رَيْحَانِيَاتٌ

 

Description : Description : Description : at_desk

 

 

 

الحاءات الثلاث

أعمال مشتركة

المدرسة الحائية

مجاميع قصصية

لقاءات مع مبدعين

روايات

 لقاءات مع الريحاني

بَيَانَاتُ أدبية

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

تكريم الأصدقاء

مترجمات ْ

قصص قصيرة جدا

درَاسَاتُ إسمية

المَكْتَبَةُ الإلكترونية

الأغنية العربية

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

أدب الطفل

الألبوم المفتوحُ

 

 

 

 

 

قصائد شعرية

أبحاث في الترجمة

أبحاث  في الفن

أبحاث  في الإعلام

 

 

أبحاث في الفن

 

 

نحو تقليد إبداعي أدبي جديد:

"الفوتو- أوتوبيوغرافيا" ، أو "السيرة الذاتية المصورة"

 

 

(مقال منشور على صفحات "المجلة العربية"، عدد381: أكتوبر 2008، صفحة 80-81)

 

 

السيرة الذاتية: المفهوم والتجربة

 

إدا كانت الكتابة عموما هي  شكل من أشكال تحقيق الفكر وجعله واقعا على الورق أو على الأرض، فإن  كتابة السيرة الذاتية، كفرع من فروع الكتابة، تبدأ بنية الإدلاء بشهادة عينية لإثبات حقيقة حدثت وتنتهي بتحقيق  السعادة التي ما بعدها سعادة: سعادة اكتشاف الذات. إن كتابة السيرة الذاتية تبقى تجربة للبحث في الذات ومحاولة لاستكشاف عوالمها بغية فهم ذوات الآخرين. فمتى أحب المرء ذاته أحب غيره ومتى كره المرء ذاته كره غيره ومتى جهل المرء ذاته جهل غيره. إن فهم الذات والمصالحة معها هو السبيل لفهم الآخرين والمصالحة معهم.

 

تنقسم السيرة الذاتية حسب الأهداف المتوخاة منها إلى أربعة أقسام طبقا ل"منطق الربح والخسارة":

 

-1-خاسر ومازال خاسرا: الهدف من كتابة السيرة الذاتية يبقى هو الاعتراف وجلد الذات...

-2-كان خاسرا وصار رابحا: الهدف يبقى هو الفخر والاعتزاز بالذات...

-3-رابح ولا زال رابحا: الهدف يبقى هو التنظير والتبشير بعوالم جديدة وسن قوانين وقواعد جديدة...

-4-كان رابحا وصار خاسرا: الهدف يبقى هو الانتقام والفضح...

 

والسيرة الذاتية تتجلى في ثلاثة أشكال. فهي، أولا، إما  توثيقية في شكل يوميات Diaries إدا كتبت في عين المكان وفي تاريخ حدوث الوقائع أو مذكرات  Memoirs إدا كتبت بعد دلك التاريخ إما من وحي الذاكرة أو بالاعتماد شبه الكلي على ما توفر من وثائق المرحلة المشتغل عليها.

 

ثانيا، أو هي ، السيرة الذاتية،  روائية مسرودة بضمير المتكلم كما في  رواية "الخبز الحافي" لمحمد شكري أو بضمير الغائب كما في "الأيام" لطه حسين.

 

ثالثا، أو هي ، السيرة الذاتية، مصورة. وهو الجنس الأدبي-الفني الوليد الجديد على الثقافة العربية أولا وعلى الثقافة الإنسانية عموما. ونتمنى أن تكون هده السيرة الذاتية المصورة "عندما تتحدث الصورة" الحجر الأساس لهدا الجنس الأدبي-الفني الذي نأمل أن يصبح تقليدا إبداعيا راسخا في الثقافة العربية والإنسانية عموما يصالح القراء مع الكتاب في زمن العزوف عن القراءة ويعرف القارئ عن قرب على المؤلف جاعلا من الكتاب ملاذا حميميا مادامت السيرة الذاتية تقرأ أصلا  بشكل مختلف عن باقي الأشكال المكتوبة. وهدا ما يفسر  الإكبار الذي لقيته المعلقات والدي لم يتكرر بعد عصر الجاهلية بسبب خروج الشعر عن الفخر بالذات والانحباس في مقايضة مال السلاطين بهبة الإبداع...

