أونطولوجيا
الحلم
المغربي
-مختارات
من القصة
المغربية
الجديدة-
"أحلام"
" وحدها
الأحلام من
تشحذ الهمم و
تقوي الروح و
الجسد، و تجعل
الإنسان
قادرا على
تحمل المشاق
و مواجهة
الصعاب... و لكن،
ما إن تغيب
الأحلام حتى
يظلم الكون، و
تصبح الأرواح
و الأجساد
مجرد دمى من
ورق تتلاعب بها
الرياح...
الحلم
هو البداية...
يخلق فضاءه
الذي تكبر فيه
أجنحته و
تطول، ليفتح
النوافذ و
الأبواب و يحلق
بعيدا..."
عن
رواية "أخاديد
الأسوار"
-
زهرة رميج-
قاصة
وروائية
ومترجمة
مغربية
من
مواليد الدار البيضاء،
المغرب
صدر
لها:
"أنين
الماء" 2003
-
مجموعة قصصية
"هل تغرب
الشمس حقا؟" 2006
-
مجموعة قصصية
"أخاديد
الأسوار" 2006
-
رواية -
"تمارين
في التسامح" 2005
-
مسرحية مترجمة
"قاضي
الظل" 2005
-
مسرحية مترجمة
"نجمة
الصباح" 2006
-
مجموعة قصصية
"نساء في
الصمت" 2006
- رواية
مترجمة -
لها
قيد الإعداد للطبع:
"ومضات"
قصص
قصيرة جدا
1 انتقام
لذيذ
حول
المائدة
تحلقنا -
كعادتنا يوم
الأحد -
لتناول
الفطور لأول
مرة في
الأسبوع مجتمعين.
يكون فطورنا
هذا اليوم
باذخا بالقياس
إلى الأيام
الأخرى. نأخذ
الوقت الكافي
للاستمتاع بالمأكولات
و المشروبات
المتنوعة
نتبادل الحديث
و الطرائف و
النكات
و
الأحلام.
كأننا ننتقم
من باقي أيام
الأسبوع التي
نضطر فيها إلى
تناول فنجان
حليب بالقهوة
و قطعة كيك
نبتلعها
بسهولة و
بسرعة
كأننا
ننتقم من تلك
الوحدة التي
يشعر بها
كل منا و هو
يتناول فطوره لحظات قبل
خروجه إلى
العمل أو
المدرسة و حسب
درجة البعد أو
القرب. ابني
الصغير مولع
بحكاية
أحلامه.لا
تسعفه باقي
أيام الأسبوع
لحكايتها في
الصباح. و مع
ذلك يحاول
استغلال لحظة تناول
الغذاء
ليحكيها. لكننا
نقمعه لكوننا
آنذاك نكون
متعبين
أو منشغلين
بالنشرة
الإخبارية.
يحاول الكرة
في المساء و
نحن نتناول
وجبة العشاء.
لكن ، و لسوء
حظه ، نكون
مرهقين أكثر
أو منشغلين
مرة أخري
بالنشرات
الإخبارية أو
بمشاهدة بعض
الأفلام أو
المسلسلات.و
إذا كانت
محاولاته
تبوء دائما
بالفشل ( بل غالبا،
لأن قلبي يرق
لحاله أحيانا
، فأطلب منه أن
يحكي لي
أحلامه قبل
النوم ، و قد
أعجبتني لعبة
قلب الأدوار
التي وجدت
فيها متعة
عظيمة) فإن لا
أحد يستطيع أن
يثنيه عن عزمه
يوم
الأحد.و في
تواطؤ عير
معلن بيننا ،
ننساق كلنا
لرغبته ، بل و
لرغبتنا في
الاستمتاع
بحكاياته
بأحلامه. بحكاياتنا
بأحلامنا. ذلك
أنه ما إن ينتهي
من حكاية حلمه
حتى يطلب من
كل واحد منا
أن يحكي بدوره
ما رآه بالليل
، فنمارس
اللعبة بكل ما
تتطلبه من
طقوس و أجواء
و متعة.
2 - حلم ابني
الصغير
كنا
في القسم.
بمجرد ما
أخرجنا
أدواتنا قال
أستاذ اللغة
الفرنسية:
- أعيدوا
الكتب و
الدفاتر إلى
محفظاتكم !
