت أتكلمها بطلاقة وفرحت, وقلت له في نفسي: انتظر حتى الغد.. لكنه لم يمر في الغد, ولا حتى في الأيام اللاحقة. هل قرأ حلمي؟ لا بد أن له عقل وإحساس جبارين. وإذا كان هو الهاتف الذي زارني في الحلم لكن بهيئة أخرى, وتظاهر بأنه يعلمني؟ ستكون سخرية أخرى. هل أنا محط سخريته؟ هل علمني لغة أخرى وحروفا خاطئة ليضللني؟ ولكن, لماذا لا يريدني أن أصل إليه وألا أتواصل معه؟ ما معنى ظهوره لي أنا فقط؟ هل لديه رسالة يريد أن يوجهها لي؟ هل يظهر لكل الناس أم لي أنا استثناءا؟ اختفى أياما, والتساؤلات معلقة, ومرهونة بظهوره. ربما يحضر لي شيئا في الخفاء. في الحقيقة, لم أخف أبدا مما يحضره لي. يتلذذ بإبقائي فريسة للحيرة والقلق. أصبحت لا أبارح المكان الذي ظهر لي فيه, وأصبح لي مزارا. لا تسبق ظهوره أية علامات ولا إرهاصات, لذلك يمكن أن يكون, في هذه اللحظة, من ورائي, أو فوق رأسي, أو تحت أقدامي. يراني الآن ولا أراه, وأحمل وحدي وزر رؤيته. لو بحت لأحدهم بما يحدث لظن بي الظنون, وفي أفضل الأحوال, سوف يتهمني بالتخريف, إن لم يكن الجنون المطبق.. ومر من أمامي, في غفلة مني ومن الزمن, وعلى ظهره حروف أخرى.. لغة جديدة.

لجأت للحلم مرة ثانية وتعلمت هذه اللغة الجديدة. استرجعت آخر العبارات التي ظهرت على ظهره, ولكن.. الحروف كانت حروف اسمي!...

 

 ما هذا الذي يحدث؟

 ولماذا اسمي بالذات على ظهره؟

استفحلت حيرتي وظللت انتظره كل صباح باكر. ظهوره دائما يكون في هذا الوقت, قبل الشروق. لكنه هذه المرة غير عادته ومر من أمامي ببطء كبير...

 ربما أدرك أنني لن أعرف أسرار مروره. ربما لن أفهم دوافع ظهوره...

 شيعته بنظراتي. في المرات السابقة, لم أكن أتمكن من رؤية وجهه, لشدة السرعة التي يمرق بها.

 أدار لي في البداية ظهره, كما كان يفعل. جزؤه العلوي عار هذه المرة, بدون كتابة ولا حتى أرقام.

 لم أدر لماذا نطقت لحظتها باسمي.. وكأنني, في محاولة أخيرة, يائسة, أناديه به, ورأيته يستدير.

 بعد قليل سأتمكن من رؤية وجهه. لن يخذلني كما كان يفعل دائما. أنا متفائل بذلك. سأطلع على سره. سيودعني هذا السر.

 مازلت أتساءل:  لماذا هذا الاستثناء؟

بدأت تنقشع عن الوجه الهالة الضوئية التي تلفه.

تلاشت تماما عندما أكمل الاستدارة, فرأيتني وسطها..

كنت أنا، ذلك الذي يمر من أمامي طول هذا المسار، في غفلة مني ومن الزمن، بلا أثر أو ظل.

 

 

 

 

الرجوع إلى مواد الانطولوجيا

 

 

خريطة الموقع

 

بَيَانَاتُ أدبية

"المدرسة الحائية"

"الحاءات الثلاث" مضامين الغد

مَقَالاتُ متخصصةُ

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

شَهَادَات فِي الإبْدَاعِ وَالتّلَقي

درَاسَات سِيميَائِيَةُ للأسماء

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

موسيقى الخلاص

ناس الغيوان

رهانات الأغنية العربية

سيرة ذاتية روائية

مجاميع قصصية على الخط

مجاميع قصصية مشتركة

يوميات

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

مترجمات

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

روابط ثقافية

الألبوم المفتوحُ

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

 

 

 

ALL RIGHTS RESERVED

 

 e-mail : saidraihani@hotmail.com

ENOTE

<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-anthology-index.htm</title>

<meta name="description" content="نجيب الكعواشي">

<meta name="keywords" content="قاص مغربي، كاتب مغربي