رَيْحَانِيَاتٌ

                                                           

 

 

 

أنقر على الصورة لتكبير غلاف الكتاب

 

الحاءات الثلاث

أعمال مشتركة

المدرسة الحائية

مجاميع قصصية

لقاءات مع مبدعين

روايات

 لقاءات مع الريحاني

بَيَانَاتُ أدبية

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

تكريم الأصدقاء

مترجمات ْ

قصص قصيرة جدا

درَاسَاتُ إسمية

المَكْتَبَةُ الإلكترونية

الأغنية العربية

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

أدب الطفل

الألبوم المفتوحُ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مع الريحاني في خلوته (حوارات منشورة)

             

 

 

العولمة عولمتان:  عولمة هيمنة وعولمة مساواة

 

 

 

أجرت الحوار   الكاتبة والناقدة الفلسطينية سعاد جبر

 

السؤال: يشير المنظرون في مجال العولمة والإعلام إلى أن من معطيات العولمة حالة التراجع الملحوظة في السيادة الوطنية والثقافية للدولة . ذلك أن تقنية الاتصال المعاصرة تسمح للفرد بالانفتاح على مجالات إعلامية وثقافية متعددة من دون أن يكون خاضعاً لمشيئة الدولة وسياستها الإعلامية والثقافية . هذا الانفتاح وما يقابله من تدفق معلوماتي مقصود تجاه المشاهد المستقبل لابد أن يؤثر إلى الدرجة التي يمكن معها أن يرتبط المستقبل برصيد معرفي مشترك مع المصدر"الآخر" القوي، الذي قد يؤثر في سلوكه وتفكيره أكثر من ذلك المتعلق بهويته الأصلية. ما مدى تقيمك لآماد ذلك التراجع في السيادة الوطنية والثقافية في ظل مخاطر العولمة الإعلامية، وما رؤيتك النقدية لذلك الآخر القوي في ظل العولمة الإعلامية ؟

 

الجواب: ينبغي أولا الإشارة  إلى أن "العولمة" كانت مطلبا إنسانيا ودوليا. "العولمة" كانت حلما يراود البشرية بأكملها وكان السبيل النبيل إليها هو دمقرطة الإعلام والإقتصاد. ولأن دول العالم الثالث كانت المتضرر الأول من النظام الدولي السابق ومن كل أشكال الهيمنة في القرنين السابقين، فقد كانت هي البادية و السباقة بالدعوة إلى المطالبة بدمقرطة العلاقات الدولية من داخل منظمة اليونيسكو يؤيدها في ذلك الأمين العام السابق للمنظمة المختار امبو. والمطلب هو: دمقرطة النظام الدولي اقتصاديا وإعلاميا بشكل يسمح لهذه الدول العالمثالثية بالتنمية الاقتصادية والمشاركة في تدبير الشأن الدولي. وهو في صميمه مطلب يقوم على تأسيس نظام عالمي جديد مبني على القيم الإنسانية النبيلة كالتعاون والتضامن عوض الاستغلال و المجابهات وشد الحبال... لكن المطلب أثار غضب الولايات المتحدة فانسحبت من المنظمة تجر وراءها ربع ميزانية اليونسكو وسقط ألامين العام المختار امبو وضاع المطلب في شقه الإنساني  العادل عند نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.

 لكن عندما انهار الاتحاد السوفياتي وانتصرت الولايات المتحدة الأمريكية في حرب الخليج الثـانية سنة 1991، وخرجت للعالم دركيا وحيدا مفردا للعالم ، عادت لتستحوذ على المشروع العالمثالثي "النظام العالمي الجديد" اقتصاديا واعلاميا لكنها ألبسته ثيابا إمبرياليا وأفرغته من كل محتواه الديموقراطي ونفسه العالمثالثي، مكرسة بذلك واقع هيمنتها على العالم وتبعية هذا الأخير لها ولشركائها.