 

 

 

الصورة وكتابة "السيرة الذاتية":

 

تقول الأغنية المغربية:

"صورة خيالي  في عيونو

كيفاش يمكن يمحيها؟"...

 

الصور قبس من نور يفتح الحياة فجأة على لحظات سعيدة منسية فتغمرنا سعادة كانت تحيط بنا ونحن لا نعلم أنها في المتناول وأنها لا تنتظر إلا حركة بسيطة منا بمجرد الضغط على زر صورة من الصور ليتبدد الظلام في دواخلنا ويضاء المكان حوالينا ويستنير العالم. إنها بمثابة "مَرْكَبَةٍ" يستقلها الإنسان بين الفينة والأخرى في سفر عبر الزمن يعود من خلاله إلى لحظة بعيدة ونعود معه كل الأشياء والأحياء والظروف المحيطة بالصورة إلى الحياة من جديد فتغمره سعادة منسية.

 

فالصورة من جهة تبقى مخلصة من النسيان ومن جهة أخرى تبقى الصورة رديفا للحقيقة. والصورة في كلا الحالتين تبقى حليفا  للكتاب وقد بدأ دلك التحالف وتحققت تلك المصالحة بين الكتاب والصورة مند القديم مع الكتب المدعومة والمعززة بالصور ووسائل الإيضاح Illustrated books الخاصة بالأطفال أو بالمبتدئين في مجال معين: طبخ، بيولوجيا، فلك، يوغا، قصص الأطفال... ثم تعزز دلك التحالف وتقوت تلك المصالحة بين الكتاب والصورة مع الكتاب الالكتروني في مجالات العلوم والفنون والثقافة والآن يعرف دلك التحالف بين الصورة والكتاب في مجال كتابة السيرة الذاتية إعلان  تأسيس  "الفوتو- أوتوبيوغرافيا" أو "السيرة الذاتية المصورة" وكتاب "عندما تتحدث الصورة" مساهمة أولية في هدا المشوار.

 

محاولات الكتابة في جنس السيرة المصورة تكاد تنحصر في كتابة السيرة الغيرية من طرف المعجبين والأتباع على السواء. لدلك فهي تنضوي تحت جنس "السيرة الغيرية المصورة" Photo-biography كما هو الحال مع "فوتو- بيوغرافيا ألبرت اينشتاين" للكاتبة مارفيه فرغسن ديلانو Marfé Ferguson Delano  و"فوتو- بيوغرافيا لينكولن"  للكاتب راسل فريدمن Russell Freedman و"فوتو- بيوغرافيا غاندي"  للكاتب بيتر روهه Peter Rühe و"فوتو- بيوغرافيا مارتن لوثر كينغ"  للكاتبين بوب أدلمن وتشارلز دجونسن Charles Johnson and Bob Adelman  و"فوتو- بيوغرافيا تشي غيفارا"  للكاتبين كرستفر لافينيه وكريستوف لافينغ Christopher Loviny &  Christophe Loving... لكن هدفنا من المشروع الراهن، "عندما تتحدث الصورة"، ليس هو دعم السيرة الغيرية المصورة التي استنفدت جهد أكثر من باحث في أكثر من ثقافة وأكثر من لغة وإنما التأسيس لتقليد أدبي إبداعي جديد، السيرة الذاتية المصورة، يشرف فيه الكاتب بنفسه على إنطاق الصور بدل تزيين السيرة بالصور الذي يبقى هدف غيرنا.

 

 

 

 

ما بين "السيرة الغيرية المصورة" و"السيرة الذاتية المصورة" و"السيرة الذاتية المزينة بالصور":

 

الفرق بين "السيرة الغيرية  المصورة" Photo-biography و"السيرة الذاتية المصورة" Photo-autobiography  يمكن الانتباه إليه من عدة زوايا، أهمها: خاصية الكتابة من الداخل (حالة "السيرة الذاتية  المصورة" التي يشرف عليها الكاتب بنفسه) وخاصية الكتابة من الخارج (حالة "السيرة الغيرية  المصورة" التي يشرف عليها المعجبون والأتباع). 