امتثلنا للأوامر
دون أن نعرف
السبب. أخرج
من الخزانة
مجموعة من
الكتب وزعها
علينا. قرأ
عنوان الكتاب
:
Harry Potter ΰ lιcole
des sorciers
للكاتبة J.K. Rowling قرأ
في البداية ثم
قرأنا
بالتناوب.كانت
القصة
مشوقة.كنا
نعيش عالم
السحر و
السحرة و صراع
الأخيار مع
الأشرار، و
انقلاب السحر
على السحرة
بكل جورحنا.
كان الصمت
المطلق يسود
القسم. عندما
دق الجرس. لم
نرد مغادرة
مقاعدنا.استعطفنا
الأستاذ أن يظل معنا و
أن نستمر في
القراءة ،
لكنه رفض. علينا
أن نستريح، و
عليه أن يشرب
قهوته.هذا ما
قاله لنا.
انفجر أحد
التلاميذ في
آخر الصف باكيا.
استدرنا
مستغربين. كان
أول من يتهلل
وجهه عندما
يدق الجرس. و
أول من يسرع
إلى الباب !
دخلت
أستاذة اللغة
العربية و
برفقتها
تلميذة تحمل
مجموعة من
الكتب
المغلفة
بالجلد الأحمر.
ما إن
بدأنا نخرج
كتب المطالعة
و قواعد اللغة
حتى أمرتنا
بإعادتها.
ائتمرنا
بأمرها. وزعت
علينا الكتب
الصغيرة
الجميلة التي
كتب عليها
بأحرف مذهبة :
مختارات من
الشعر الإنساني
المعاصرثم
بدأت تقرأ
القصائد بصوت
عذب و لذيذ
لذيذ كعسل
الأزهار
الحر الذي
تقدميه لنا،
يا ماما، كلما
شعرنا بمغص
ما. قرأت و قرأنا
و قد لفنا جو
من السحر
سحر
الصوت و الصورة
و الكلمة !
تعجبت كما
تعجبنا من هذا
الهدوء الذي
يخيم لأول
مرة علينا.
قالت: هنيئا
لكم يا أولاد
، لقد ألغي
نظام
الامتحانات
!..أقبلنا
عليها
نعانقها متصايحين.خرجنا
إلى الساحة ،
فإذا بها
شاطئ الرأس
الأسود
Cabo
Negro
برماله
الذهبية
الناعمة و
مياهه الزرقاء
الصافية التي
تتراءى فيها
أسراب السمك
الصغير و
الكبير!
كنت أحفر- كعادتي
- في الرمال
حفرة عميقة ،
عندما اندفعت موجة
خفيفة نحوي ثم
تراجعت بعدما
امتلأت الحفرة
ماء.أدخلت يدي
، فإذا سمكة
تسبح فيه !
سمكة جميلة
، ألوانها
زاهية كألوان
الطيف !
أخذتها بين
يدي. لم تحاول
الهرب. مررت
يدي على ظهرها
الناعم،
فرفعت إلي
رأسها مبتسمة
و هي تقول: كنت
أحلم دائما
بلقاء صديق
مختلف مثلك ! و أنا أحاول
تقريبها من
شفتي
لتقبيلها
اندفعت موجة
قوية
اختطفتها من
بين يدي ! صحت
من شدة الألم ،
فأفقت على
صيحتي
و ألمي!
3 - حلم
ابنتي التي لم
تولد
حلمت
أني في بطن
أمي أستمع إلى
حديث ما
ربما
بين أمي و
أبي
أو بين
أمي و نساء
أخريات
أو
بين أبي و
رجال
آخرين
لست
أدري
لم أعد
أتذكر لا المتحدثين
و لا نوع
الحديث
.
المهم أنني
بعد سماعي ذلك
الحديث
الغامض الآن
، المنزلق
بين ثنايا
الذاكرة
قررت أن لا أخرج
!
كانت أمي
تتوجع و تضغط
على عضلاتها
كي تدفعني إلى
الخروج دفعا
، لكني كنت
أتشبث بجدران
الرحم بأظافر
يدي و قدمي.و
بعد أن كان
وضعي طبيعيا
، انقلبت
فجأة لأضع
رأسي قرب قلب
أمي و رجلي عند
مخرج الرحم.
كان انقلابي
عنيفا و
مفاجئا لدرجة أني
سمعتها تصيح
من شدة الألم.أحسست
أن قوة خارقة
تجعلني أقاوم
الخروج. لم
أدر كم مر من
الوقت و أنا
أقاوم
و هي تضغط
و أنا أقاوم
و
هي تضغط
و أنا
أتصبب عرقا في
الداخل
و هي
تتصبب عرقا في
الخارج
لم
أدر كم مر من
الوقت عندما
شعرت بالماء
الذي أسبح فيه
مغمضة العينين
، يندفع إلى الخارج.