 وبذلك تحول المشروع من "العولمة" كما حلم بها المستضعفون إلى "العولمة" كما يريدها الأقوياء وكما يمارسونها على أرض الواقع. وبذلك أضحى العنف المادي  والرمزي مضاعفا ، وأصبحت الهيمنة أكثر شراسة إذ لم تعد الهيمنة تقتصر على التأثير والضغط على مراكز القرار السياسي في الدول الصغرى بل تعدته إلى الهيمنة على أفراد تلك الدول مجتمعين أو منفردين،  مستفيدة من امتلاكها لوسائل الإنتاج الجديدة في الثورة الإنسانية الجديدة: وسائل الإعلام والاتصال.

 

السؤال: يدلل بعض المفكرين على مزايا العولمة الإعلامية في ظل هذه المعادلة الفكرية ومفادها:(ما يقوم به الإعلام من تشكيل أنماط معينة من السلوك الإنساني وتهميش أنماط أخرى من خلال لغة الصورة ورموزها. إذ بموجب ذلك أدركت الدول المتقدمة أهمية الأدوار التي يمكن أن يقوم بها الإعلام كبديل لممارسة الديمقراطية خصوصاً بعد ن احتلت وسائط الاتصال المساحة المخصصة لممارسة الفعل الديمقراطي، إذ أصبحت هذه المساحة هي ذاتها المخصصة للإعلام، ولذلك لم يعد الإعلام يمثل السلطة الرابعة ، بل أصبح يشغل المجال الشفاف بين الفعل السياسي والثقافي ورد الفعل الجماهيري)، في ضوء ما تنادي به العولمة الإعلامية ما هي مساحات تحقق تلك المعادلة في ضوء رؤيتك النقدية لواقع الإعلام العربي ؟

 

الجواب: الإعلام ، حتى قبل الثورة الرقمية التي لا زلنا نعيش تفاعلاتها اليوم، كان دائما حلقة رئيسية تربط  بين الحلقات الفاعلة الثلاث: حلقة القرار السياسي وحلقة الإنتاج الثقافي (بمفهومه الواسع ) وحلقة الرأي العام. ولذلك كلما تقوى دور الإعلام تعزز التواصل بين الحلقات الثلاث، وكلما همش الإعلام تناثرت الحلقات الأخرى في الفراغ وغاب التنسيق والتواصل بينهما وشاعت الإشاعة والتشكيك وعمت الفوضى.

 ولعل دور الاعلام يكشف عن شكل النظام السياسي السائد. فحيثما كان الإعلام حرا قويا، كان النظام السياسي ديمقراطيا سليما. وحيثما كان الإعلام  أحاديا لا يعرف الاختلاف أولا يسمح له به، كان النظام السياسي ديكتاتوريا. وحيثما كان الإعلام منبودا  مهمشا لا يسمح له  بالتعبير إلا عن بهجته وفرحته بالأعياد والمناسبات الخاصة، كان النظام السياسي استبداديا،على أن الفرق بين الديكتاتورية والاستبداد واضح وبين.

فإذا كان الغرب قد عرف تطورا اجتماعيا  طبيعيا في رقيه نحو الديمقراطية بدء من نظام الحكم الاستبدادي ومرورا بنظام الحكم الديكتاتوري ووصولا بنظام الحكم الديمقراطي، فإن معظم دول العالم الثالث لم تعرف بعد طعم الديكتاتورية، أي أنها لم تتخط بعد  عتبة الاستبداد كنظام حكم. إن الاستبداد نظام حكم "مزاجي" فردي متقلب... أما الديكتاتورية فنظام حكم ينبني على خلفية مرجعية (النازية، الفاشية، الستالينية...). والأصل اللغوي لكلمة "  ديكتاتورية" مشتق من الفعل "to dictate " أي أملى  درسا على متعلمين. أما الكلمة العربية " استبداد" فمن الفعل " استبد" أي لزم منصبه إلى الأبد في غنى عن كل فلسفة تلزمه بمسار من المسارات...   لذلك، ففي زمن " العولمة"، بمفهومها الأمريكي الحالي، فلا مستقبل لأنظمة الاستبداد ولا لشعوبها حيث كل حلقات المجتمع متناثرة ومتباعدة (مراكز القرار السياسي وقوى الفعل الثقافي ووحدات التنوير الاعلامي وعموم الجماهير)...

