أنطولوجيا
الحلم
المغربي
-مختارات
من القصة
المغربية
الجديدة-
"بخور
القصر"
"في
هذا العالم
المجنون..
تمنيت… أن
أحلم يوما
حلما
جميلا...
لكنني…
سأحلم دائما … دائما...
بذاك
الحلم…
الذي لا
بد أن ... يتحقق
ذات يوم !"
- محمد زيتون-
قاص
مغربي
من
مواليد مدينة
بني ملال،
المغرب
1
أزيز
هادر يطرب
ظلام الطريق .
وأنتما متراميان...
تنظر
إلى الخلف حتى
لا تراه . .
وينظر إلى
الأمام حتى لا
يراك ،
والعربة فارغة
إلا منك . . ومنه. .
.يدك تسافر
إلى فمك ،
تؤمن لنفسها
زاوية وتلبد
في الظل .
كالمقمح
تلتحف غبش
الضباب ،
وتتوغل في
سهوبك بعض
مقدمات الضجر
الرتيب
. . والنوارس
تتقافز على
حافة الجنون . .
وسؤال بارد يرج
أنفاسك على
حين فجأة
لتتناساه في
غمرة السفر الطويل:
إلى أين
يقودون قوافل
عتمتهم .. هكذا
بكل هذا الوسن
الذي يخثر
شرايين
الدم من جسدك
؟
هو في
الأمام وأنت
في الخلف ،
لون سيجاره
مذهب المؤخرة
. و شكل امرأة
يطلع كالفجر ،
و يدك تستمر ، شفتاك
... والدخان
يغادرك بنشوة
.
الزغرودة
الأولى تليها
دائما طلائع
الزبد ، فرحة. . .
تنظـــــر
إليك المرأة
من كوة اليمين
، من فوق خال
يلمع كلما
نظرت إليك ،
بدرا .. تلفحك .. تلفحها... وتحس
أناقة وجدة ... ترتضيك .
لماذا
لــم تسأل عن
أمك؟
لا تسأل
نفسك ، ولا
تُبرح مدارك
الآخرين بالسؤالِ
. لعل
القصــــر كان
في نهاية
الطريق . .
والبركة
راقــدة .
تتفطر أثداء
النساء
المقتحمات
لبرودتها
فجرا .. طلبا
للولد الفالت
من الجنون
. و ـ بوياعمار(1)
ـ يشــهد
مكبلا
وسط عتمة
الصندوق
الثقيل ، و
الزوايا
شاسعة
، و البخور،
ونـــــسيم
العرق يهب في منتصف
الليل .
فهل
ستنثر فحولتك
وسط الحديد
لتتوج نفسك
عاهل المملكة !
في
الأمام !
كشبيهك
الواقف في
المقدمة؟
عنادا؟. ..
ويستمر
صدى البجع
أنوثة تحت
الماء .. تحت
جلدك !
ويؤلمك
البجع
والصدى...
ولا
يقتحمك
السؤال :
ـ أين
كانوا يذهبون
بك . . بهم . .
رفقتك . . .؟
بنشوة
تستنشق
الدخان .. وتكتم
فرحتك.
2
النسوة
كن في العربة ا لا ولى
.. في العربة
التالية .. أنت
من يركب
العربة
الأولى ..
والأردية
متجمهرة من
حولك . . كلا . . من
حولهم . . هم من
يحدث الفرح
إيقاعا ورقصا
وزغاريدا...
كنت
السلطان ، ووزيرك
كان في
المقدمة،
وضفادع تنق
بأناشيد الكنائس
في سفوح
الخلاء ...
يتناهى
أزيز المحرك
طول الطريق
وينتهي... فيقتحمون
شقا في العتمة
، يلجون بهوا
مخنــــوقا بالزليج
والمرمر،
يجلسون، يأكلون
، يمرحون، ينامون، يرقصون... وتنتعش
البخور في
الفضاء.
كان
لزاما عليك أن
تهرول إلى
نهاية الحلم
لتجدها في
انتظارك ،
نائمة في ثوب
العروس ... وأمك
تحتفي
بالضيوف، تحت
الخدم على
تقديم
الشراب، والعطور،
والولائم...
