أنطولوجيا
الحرية
-مختارات
من القصة
المغربية
الجديدة-
"عزف
على وتر الحاء"
"انطلق
البُنْدق
الأصفر حرا،
رشيقا ينتشي
بالسراح..
هم
الطير يهوي
منهوك
الجناح..
كانت
البارودة
تندى دمعا
حارقا.. ليس
لأنها حررت
البندق بل
لأن
القناص ضغط
على الزناد."
نور
الدين عيساوي
قاص
مغربي
من
مواليد 1976 ببني
ملال
له قيد
الإعداد الطبع:
"براغيث"
- مجموعة
قصصية -
تعافيت.
لكن ضعفا
لازال يستبد
بي من مرض
ألمَّ بي في
رأسي...
الطبيب
أرشدني أن
أنصت إلى
نصائحه ،
وجدتي نصحتني
أن أنصت إلى
عظامي، و حرمي
نصحتني أن أنصت
إلى طلباتها
اليومية لكني
كنت أنصت إلى
التلفاز أو
أشاهده ليس
حبا فيه أو حبا
في من به ، بل
من أجل تكسير
رتابة هذا
القنوط الذي
سببه لي مكوثي
بين الجدران
مع مرضي...
وأثناء
مشاهدتي
تمثيلية
جميلة
يؤديها
أماثل
الممثلين
بالبلاد، لم
أدر كيف خطفتني
غفوة لذيذة
تمثل لي، في
إثرها،
عملاقا أو
عملاقة - لأن
ملامحه
أنثوية- تنبث
في رأسها أشواك
فولاذية
حادة، ذراعها
اليمنى
مرفوعة متوجة
بشعلة متوهجة
وكأنها تشهر
عظمتها في وجهي...
ظننتها
تمثال
الحرية
لكنها لم تكن
صماء، متحجرة
كما أرادها فريدريك
بارتولدي أو
كما لي
(ولكم) العهد
به، بل
استحالت
هيأتها
الاعتيادية المتحجرة
الصماء إلى
هيكل لحيم، إلى
مخلوق ذي خلقة
و دم وروح،
إلى آدمي...
التمثال
الشاخص في
رأسي أثار
حفيظة أصوات
متعاظمة لم
أتبين مصدرها
و لا من يتلفظ
بها. كان صداها
يدوي في
جمجمتي... كانت
مُثُُلاً أو
أمثالاً أو
أمثلةً تطن
أصواتاً
حادةً في
طبلتي: "دولة
الحق
والقانون
والحريات"،
"الحق في حرية
التفكير
والتعبير"،
"تحرير
المرأة"، " الحر
بالغمزة
والعبد
بالدبزة "، "
يا سيدي أنا حر،
أنا حر، أنا
حر"...
وكأن
التمثال،
تمثال
الحرية، تمثل ما
يدور في رأسي
أو كما لو
كانت الأصوات
اللاغطة في
رأسي قد
أزعجته
فتحفز
للكلام في كبرياء
مبالغ فيه
فجاءني صوته
واضحا يقول:
-
أنتم
العالمثالثيون،
شتان بينكم
وبين الغرب!
(
قالها
بالإنجليزية
الأمريكية
وهو يعني: "بزَّاف
عليكم
الحرية!")
قلت
في قرارة نفسي
وليس في رأسي
حتى لا يسمعني
:
-
شتان! بيننا
ماذا
يقصد؟
استأنف
حديثه بعد أن
أثار ذهولي:
-
تكفيكم ( يقصد:
تْلاهَوْا)
الحرب، و
الحرث( حرث
النساء
طبعا)،
والتحكم في
رقاب
الرعايا،
والحْكَامْ ،
والحريم و الحوريات،
والحياء ( أي،
قِلَّتُهُ)...
يكفيكم هذا.
لا تسألوا عن
أشياء إن تبد
لكم تسؤكم...
نطقت
في استغراب
مشوب ببصيص
عزة نفس:
-
لكن الغرب
يعيش على
تراثنا
وخيراتنا!؟
-
صحيح، لكن
ليصنعوا
العجب.
بغتة،
تلاشت حرية
تمثال الحرية
في الكلام فانمحى
من رأسي
وتحررت من
(حريرة) تلك
الأصوات. ثم
أفقت من غفوتي
و في رأسي شيء من
طنين صوت
الحاء... أخذت
جهاز التحكم
عن بعد
وركبت
أرقاما: وجدت
في القناة
الأولى أخبار
الحرب، وفي
الثانية
مسلسل حب هجين
لا ينتهي، و
في الثالثة قلة
حياء وفي
القناة الألف
حوارا حول
الحكم والحكمية
والتحكيم... و
في رأسي شيء من الصدااااع.
خريطة
الموقع
جميع
الحقوق
محفوظة
للمؤلف
ALL RIGHTS
RESERVED
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-anthology3-index.htm</title>
<meta
name="description" content="نور
الدين عيساوي">
<meta
name="keywords" content="قاص
مغربي