 

السؤال: يذكر جوزيف ناي وهو مسؤول سابق في البنتاغون وعميد معهد كينيدي في جامعة هارفارد حاليا في مقال كتبه بالاشتراك مع وليم جونز ونشرته "مجلة الشؤون الخارجية " في عدد أبريل / نيسان من العام 1996 كيف أنه سيكون من السهل على أمريكا أن تسيطر سياسيا على العالم في المستقبل القريب ، وذلك بفضل قدرتها التي لا تضاهي في إدماج النظم الإعلامية المعقدة ، ويبين صاحا وجهة النظر الأمريكية هذه إلى أي مدى تأثرت مفاهيم السيادة القومية تحت وطأة الاختراق الإعلامي عبر شبكات التلفزة الفضائية والإنترنت ، حيث لم يعد بإمكان الدول ذات السيادة التقليدية أن تحجب عن فضاءاتها الغزو الثقافي والإعلامي ، الأمر الذي كانت توفره إجراءات سيادية تقليدية من مثل إغلاق بوابات الحدود الجغرافية في وجه عمليات الغزو الآتية من الخارج  وقد وصف عددا من الخبراء الإنكليز هذه الظاهرة العالمية بـ القوة الناعمة التي تستطيع أن تحقق غاياتها الاستعمارية على نطاق واسع من دون أن تخلق ردات الفعل الكلاسيكية الثورية من جانب الشعوب التي تتعرض كرامتها القومية للمهانة وسيادتها للانتهاك وأرضها للاحتلال ؟ ما رأيك في تحذيرات المفكرين من العولمة الإعلامية الناعمة وخطورة دورها في تحقيق الأمركة بكافة معطياتها في عالمنا العربي؟

 

الجواب: الإعلام وقبله كانت الثقافة دائما  قوة ناعمة أو سلطة ناعمة  تسبق السلطة المادية وتمهد الطريق لها. حدث ذلك مع  بعثات التبشير بالديانة المسيحية تمهيدا للاستعمار الأوروبي التقليدي في القرون الماضية. ونفس الدورة تتكرر الآن فقط على مستوى أعلى وبأدوات أنجع وفي أوقات  قياسية  لكن الهدف واحد وهو: استباحة الآخر وامتلاكه وإكراهه على الإذعان والرضوخ...

 السلطة القادمة هي سلطة من يمتلك المعلومة ويحتكرها.المعلومة هذا  الرأسمال اللامادي هو صانع نفوذ الغد. فالولايات المتحدة  الأمريكية بلغتها الإنجليزية  تسيطر على 95% من المساحة المخصصة المخصصة لأكثر من 10000 لغة يتواصل بها سكان المعمورة، بينما تحل ثانية اللغة الألمانية ب 3.5  %،أما اللغة العربية  فنصيبها على الإنترنت 0.01%  وهي أيضا ، أي الولايات المتحدة الأمريكية، تحتكر 90%  من المعلومات حول العالم بأسره مخزنة لديها. وهي أيضا وراء  75% من المعلومات المتنقلة عبر شبكات الحواسيب عبر العالم... ربما هذه الأرقام القليلة وغيرها قادرة على ان تعطي ولو صورة مصغرة عن تحديات الغد وعن قوى الغد الجدد حيث السلطة القادمة هي سلطة من يمتلك المعلومة،  وليس  الترسانة الحربية  أو الرأسمال  البشري  أو الثروات الطبيعية أو غيرها مما نعتبرها نحن اليوم عوامل رفاهية وازدهار في زمن السلم  واوراق ضغط في زمن الشدة... 