تستحي ،
وتنتشي في
غمرة الدبيب
الرعاش كلما اعتراك ، تحبها
وهي نائمة ،
والخال يرنو
إليك من بين
الوجوه ،
سهما. . . تفتح
الطاجين
تُآكلها وهي
نائمة ،
تشاربـــها ،
تجالس حضورها
...تهرب من سهم
يقتعد مخيلتك ،تحن لوثر
اللهو الذي
طالما غرفت من
ألحانه،
مزهوا
بالرجولة الممكن
في غمار العطب
عزفها ، تلاحق
جحافل الارتياح
عصرا فيما
العشي تتلألأ
أصائل خجله في
البعيد من
الرؤى .
والخيول
تستقيم في
سياق خط طويل
، تخالط
الهدنة
الممكنة بشكل
مؤقت ، لتنتظم في
متوالية عزف
حرون ،
-
لمن
كان الفرح و
أنا الحاضر
الغائب ؟ لمن
كان العزف
وأنا الأرض
المتربة الشاسعة
تحت الأقدام ؟
الغبار
يكنس
الامتداد
ويبني أقواسه
الدائرية ،
ويؤلف بين
الوجوه التي
طالما
تهيأتها
تغادر فداحة
الألق في" واد
عبقر"2،
النقيق يفتح
المداخل
وينير
المخارج ،
ويعلق تميمة
الميلاد على
جبين كل
النساء
المقتحمات
للبركة ..
-
هل
كنت خائفا
،أم
الضباب
الناعم القطني
هو من
عبأني في قارورة
ذاك الفراغ ..
ذاك المساء ؟
وبين
النساء كانت
تضيع ملامحها
، مفجوعا ، وفي
دمي بؤس الوطن
المغبرة
أقواسه ،
وتمائم واقية
من الطاعون
القادم ،
السلاسل
تتدلى ، المياه
تموج بصيغة
هادئة ، وعلى
الضفتين
تتمدد رماح
الأجساد ،
وتشب في
الفضاء روائح
الفحولة العطنة
من كل
الفصول
والأزمنة ،
أيا رجولة
نادرة إلى متى
يستمر هذا
العذاب؟
المرق
يرغي ويزبد في
الموانئ ، والسفن
قوافل كانت
تحط رحالها
خوفا على نفس
الغبار ،
والانزلاق
طقس رتيب في
ذاكرة العظام
النخرة وقد
أخذت تعلنها
الأيام بين
فتات ألأبنية
المسلحة
بشموخ
العابرين ،
هكذا بصمة
الغبار الضبابي
تجتاحك بنفس
إسرار
القراصنة
الأولين ،
لتعرج بين ألأقواس
والأسوار
قرصانا أنت
الآخر ،
الخيام من
حولك ،
والخيول
تعزفك وقعها ،
والنسوة تتحلب3
أثداءهن ، و
أنت مدجج بكل
الجروح ، سيوف
حادة تخرقك من
كل الجهات ،
تحتج على نفسك
وقد طال الانتظار
على سكة العرس
، متى يعلن
القطار
انطلاقه
مغادرا وطنك
يا ذا التعب
الوفير ؟ وقد
ارتديت
ذاكرتك وفتحت
الباب:
ـ أين
صاحبة
المآقي
اللا فحة؟
تعلق
العجائز :
ـ
مولاي
السلطان
مسحور...
تبسمل
الأم ، وتأتي
بمجمر ملتهب
جمره ، ويتعالى
يأسك من جـواب
تتعطش إليه
،تهم بنفسك
محاولا نزع
ملابس بعض
أطراف الغبار
والضباب ،
تبحث بين
الوجوه . . .
يتأكد
بجلاء جنونك
فيبسملون . . .
وتبكــــــي الأم
. . . كانت تحلم بك
في مثل اليوم
، على صهوة رأسك
عمامة طويلا
كأكفان
المجاهدين ،
وعلى جسدك
جلباب العفاف
كالذي ترتدي
الآن ، ومن
حولك النسوة
في فرح مقيم ،
وهي تتقبل
التهاني ،
والهدايا
،كما ليلة
دخلتها
الأولى، تفرح
حالمة بقدومك
في مثل هذه
الرجولة
لتطرقك وتدا
في عمق هذه
الأرض ، رافعة
أشرعة الرحيل
والبقاء في
سفارة انطلاق
واحدة .
لكنك
تبكيها ،
وتخلفها نهبا
للشفاه
المرفرفة
أمام كل هبوب
بين النساء .
وتغادرهم
مستقلا نفسك ،
تتقصى
معالمها وسط
البخور ، وقرع
الطبول، نفخ
المزامير..
تتكوم
كـالدودة
بشكل متعامد
معها ،
ورجــــــلاك
صوبها ، هنيئة
، طاهرة فـــي
بياضها ، تنام
مستمتعة
بحيادك ، وهم
يـــنتظرون
في الخارج
توقيعك على
جسدها .