أما الفرق بين "السيرة الذاتية المصورة" Photo-autobiography  و"السيرة الذاتية المزينة بالصور" Illustrated autobiography  فيمكن الانتباه إليه من عدة زوايا، أهمها: أولا، أن "السيرة الذاتية المصورة" تبقى كتابة أدبية  بينما تنفتح "السيرة الذاتية المزينة بالصور" على الكتابة التعليمية (سير عظماء التاريخ، مثلا) والكتابة التسويقية (سير الفنانين والنجوم والمشاهير)... ثانيا، أن الصورة محورية في "السيرة الذاتية المصورة" فهي السارد وهي الموضوع في الآن ذاته؛ فالصورة سابقة على النص لدلك كانت مولدةَ له. وهي، بدلك، غير وصفية ولا تكتفي بالتعليق. إنها تعيد عقارب الزمن ووجدان الكاتب معا إلى الوراء لإعادة الحياة إلى مجال حيوي أحاط بالصورة عند التقاطها ونفخ فيها من روحه.

 أما في "السيرة الذاتية المزينة بالصور" Illustrated autobiography، فالصورة مجرد أكسسوار ثانوي يمكن حذفه دون تأثير على بنية العمل الأدبي لأن النص، "السيرة الذاتية المصورة سابق للصورة وربما مغيب لها: فنص  السيرة هو أول ما يكتب ثم يتم البحث بعد دلك عن الصور لتوضيح illustrate المكتوب. فيما يبقى دور الفنان المنشط للكتاب بالصور animateur او الموضح لأفكاره بالصور illustrateur دورا غير هام داخل العمل لأنه لم يعايش اللحظة التي تخلدها الصورة...

 

 

 

 

نحو "الفوتو- أوتوبيوغرافيا" ، أو "السيرة الذاتية المصورة":

 

"عندما تتحدث الصورة" هي أول "سيرة ذاتية مصورة" وهي صور تحكي صورا: صور حاضرة تحيل على صور غائبة، لقطة جامدة تعيد للحياة مشهدا قابعا تحت طبقات سميكة من النسيان. ولذلك، كانت "الفوتو- أوتوبيوغرافيا" محركا لحرارة الحياة الحبيسة تحت رماد النسيان وبرودة العادة.

 

 تطلبت منا هده "الفوتو- أوتوبيوغرافيا"، "السيرة الذاتية المصورة"، ستة أشهر من العمل المتواصل ساعدنا في ذلك الفيد- باك الذي أغنى التجربة من خلال تجاوب القراء الدين اطلعوا على النسخ الأولى للكتاب عند نشره الكترونيا.  فقد صارت رؤاهم للتو مقودا للعمل قيد الإنجاز فغيرت أحيانا اتجاه العمل من اليمين إلى اليسار وأحيانا العكس من خلال التدخل في مناقشة فلسفة الكتاب وتقييم وتقويم تقنياته وانتقاد نوعية الصور المدرجة ومضامينها والمنظور الذي من خلاله تحرر التعليقات على الصور التي تبقى الموجه الرئيسي لتطور الانطباعات وتقدم الزمن ونضج الشخوص والتجربة معا.

 

ولعل الشذرية هي أهم ما يميز "الفوتو-أوتوبيوغرافيا" عكس كل المفاهيم السائدة في كتابة السيرة الذاتية الأدبية التي تنهج سبيل الخط الوحيد لأحداث منتقاة حدثت للكاتب على فترات متباعدة لتظهر حياته بلون واحد وخطاب واحد وقدر واحد فتظهر حياته، مهما طالت أو قصرت، حياة شقاوة خالصة  أو دليل  سعادة صافية، أو مسار  تشرد قح، أو مشوارا مخصصا للبحث عن المعرفة...

 

 إذا كانت الحبكة في السرد الواقعي موضوعية خارجية يتحكم فيها سارد واحد يمسك بخيوط الأحداث ويخضعها للترتيب الكرونولوجي للأحداث، فإن الحبكة في كتابة تيار الشعور ذاتية داخلية تسردها الشخوص دون الحاجة للكلام الملفوظ (تجربة ويليام فولكنر، مثلا)، فإن الحبكة في "الفوتو- أوتوبيوغرافيا"، أو "السيرة الذاتية المصورة  تجمع بين الاثنين وتضيف لهما بعدا ثالثا: البعد البصري،الصورة. ولهدا، سيكتشف القارئ في هده "الفوتو- أوتوبيوغرافيا" المقدمة بالصورة والعقدة وتطورها بالصورة والخاتمة بالصورة...

 

 

 

 

الكتابة بضمير المتكلم:

 

 في أكثر من حوار صحفي وفي أكثر من مناسبة، أشهرنا ميلنا للكتابة بضمير المتكلم لكن التزامنا بخصوصية النص وانشغالنا بمصالحة شكل النص بمضمونه قللا من هدا الميل الذي عادة ما يجد ضالته في كتابة اليوميات والمذكرات والسير الذاتية.