 إزاء هذه التحديات الجديدة علينا وعلى التاريخ، ماذا أعد العرب لموعد الغد وهم لم يخرجوا بعد من الأمية التقليدية إذ لازال 65% من العرب ينتظرون  محو أميتهم الأبجدية؟  أما الأمية المعلوماتية فتبقى خارج كل الحسابات العربية  في اللحظة الراهنة. ومن يدري، ربما ، من  باب السخرية، كانت الأمية المعلوماتية مناعة لنا من الغزو القادم من شبكات الحواسيب الإلكترونية غدا !!!...

 

السؤال: يعتقد العديد من المهتمين بتأثيرات العولمة الفكرية والثقافية أن هذه التطورات الكبيرة في وسائل الاتصال والإعلام سوف تجعل العالم يتغير كثيرا ويتفاعل مع الثقافات الأخرى بحكم هذا التطور المعلوماتي الإعلامي المتسارع ، وبالتالي سوف تخرج إعلامنا العربي من بعد الأحادية في التفكير ويتفاعل مع حركة التواصل الثقافي من خلال تزويدهم بالمعلومات ولغة الانفتاح ، موفرة للجميع فرص التعلم والتثقف ضمن إطار تطوير المجتمع الإنساني ومن مزايا ذلك التطور إزالة مشاعر الاختلاف بين الشعوب وتقوية قواعد التضامن الإنساني ، ما هي وجهة نظرك تجاه تلك الرؤى المطروحة ؟ وهل تصب في إطار رؤى حقيقة تلامس الواقع أم أنها رؤى حالمة ليس لها اثر في الواقع الإعلامي على وجه العموم وإعلامنا العربي على وجه الخصوص ؟

 

الجواب: هي رؤى حالمة تماما. لكن لمادا نقرن دائما الحلم بالباطل؟ إن هدا الزمن الرقمي في صميمه حلم في حلم. والمستقبل سيكون حلما معاشا. فالاقتصاد القادم اقتصاد لامادي،  والواقع القادم واقع افتراضي والنصوص والمبادلات القادمة رقمية...  من يحرم الحلم والحرية والإبداع سيجد نفسه في المستقبل  مع النمور والدببة والفقمة   في قفص السيرك الكوني  يرتجف من اقتراب سياط الترويض. غدا،  لا مجال لواقعيي اليوم "realists!" : هده الكلمة التي حرفها كسالى تدبير الشأن العام لتماشي خمولهم وجبنهم. الغد فضاء  للمعرفة والابتكار والحرية والمبادرة لا مجال فيه لواقعية المقعدين... والغد صراع بين العولمة بمعنى "الأمركة" التي يبشر بها حفنة من أباطرة الشركات المتعددة الجنسيات و  العولمة الحقيقية التي حلم بها الإنسان طويلا: عولمة يصبح فيها الإنسان هدفا للنمو والتنمية والإنماء وليس كائنا يسمن ليستهلك ما صور له على انها بضاعة للاستهلاك...

لكن  دخول حلبة تحديات الغد ليس من قبيل الدخول إلى مباراة ودية ختامها تبادل القمصان والعناق. فللغد قيم، وقيم الغد هي: الحرية والابتكار والمبادرة. وللغد سلاح، وسلاح الغد هو المعلومة والمعرفة . وللغد قانون:  البقاء للأصلح، والأصلح هو من يمتلك المعرفة والمعلومة. اما جياع المعرفة والمعلومات فسيعيشون ليقبلوا بالإهانة تماما كما قبلوا بها عند اعتقال صدام حسين وليس لديهم من المعلومات ما يؤكد أو ينفي صحة ما يرونه على جميع شاشات أجهزة التلفاز في ربوع العالم!!! ... فإذا كان للعولمة الفكرية والثقافية تأثيرات  بفعل التطورات الكبيرة في وسائل الاتصال والإعلام  و ضغوطا رمزية  تخرج بها  إعلامنا العربي من بعد الأحادية في التفكير ، فاعتقد أن النتائج ستكون هي هده الانتفاضة: الإيمان بالحرية والإبتكار والمبادرة كقيم للغد، والحق في الحصول على المعلومة والمعرفة، والاستعداد للمعركة الفاصلة بين المفهومين الاثنين للعولمة: "العولمة المهيمنة" و"العولمة العادلة"...