رفعت ساقيً
إلى سطح الرحم
كي لا يجرفني
الماء.عندها
أحسست ببرودة
الموت تبدأني
من قدمي و
تصعد تدريجيا
و سمعت دقات
قلب أمي
تتباطأ
درجة
حرارتي تنخفض
درجة
فدرجة
إحساسي
بجسدي يتلاشى
مع انخفاض
درجة الحرارة
نبض أمي يخفت
أكثر فأكثر
أقرب أذني كي
أسمع نبضاته
بوضوح
و أنا
أنصت أحسست -
يا ماما -
بلمساتك الناعمة
على وجهي و
أفقت على صوتك
الدافئ كالعادة
:صباح الخير
يا عوينات
الطير !
4 - حلم الخادمة
رأيتني
في الدوار مع
صديقتين لم
أرهما من قبل
، إحداهما
سوداء سواد
الزيتون
الناضج و الأخرى
بيضاء بياض
الثلج. كنا -
ثلاثتنا -
نمتطي حمارا
وضعنا فوق
ظهره
شواري
كبير لنجلب
فيه العشب
الذي سنحشه
للبهائم.كانت السوداء
تأخذ بزمام
الحمار و أنا
أجلس بينها و
بين البيضاء ،
التي تتشبث بي مخافة
السقوط
إلى الوراء إذ
كانت تجلس فوق
مؤخرة الحمار.ثم رأيتني
أقف وسطهما
فوق ظهر
الحمار، ناشرة
ذراعي في
الفضاء و أنا
أضحك.كنت في
البداية أضحك وحدي ،لكن
سرعان ما
انتقلت
العدوى إلى
صديقتيً،
فارتفعت
أصواتنا
بالضحك
بالغناء
بالزغاريد. و
ارتفعت أيادينا
تلوح
بالمناجل
كأنما تريد أن
تقطع رؤوسا
غير مرئية !
لاح لي الحقل
من بعيد.
احسست بسعادة
عارمة و أنا
أرى العشب
الأخضر
يتمايل
ياه
! ما أجمل
دوارنا و ما
أخصب أرضه !
سنحُشً العشب للبهائم
و سنأكل كيزْكيز
و كَرًْنونَش
و الحُمًيْضَة
و كْرينْبوش
و سنسترجع مذاقاتها
التي
افتقدناها
منذ زمن بعيد !
سنأكل حتى نشبع
حتى نشفي غليل
سنوات الجفاف
الماضية !
فجأة
، حجبت سحابة
سوداء الحقل
أمامي. انتبهت
إلى قدم صديقتي
البيضاء و هي
تضرب جنب
الحمار بعنف. كانت تشبه
خف الجمال !
قفزت إلى
الأرض. أطلقت
قدمي للريح و
أنا أصيح
بصديقتي
السوداء
محذرة:
- إنها عايشة
قنديشة ! عايشة قنديشة
! اهربي قبل
أن تمسك بك !
ظلت تطاردنا
و نحن نجري و
هي وراءنا
تجري إلى أن
لاح لنا حقل
أخضر. أسرعنا
في اتجاهه
فإذا به
بحر! ارتمينا
فيه. سبحنا لا
نعرف إلى أين
؟ قطعت شوطا
كبيرا عندما
التفت إلى
الوراء.كانت عايشة قنديشة
أو من كنت أظن
أنها صديقتي،
تتابعنا
بعينيها اللتين
تلمع حمرتهما
في الظلام.الظاهر
أنها تخشى
البحر !
لكني مع
ذلك ظللت أسبح
إلى أن وصلت
إلى الشاطئ
الآخر.كم كانت
فرحتي قوية
عندما علمت
أنه شاطئ إسباني
!
كيف عرفت ؟ لا
أدري ! وصلت
إذن إلى
إسبانيا و لم
يعترض أحد
طريقي ! و صديقتي
السوداء أين
هي ؟ لا أثر
لها ! لم أشعر
لا بالحزن و
لا بالقلق.
بالعكس أحسست
بالفرحة
لأنهم لو
رأوها معي
لعرفوا أني غريبة
ها أنذا
بإسبانيا !..ها
أنا قطعت
البحر و نشفو
رجليً !
بلا
سماسرة
بلا
ملايين
الدراهم
بلا
انتظار أزلي
للحصول على
الفيزا
بلا باطيرا و
مخاطرها !
كنت
وحدي فوق
الرمال
الإسبانية أدور
حول نفسي
أرقص
أرقص
و
أنا أضحك
.
