أنطولوجيا الحـب المغربي

-مختارات من القصة المغربية الجديدة-

 

saida_farahat

 

"هي والسكين "

 

 

"  وجدت هذه الكلمات في اخر صفحت كتبتها –هي- قبل أن تدخل القفص الذهبي .

خاطبني قوس قزح اليوم و قال:

 -ألا أيتها الحالمة فجرك الباسم قادم. إنها البشرى تلف جسمي بدلال .

قلت:

- من أي الجهات الأربع سأبدأ بحثي عن فجري الوليد أيها القزحي؟

أجاب بصوت ردد الكون صداه:

- انه آت حتما فلم العجلة.

تمر الدقائق، حبات ندى، و يزداد الضجر وحديث القزحي سراب، ألملم أجزاء الدرر المتناثر داخلي، وأنبش قبورا من سراب الذكريات، هذه الأحلام الصغيرة أحراش الصبي، وهذه العفة المتألقة تصب حلاها ، والفجر القادم لم يصل بعد...

فتح القدر صفحة الربيع ووفى القزحي بموعده فتلألأت البشرى، نظرت جنبي فإذا به جالس قربي :

- إنه أنت، إذن!.. أعرفك. نعم، أعرفك. لأنك بكل بساطة كنت تسكنني. أنت سعدي ...أنت فجري القادم"

 

-     سعيدة فرحات-
روائية وقاصة مغربية

من مواليد 25 يناير 1975 بمدينة آزرو

صدر لها:

"همس العيون"

 (رواية)

 

 

 

جلست تبحث في أعماق ذاتها عن بقايا الربيع، عن حلم لم يفارق أعشاشه، عن صبح لم يهاجر...  كل ما بداخلها صمت و قهر و بقايا آهات جعلت السكون يألف العيش بين لسانها وشفتيها.

 

جالت بعينيها في البيت: الستائر المخملية، المزهرية الكرستالية، عبق عطر فاخر و ضباب كثيف يغطي جمالية المكان  أيقظها من شرودها. إنه هو، حتما. طرقاته على الباب لم تتغير.

 

عشر سنوات من العيش معا تحت سقف واحد. لكن البيت الواحد في الحقيقة كان عالمين، جزيرتين بينهما آلاف الأسئلة التي لم تجد جوابا، بخار أحلام ، ابتسامة مزيفة...

 

إنه رجلها، فارس أحلامها، بطل أحلام عاشتها سنين ترسم لوجهه كل يوم تفاصيل جديدة حتى إذا ما أكملت الصورة وجدت أمامها وجها ما عرفته يوما.

 

أثث مشهدها اليومي بوجوده الممتلئ  و ابتساماته التي يحسن توزيعها حسب الطلب. احتل منها كل شيء  إلا قلبها فقد أبى وامتنع. كان لها موعد فرار يومي تختلي فيه إلى ركن من قلبها تشاركه البوح والاعتراف.

 

كان صوته سكينا يقطعها من الوريد إلى الوريد. لمساته سكاكين. ابتساماته، وجوده كله سكين يسكنها. لطالما حملت السكين في يديها وقالت:

- السنين تسير ونحن نقلب الأيام جمرا على دخان. يضمنا الضياع ليلثم بسمة غد جميل. يئن فينا الألم الجريح باحثا عن ربيع البنفسج. يدك للغد تصافح وفي ظهري بقايا سكينك ينزف، ومن بؤسي و شقائي مددت يدي لزنبقة تتفتح لريحانة تبادلني التحية. هذه  الجروح أنت داؤها و دواؤها. فمتى أجد فيك نصفي الضائع؟

 

كم هي صعبة تجربة الوحدة وسط عالم من ضجيج.

 

ضجيج أطفالها يردها إلى عالمه. وها هي ككل ليلة تستغل فرصة نومه لتمعن النظر في وجهه، و تخاطب غيابه داخلها:

 

- كنت أظنك أناي الأخرى. كنت أتمنى أن أنسى فيك نفسي لأننا أصبحنا واحدا. لكنك تصر أن نكون اثنين...

 

 

نامت و الأسئلة حبال مشانق تلتف على عنقها وتصرخ في نومها و الجثة الهامدة قربها لا تحس بشيء.

 

استيقظ من نومه ليجد نصفه قربه و يمد يده ليوقظها لكن يده لا تصل.

 

 مسافة بعد أم اشتياق أم قهر؟

 

 تزوجها امرأة لحياته  لكن نجاحها دمره فحول حبه لها إلى مشنقة.

 

إنها هي، بنفس التقاسيم الرقيقة وذات الوجه البدري الذي تغزل به في رسائله طويلا. كانت حلما، وهما. وهي في برجها العاجي تمعن استيطان قلبه و العزف على أوتار أحاسيسه.

 

لماذا فقدت بريقها بمجرد ما بدأت لعب دور الزوجة الصالحة؟

 

لماذا نجحت في حبها؟ في بيتها؟ في عملها؟

 

لماذا تحول هو من السيد فلان إلى زوج السيدة فلانة؟

 

 لماذا كانت هي القمر وهو النجمة المرافقة؟

 

لعن اليوم الذي خفق فيه قلبه بحبها؟

 

و تذكر أولاده فانتفض: إنه وقت المدرسة.

 

وبذلك بدأ يوم جديد ليجري كل واحد منهما في طريقه الخاص وعينه صوب أفقه المغاير.

 

 

 

الرجوع إلى مواد الانطولوجيا

 

 

خريطة الموقع

 

بَيَانَاتُ أدبية

"المدرسة الحائية"

"الحاءات الثلاث" مضامين الغد

مَقَالاتُ متخصصةُ

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

شَهَادَات فِي الإبْدَاعِ وَالتّلَقي

درَاسَات سِيميَائِيَةُ للأسماء

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

موسيقى الخلاص

ناس الغيوان

رهانات الأغنية العربية

سيرة ذاتية روائية

مجاميع قصصية على الخط

مجاميع قصصية مشتركة

يوميات

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

مترجمات

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

روابط ثقافية

الألبوم المفتوحُ

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

 

 

 

ALL RIGHTS RESERVED

 

 e-mail : saidraihani@hotmail.com

ENOTE

<<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-anthology2-index.htm</title>

<meta name="description" content="سعيدة فرحات">

<meta name="keywords" content="قاصة مغربية، كاتبة مغربية