 

السؤال: توجهت رؤى النخبة المثقفة في عالمنا العربي بشأن العولمة الإعلامية الناعمة إلى طرح تلك الحلول في مواجهة الاختراق العالمي اللامتناهي ومفاد حلولها الأتي " إن المخرج الإيجابي الذي نعتقده هو الانفتاح الإعلامي المتوازن المصحوب بالتفاعل مع الجديد القادم ، واستيعاب النظم المتطورة وإدماجها في وسائلنا الإعلامية وتأهيل الكوادر الوطينة ،وإعطاء المساحة للحرية الإعلامية في مجال التناول والنقاش في قضايانا ، وهذا هو الرهان الذي يمكن الاستناد إليه في مواجهة الاختراق الإعلامي الكبير".  ما مدى تقيمك الناقد لذلك الرهان في فك حالة التأزم التي يواجهها واقع الإعلام العربي تجاه تحديات العولمة الإعلامية .

 

 الجواب: "العولمة"  مرحلة من مراحل نمو المجتمع الدولي قاطبة لدلك لا يعقل الوقوف في وجهها وعرقلتها أو مقاومتها. ولكن العولمة اليوم عولمتان: "عولمة عادلة" وهي مطلب الدول والشعوب المقهورة، و"عولمة ظالمة" وهي سلاح في يد حفنة من مالكي كبريات الشركات العالمية... لدلك، فالحديث عن "العولمة"  يقتضي أولا وقبل كل شيء اكتمال التصور عن "العولمة القائمة" وهي عولمة الهيمنة وتسليع كل شيء قصد الربح السريع، ثم عن "العولمة البديلة" وهي الشكل العادل والأنسب لأغلب مجتمعات وشعوب العالم ومنها الدول والشعوب العربية...

فبما أننا في قلب "العولمة" فينبغي لنا أولا ، ونحن منساقين مع  سيلها العارم، أن ندرك فلسفتها العامة و أسلوبها في العمل لترشيد طاقاتنا  وتوفير جهودنا في سعينا للنجاة... فـ"العولمة" كأعلى المفاهيم التي وصلتها الليبرالية المحدثة تنبني في شقها الإعلامي(= النظام العالمي الجديد للإعلام والاتصالات)  على مبادئ حقوقية: حرية الصحافة، الحق في الاتصال والتواصل... وهي، أي وسائل الإعلام والاتصال، توظف لفائدة التربية والتكوين والتعاون والتضامن والسلم والحرية. وهي مبادئ لا مجال للهرب والتهرب منها نظرا  لقيمتها المزدوجة: المصالحة مع الذات أولا ثم ضمان موطئ قدم بين دول وشعوب الغد ثانيا وذلك من أجل تكريس وسائل الإعلام ، ليس خدمة لإذكاء الفرقة والخصامات مع الدول الشقيقة  المجاورة، ولكن من أجل الحرية والسلم والتعاون والتضامن والقيم الإنسانية العليا... وإذا ما تبنينا هذا الهدف وجب العمل على تعبيد الطريق لتفعيله أولا ثم تحقيقه على أرض الواقع  بعد ذلك.
 ربما كان من الأجدى التذكير بالمبادئ الأربعة المتحكمة في كل فعل معقلن ذي أهداف محسوبة: فالمبدأ الأول هو مبدأ الوعي بالأزمة، المبدأ الثاني هو إرادة تغييرها، المبدأ الثالث هو  تصور واضح لكيفية إدارة التغيير واختيار الأدوات وتسيير الأشغال، والمبدأ الرابع والأخير هو تحقق الإنجاز على أرض الواقع...

إن الوعي بالأزمة يقتضي الوعي باختلاف واقع القرن الحادي والعشرين عن واقع القرون السالف، إذ انتقلت المنافسة من الرأسمال المادي إلى الرأسمال المعرفي، وبأهمية المعلومة والمعرفة والبحث العلمي. ولأن البحث العلمي في العصر الرقمي ميزانيته مرتفعة إذ أن الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها تخصص 3  %من ميزانيتها للبحث العلمي وهو ما يفوق ميزانيات الدول الإفريقية مجتمعة عشرات المرات! ولذلك فالوعي بالوحدة العربية قد قد يفيد في تجاوز معضلة تكاليف ميزانية البحث العلمي كما قد يفيد في تسهيل التبادل الإعلامي والثقافي بين الأقطار العربية...