 

 في هده السيرة الذاتية المصورة، "عندما تتحدث الصورة"، ستتحرر الذات بالذاكرة من قيود الحكي وسطوة الزمن وإيقاعية الحياة وركام الأعباء والمسؤوليات وآلية الأجندات لتعود مع كل صورة إلى أصل الحياة. ولذلك، فقد حاولت السيرة الذاتية دائما أداء هذا الدور لكن السيرة الذاتية في أشكالها المكتوبة الموجهة بخطاب واحد محدد غالبا ما جعلت مادة الحكاية خارج سياق الحياة التي أنتجتها وبدلك صارت مادة تخييلية وليس سيرة ذاتية.

 

إن الحياة تكون حياة والواقع واقعا قبل التحرير والتدوين والكتابة. أما بعد الكتابة فتصبح تلك الحياة وذلك الواقع مشروع حياة جديدة  ومشروع واقع جديد. إن الكاتب لا يمكنه أن يكون ناقلا للواقع وناسخا له. الكاتب هو مبدع لواقع جديد ولحياة جديدة. ولن يكون في متناوله في وقت من الأوقات أن يحيد عن هدا الدور حتى ولو أراد هو ذلك. فالكاتب له زوايا نظر خاصة به ومبادئ ومواقف ومصالح ومطامح ورهانات واختيارات تتحكم في ما يكتبه فيصبح بالإمكان تحوير الواقع أو الحياة موضوع الكتابة ملايين المرات بحيث تصبح الحياة الفردية الواحدة حيوات متعددة لامتناهية: حياة تشرد في مجتمع لا مبال كما في "الخبز الحافي" سيرة محمد شكري الذاتية الروائية، أو حياة براءة ودلل كما في "في الطفولة" سيرة عبد المجيد بن جلون الذاتية، أو حياة مكرسة للعلم والمعرفة كما في "الأيام" سيرة طه حسين الذاتية... ولكن هل يعقل أن تكون حياة فردية بأكملها مجرد تشرد، أو مجرد براءة، أو مجرد علوم ومعارف؟!... هده هي خاصية الأدب: خصوصية الأسلوب والخطاب. وهذه هي وظيفة الأدب: التأثير في القارئ بخلق انطباع واحد أو متقارب لدى عموم القراء ، وهده هي قوته التي بدونها لن يبقى أدبا فينسحب فاسحا لعلوم إنسانية أخرى كالتاريخ والسوسيولوجيا وغيرها.

 

إذا كانت الصورة معادلا للحقيقة، في نسبيتها ومطلقيتها،  فلماذا لا تستثمر الصورة في الكتابة السيرية لدعم الحقيقة التي تنشدها: حقيقة المحكي وحقيقة ما جرى؟

 

إن هذه السيرة الذاتية المصورة، "عندما تتحدث الصورة"، مساهمة في التأسيس لشكل جديد من أشكال السيرة الذاتية قوامه التعليق على الصورة المرتبة كرونولوجيا، والاحتماء بالكتابة الشذرية، والعودة لضمير المتكلم، وأخيرا تسمية الأمور بمسمياتها.

 

 

(مقال منشور على صفحات "المجلة العربية"، عدد381: أكتوبر 2008، صفحة 80-81)

 

 

الرجوع إلى قائمة الأبحاث في الفن

 

 

خريطة الموقع

 

 

بَيَانَاتُ أدبية

"المدرسة الحائية"

"الحاءات الثلاث" مضامين الغد

تقديم أعمال الأصدقاء

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

شَهَادَات فِي الإبْدَاعِ وَالتّلَقي

درَاسَات سِيميَائِيَةُ للأسماء

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

الألبوم المفتوحُ

أدب الطفل

رهانات الأغنية العربية

روايات

مجاميع قصصية على الخط

مجاميع قصصية مشتركة

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

مترجمات

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

 

 

 

ALL RIGHTS RESERVED

 

 e-mail : saidraihani@hotmail.com

 

<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-arts-index.htm</title>

<meta name="description" content="أبحاث في الفن"><meta name="keywords" content="فن، فنون، تشكيل، نحث، سينما، سينيما، رقص، عمارة، مسرح، موسيقى، أغنية، غناء">