3
ـ
ترى من تكون
صاحبة العين
والخال؟
مرعوبا
من امتداد
أبيض ، ودخان
متضوع كان
يتعامد معك . تنشغل
بمساءلة :
ـ
أمك.
ـ
أبيك.
ـ
جدك.
ـ
.......
ـ
مقبرة
الأموات .
وتـعـبـر
الـسـنــيــن
خائـــــفــــــــا
مـــــــن
رؤاك.
4
ـ
هل كانت ميتة
أم كانت ......؟
تـتـناسل
المجامر ،
وتتأكد
النسوة من
الفضيحة ...
و تقلم
ذاكرتك ،
تــصور
مجاريها
الفائضة. . فلا
تغرق . وتتوهج
بغضب كاسح
مرغما الطبول
على الهروب من
جلدها ،و"
بويا عمار" في
السلاسل ، وشرائح
الأبدان
مصلوبة في
زوايا القصر ،
وعزف العصي
متواتر
البصمات ،
والبخور
كالغبار ، كالضباب، كرائحة
المرق التي
كانت تسبح في
الفـــــضاء ,
كوجوه شبيهة
بذاكرتك .. كذاكرتك
المنخورة
بالوجوه :
يأتيني
الصبح
عرســــــا
ويغمرني
الليل بمذاق
الثلج
أخالطك
كالماء للماء
.. للسكـر...
أصير
لذيذا ... منك .. وأنت
تترددين على
جسدي
بأحمر
البصمات...
ريحا
مالحة
تأتين
على فجاج
الجسد ...
تنثرني
الموجات في
البركة
كطعم
البحر في
البحر...
تصرعني درات
زبد في لجة
العصور
تنفيني للبحر...
تنثرني
كالبخور
تنثرني ...
.......................
5
تستعيد
ني
صفرة
المؤخرة في
غمرة الدخان ، ويكاد
يخرم مني
السهم البياض
، والسواد
... والكوة
عينها تستمر
معلقة
كالصفيحة في
بوابة
الخاطر.والخاطر
بركة ، وحول
البركة يجري
القداس ،
والغبار
كالفضاء
الأزرق ،
والضباب القطني
كالأكفان
يجرجرها
الريح ، فتتقلب
المواكب
متوجعة ،
وتنأى في صحار
السراب كل
الكثبان التي
كانت في ساحة
السباق، ترقص
كهيأة الغبار
والخيول...
وجميعها
أجساد النساء
تآلفت في
لفافة بياض
واحدة ،
وتطايرت في الأعالي
كالنيازك
السوداء
خفافيش
التوقعات
الكئيبة . ورحت
أمضمض نفسي
بأمان بعيدة ،
والدمع سيول غزيرة
تنم عن سطوة
المرجح في صدر
أمي ، وجسدي يعدوا
في مسالك
الملح بكل
الجروح . وهم
كالبعوض
يناوئونك
بشكل دائم وينادونك
بهلاوسك
وانحرافات
سبلك الجائرة
. . .
يراجعك
أبيض السحب
القطني
بالود
مستيقظا
أحيانا،
يجللك بلفافة
دماغ فجأة،
يوقظ
بركانك ،ويضخ
في أعطافك بعض
اللازم من
الحمرة علها
تتأجج آنيتك
بين الفرح
والاستيقاظ ،
يحييك الأزيز
. . يطربك . . . و
يباشر رفيقك سوءة البوح ,
وقد توقفت
العربة
بعد عمر ,
موليا
ظهره دائما
جهتك :
ترى
مـاذا بقي
مـنـ ...ـك بين
فصول البياض
والبخور
والغبار؟
فبرير2003
زاكوزة
ـ المغرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ ولي من
الأولياء
,وأحد مراكز
الإستشفاء
الشعبي
التقليدي في
المغرب. فيه
تتم عملية صلب
المجانين
وصرعهم...
2-
واد عبقر هو
مورد
العبقرية
الذي كان يدعى
لدى العرب أنه
مصدر النبوغ
مادام
الأساتذة هم عفاريت
الجن
3-
ترشح حليبا
خريطة
الموقع
جميع
الحقوق
محفوظة
للمؤلف
ALL RIGHTS
RESERVED
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-anthology-index.htm</title>
<meta name="description" content="محمد
زيتون">
<meta
name="keywords" content="قاص
مغربي، كاتب
مغربي