أما الإرادة السياسية فينبغي أن تبدأ بفسح المجال للحريات العامة والتخلي عن سلاح الرقابة على الإعلام والاعتراف للقارئ بالحق في المعلومة و للمواطن بحق المواطنة ورفع اليد عن المؤسسات الرسمية والجماهيرية لكي تستعيد مصداقيتها ومشروعيتها...
  وأما التصور الواضح للمشروع المستقبلي فضروري قبل الشروع في أي اختيار وحتى يسهل العمل . إذ كلما كانت الصورة الكبرى واضحة سهل على التفاصيل أن تأخذ مكانها وأن تتعرف وظائفها داخل النظام العام دون كبير عناء...
 أما المبدأ الأخير وهو مبدأ "تحقق الإنجاز" فهو بمثابة حكم نهائي على كل المبادئ السابق اعتمادها في عملية الإعداد هذه. وهوالدليل الحاسم والواضح والمرئي على نجاح التخطيط أو فشله... فإما كيانا من ورق  ينتظر من يلقي به في سلة القمامة إما وجودا فاعلا ومتفاعلا يستحق اسما ونشيدا وعلما وطنيا.

 

السؤال : تتوجه بعض الآراء في مجال استشراف المستقبل الإعلامي العربي بالآتي " لابد من توفير قيادات إعلامية في كافة صوره تتسم بالبعد العلمي الأكاديمي في التخطيط والإنجاز ، وتتشكل لغة تفكيرها في لوحة إبداعية من تجليات وعشق المنجز الأبتكاري في لغة الإعلام ، وتتفانى في تقديس الحرية والمصداقية معا في كل أبجدياتها في عين إنسانية تنبذ مفردات الاستبداد وتعشق حروف الإبداع كيفما كان وأينما حل ؟ ما تقيمك لتلك الآراء في ضوء لغة استشراف المستقبل؟ 

 

الجواب: خارج تجديد النظام العربي ليتماشى مع النظام العالمي ويفعل فيه بنفس الدرجة التي ينفعل بها، لا يمكنني أن أستبشر خيرا بأي مبادرة على أرض الواقع في البلدان العربية. بالفعل إن الحاجة إلى نظام إعلامي عربي جديد يقتضي قيادة إعلامية تسهر على التسيير التـأطير والتنسيق والتوجيه . لكن شكل وصول هذه النخب إلى هذه القيادة لن يكون ديمقراطيا مشروعا. ستتدخل الدولة بمنطق التعيين الثابت تماما كما تفعل في مؤسسات أخرى دينية وثقافية وغيرها "لتعين" رجالها قياديين على الإعلام مرة أخرى وتريح وتستريح...

                                       

 

 

العودة إلى صفحة الحوارات الأدبية

 

 

خريطة الموقع

 

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

بَيَانَاتُ أدبية

"الحاءات الثلاث" مضامين الغد

 روايات

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

درَاسَات سِيميَائِيَةُ للأسماء

رهانات الأغنية العربية

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

أدب الطفل

مجاميع قصصية على الخط

الألبوم المفتوحُ

تقديم أعمال الأصدقاء

مجاميع قصصية مشتركة

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

 

 ALL RIGHTS RESERVED

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

saidraihani@hotmail.com

Description : ENOTE

 

<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-interview-index.htm</title>

<meta name="description" content=" interviewsavec l’écrivain Marocain Mohamed Saïd Raïhani, interviews with Moroccan writer Mohamed Saïd Raïhani, حِوَارَاتٌ  مع الباحث والقاص والمترجم المغربي محمد سعيد الريحاني- ثقافة الحوار">

<meta name="keywords" content=" ثقافة الحوار