أنطولوجيا الحرية

-مختارات من القصة المغربية الجديدة-

 

zekri_abdelatif

 

"الكيميائي"

 

 

"مررت البارحة بشارع الحرية، الشارع الذي حدثت فيه تلك الحادثة الغريبة المفزعة. قلقت من جديد. عاودتني نوبة الهلوسة. جحظت عيناي. وقف شعري. ذهلت..."

 

عن نص "مومياء الحرية"

عن المجموعة القصصية "أشياء معتادة" 2002

 

عبد اللطيف الزكري

قاص مغربي

من مواليد 8 أكتوبر 1967 بمدينة طنجة، المغرب

 

صدر له:

"أشياء معتادة"، 2002

- مجموعة قصصية -

 

"المخلوقات العجيبة"، 2005

- مجموعة قصصية -

 

 

 

الكتابة هي مبرر وجودي. إني أحيا مع الفرح بحريتي. حريتي الناتجة عن كتابتي. وكتابتي كيمياء الخيال.

 

على حافة الأعشاب، وبخطوة الخيال، أعتصر الحقيقة وانسكب في البحر، مترنما بأسرار المرج وبأصوات الكواكب أعلن الأسماء: مجرات الألم، أحداق الشمس ، غابة النفس، رموز الهمس.. ما من موجة إلا ولها خديناتها. ما من فكرة إلا ولها تمزقها. بزفير الهاوية أسنن المعنى، وبأطياف الماء أتذكر الينابيع.يلفني الشرود. بيد أن الزمن ميلاد فادح للموت الجريح، واللغط لهاث الخيول في الدروب المعتمة، وليس وراء الجسور إلا أقبية الخراب ولا مسكن إلا الخيال.

 

ينغمس نهاري في الفجيعة، وكل ليلي سبات في اللغة وأنا هويذة المطر على مشارف الغسق، أروض كشوفي على مداعبة الضلال في الأرض الجدباء. استحضر مياه البحار الداكنة في ألفة محتدمة بالنظرات الساهية.

 

كانت نظرتي إلى المقبرة الصغيرة لقريتي نظرة دهشة من فرط المتعة التي أغدقتها علي قراءتي كتاب ''جيمس جويس'': صورة الفنان في شبابه.

 

لم تعد بي حاجة للنظر إلي السماء. اكتفيت بتأمل الأرض بدهشتي المحفوفة بهاجس المعرفة !

 

ليست مقبرة قريتي كالمقابر المعتادة في أرجاء الأرض: إنها مقبرة مسربلة بالأشجار الناعمة التي تسقط أوراقها بمتعة باذخة حيث تستحيل القبور إلى ورود حجرية تهسهس تحت أرجل المشائين بين القبور...

 

تمشيت على أوراق القبور، مفعما بقوة الحياة. تراءى لي أن (الموت) غصن ذهبي لتزدان الحياة بالقوة الرحيمة الجديرة بتأملاتي، أنا المتنزه السعيد..

 

أتأمل المطر الذي يهمي من عيني: المطر الذي أراه وحدي، أتمشى متلذذا بسريان الماء تحت ملابسي. أشبع شوقي إلى المطر للاستسلام لاندفاقاته..

 

أسعى إلى الهناءة. أرى الحياة مكابدة يومية في عمل يومي يتكرر إلى ما لا نهاية. أحب الجبال والأدغال. أتسلق وهاد روحي. الغيوم الأليفة في عيني. يتقاطر دمي في لساني. أقرأ وأكتب. الأهوال خدينة

 

خيالي. أترنم مع الأطياف. أكشفني في وشيعة الروح. أنادي بصوت الميتين في قبور الماء..

 

ما الذي أفعله؟

 

بدأت أنسى ما أفعله! ما عساي أفعل كي لا أنسى؟ الذاكرة ذاكرتي... وأنا أنسى ما ينبغي ألا ينسى!

 

ما أفعله هو مراودة النسيان للصعود إلى قمم الذاكرة ومتاخمة روحي في وهجها.. أتحمم بوهجي وألتمع بأفكاري المنسية في غياهب الضجر والتيه.

 

لست كلفا بأي شيء.

 

ألهذا بدأت أنسى؟ تلاشت علاقتي بكل شيء وصرت لا أرى في وجودي من معنى. فما الذي يصنع الحياة غير المعنى؟ ما الذي ...؟

 

لا !

 

لم أنس أي شيء ! فأنا تائه في دروب متشابكة أبحث عن حريتي.

 

حريتي.

 

حريتي بحثي عني. أنا أبحث عني !

 

ينبغي أن أسافر في روحي ! بين أشجار مظلمة في متاهات الحياة.

 

ينبغي أن أسافر في اليقظة والنوم، في الماء والتراب، نحو ذاتي النائية.

 

ينبغي أن أسافر، أن أتوه تحت أقواس الذكريات والتجارب الجديدة في سماوات مقوسة، في شجن دفين، في ظلي القريب من وادي الطيور، ومن منطق الطيور!

 

ذاهب أتفيأ المعنى بين الحياة ومخالب الموت، أصطاد الوحوش المفترسة ! أصل ذاتي بالبحار البعيدة، ألبس المعنى في ينابيعي الثرة، منسابا كالضوء أشتعل بشرارة الدهشة، كأني كيميائي أكتشف أسرارا غميسة... 

                     

 

 

 

 

الرجوع إلى مواد الانطولوجيا

 

 

خريطة الموقع

 

بَيَانَاتُ أدبية

"المدرسة الحائية"

"الحاءات الثلاث" مضامين الغد

مَقَالاتُ متخصصةُ

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

شَهَادَات فِي الإبْدَاعِ وَالتّلَقي

درَاسَات سِيميَائِيَةُ للأسماء

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

موسيقى الخلاص

ناس الغيوان

رهانات الأغنية العربية

سيرة ذاتية روائية

مجاميع قصصية على الخط

مجاميع قصصية مشتركة

يوميات

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

مترجمات

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

روابط ثقافية

الألبوم المفتوحُ

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

 

 

 

ALL RIGHTS RESERVED

 

 e-mail : saidraihani@hotmail.com

ENOTE

<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-anthology3-index.htm</title>

<meta name="description" content="عبد اللطيف الزكري">

<meta name="keywords" content="قاص مغربي