أضحك
أضحك
إلى أن
أيقظني ضحكي !
5 - حلم الأم
الراوية
رأيتني
أسير- و قد عدت
طفلة من جديد -
وحيدة في طريق
ضيق ، في
مسرب بلهجة
القرويين وسط
حقول القمح
الخضراء التي
تكاد سنابلها
الطويلة تغطي قامتي.أسير وحدي
و كأن العالم
لا يوجد به
أحد غيري و
غير هذه
الحقول
الممتدة امتداد
البصر. أينما
اتجهت لا أرى
سواها. كانني
شخص وحيد يخوض
غمار البحر في
قارب صغير
أينما مد بصره
ترتد الزرقة
إليه !
كنت
في البداية
أمشي ببطء ،
ثم بدأت أسرع
قليلا
فكثيرا
كثيرا
إلى أن أحسست
بقدمي
ترتفعان عن
الأرض شيئا
فشيئا
و
معهما يرتفع
جسدي
و تمتد ذراعاي في
افضاء
فيتخذ
جسدي شكل
الطيور
المحلقة.
أحسست بهواء
منعش لم أحس به من
قبل. هواء صاف لذيذ ،
كلما احتسيت
منه أكثر كلما
أحسست بنشاط
غريب وبخفة في
جسدي. ظلت هذه
الخفة تزداد
إلى أن تلاشى
إحساسي بوجوده.يا
لجمال هذه
الحقول الخضراء
و هذه السنابل
المتعانقة !
الغريب أن هذا
الحلم كان
يتكرر كل ليلة
طيلة مرحلة الطفولة
و المراهقة. لكنه بعد
ذلك أصبح لا
يزورني إلا من
حين لآخر. ظل
فترة من
الزمن على هذا
الحال ثم انقطع
فجأة. لم
أعد أراه في
الليل و مع
ذلك كنت
أتذكره أحيانا
في النهار.
هذا التذكر بدأ
بدوره يتباطأ
و يتأخر إلى
أن توقف
نهائيا. منذ
ذلك الحين
نسيت تذكر
حلمي كما نسي هو
زياراته
الليلية لي.
أتساءل
الآن :
لماذا يعود
إلي - بعد هذا
الزمن - نفس
الحلم ؟ في الحقيقة
ليس نفس
الحلم تماما.
هناك فرق
بسيط. لكنه
فرق أضفى
على الحلم
نكهة جديدة. نكهة
رائعة ! ذلك
أني في حلمي
المألوف كنت
أحلق على
ارتفاع منخفض
نسبيا، حيث
أظل معلقة بين
السماء و
الأرض. أما
في حلم
البارحة، فقد
رأيتني أعانق
النجوم و الكواكب
كان ذلك
مدهشا !
لماذا
يعود إلى هذا
الحلم الآن ؟ !
لماذا يعود بهذا
التألق و هذا
الجمال ؟ هل
كان حلمي قد
توقف فعلا ؟ أم أنني
أنا التي لم
أكن أبذل في
الصباح أي جهد
لتذكر أحلامي
؟ لماذا يعود
إلي الآن بوضوح
تام و لم أكن أرى
أحلامي طيلة الفترة
الماضية إلا
مغلفة
بالضباب ؟ !
6 - ملحوظة
لا
أفهم شيئا
في تفسير
الأحلام. و لا
أثق في
التفسير
الشعبي الذي
يفسر كل شيء
بضده. الضحك
يعني البكاء
البكاء يعني
السعادة
الموت
يعني طول
العمر
العرس
يعني المأتم
في بداية
شبابي عندما
كانت أحلامي
كثيرة و كبيرة
، و عندما كان
هذا الحلم يزورني
كل ليلة ، كنت
أبحث عن كتب -
غير تلك الكتب
الصفراء - أجد
فيها تفسيرا
منطقيا، فلم
أكن أهتدي
إليها
فيما
بعد ، عندما
اهتديت إليها
، كانت أحلامي
قد توقفت
تماما عن
زيارتي ليلا
أو أضربت عن
كشف نفسها
أمامي بوضوح
في الصباح
فلم
يعد ،آنذاك ،
لتلك الكتب لزوم
.
فرجاء !
من تمكن
منكم من
تفسير هذه
الأحلام أن
ينيرني !
خريطة
الموقع
جميع
الحقوق
محفوظة
للمؤلف
ALL RIGHTS
RESERVED
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-anthology-index.htm</title>
<meta name="description" content="زهرة رميج">
<meta name="keywords" content="قاصة
مغربية،
كاتبة مغربية