رَيْحَانِيَاتٌ
"أربعون
40
حوارا مع
مُحَمّد
سَعِيد
الرَّيْحَانِي"
سلسلةُ
حوارات شاملة
أجراها
الشاعر
المغربي أنس الفيلالي
من
معركة "وادي
المخازن"
العظيمة
إلى
المعارك
الثقافية
الجانبية
سؤال: أنت
تعتبر دائما
مدينة القصر
الكبير
نموذجا مصغرا
للمغرب. لماذا؟
جواب:
مدينة القصر
الكبير هي
أقدم حاضرة في
المغرب
مازالت قائمة
كما ذهب في
ذلك المؤرخ
عبد العزيز بن
عبد الله.
ولذلك، فهي ميكروكوزم
المغرب
ومورثة
جيناته
الوراثية
وحافظة أسراره.
فما يحدث في
مدينة القصر
الكبير،
يحدث في كل
أرجاء المغرب.
القصر
الكبير هو
مسرح تمثل على
خشبته أحداث
المغرب.
وعليه، فمن
فهم سير أمور
اللعبة في
مدينة القصر
الكبير، فهم
كيف تسير
اللعبة في كل
البلاد ومن
فاته العرض الأصغر
في المدينة
فاته العرض
الأكبر على المستوى
الأكبر...
لقد
تطور العرض
المسرحي إلى
درجة صار معها
الناس على أرض
الواقع
الموازي له
يتحركون بالتعليمات.
فبأمر "المخزن"
أحد الصديقين
بالانفصال عن
بعضهما
البعض، ينفصلان
ولو كانا أصدقاء
الطفولة.
سؤال: هل
هذا ما حدث
معك؟
جواب: نعم،
ومع العشرات
من "قدماء"
الأصدقاء ممن
خرجوا من الذاكرة
والوجدان...
سؤال: هل
كنت هدفا
لتحركات
معادية من قوى
بعينها بالمدينة
بسبب نشاطاتك
الثقافية؟
جواب:
الكِتابُ إذا
صدر، صار
مرجعا مهما
حاول المتآمرون
التقليل من
شأنه. بل إن
الكتب التي
أحرقت في زمن
الأباطرة
والحكام
المتشبعين
بروح
الألوهية والعظمة
والرأي
الواحد، تلك
الكتب صارت "مقررات
دراسية" في
نفس المكان
الذي أحرقت
فيه. كما أن
الكتب التي
منعت واحتجزت
وصودرت، صارت
مثالا للحرية
والجرأة. فللأفراد
منطقهم وللتاريخ
منطقه ومنطق
التاريخ هو
دائما
المنتصر...
أقول
هذا وأنا
أتذكر
ابتسامة
السخرية التي
كانت تتمكن
مني وأنا أنصت
لآخر أخبار الحزايبية
والنقايبية
والمثاقفية
ممن تصيبهم
أخبار
إصداراتي ب"الصعق"
الكهربائي
فيخرجون
هائجين
لتوجيه ضربة
استباقية
ينفثون فيها
حقدهم الدفين
لشخصي
وكراهيتهم
الثابتة
لنجاحاتي
وعداوتهم غير
المبررة
لصمودي؛
فينتزعون
العهد
المتجدد من
المجتمع
السياسي
والمدني
بالاستمرار
في تطويقي، ثم
يهجمون على
البؤساء من
رواد المقاهي
الذين
ينتظرون من
ينقل لهم
أخبار ما يجري
في العالم
وأخبار ما
يجري في بيوتهم
التي لا
يزورونها إلا
بعد نوم جميع
من فيها تلافيا
لمتطلبات
الكبار
والصغار...
سؤال: وما
الذي يقلق
سياسيي
المدينة في
نشاطاتك؟
جواب: الناس
هنا يقلقها
نجاحي، إنها
تخاف حضوري ونشاطاتي
وترى في الأمر
أمرين:
نجاحا لي وحدي
وليس لأحد
غيري، ونقطة
إضافية لي على
حسابها. وهي
بالمناسبة
مؤسسات حزبية
ونقابية وثقافية
بالمدينة
وعينها على من
أنار المشعل بدون
إذنها. ولعل
ما يرعبها
أكثر هو جهري
بمواقفي ضد
الفساد العام
الذي لا
يستثنيهم...
سؤال: البعض
صار يتحدث عن
عقدة بدأت
تتشكل لدى
المجتمع
السياسي
بالمدينة
اسمها "عُقْدَةُ
الرَّيْحَانِي".
جواب: في
علم النفس،
تطالعنا عقد
من قبيل "عقدة
إلكترا" و"عقدة
أوديب"
وغيرهما. وفي
مجال
السياسة،
تطالعنا عقد
من قبيل "عقدة
العصافير"
حيث تُشل
أجنحة
العصفور من
شدة الخوف
وهول الصدمة
لدى رؤيته
للأفعى التي
تلتهمه
بسهولة بعد
ذلك. وفي
مدينتي، أوجد
"العبازفة"
لأنفسهم عقدة
جديدة طوروها
بأيديهم
وأعطوها اسما
هو: "عقدة
الريحاني".
فقد صار أي
شيء موقع باسم
محمد سعيد
الريحاني أو
بطلب من محمد
سعيد
الريحاني يُعارَضُ
ويُقاوَمُ
ويعرقَلُ ولو
كان في مصلحة
المعارضين
والمقاومين
والمعرقلين!...
سؤال: هل هي
ضريبة لا بد
لكل فاعل
ثقافي أن
يقدمها
لفائدة الوطن؟
جواب:
ضريبة خريج
الجامعة هي "الخدمة
المدنية"
لمدة عامين
وضريبة غير
خريج الجامعة
هي "الخدمة
العسكرية"
لمدة عامين.
أما المثقف
فعليه أن يقدم
على الأقل
ضريبة واحدة
في العمر وله
أن يختار
ضريبته
لفائدة وطنه.
وقد اخترت ضريبتي
وأديتها وآمل
أن يتقبلها
مني الوطن بالرضا...
سؤال: لماذا
تُحاربُ؟
جواب:
حوربت
لإصراري على
حريتي. إنهم
يريدون "امتلاكي"
من خلال
توجيهي لما
يخدم مصالحهم
أو مصالح "مُشَغِّلِيِهِمْ"...
قاومت
كل محاولات
استقطابي
واستدراجي
إلى أوساط
الفساد
المؤسسي بكل
ما أوتيت من
قوة وصلابة.
فقد رفضت
تشييئي
وتذويبي في
مصالح
وَضِيعَة
وَضَمِّي إلى
"كائنات
اقْهَايْوِيَة"
مدى الحياة:
كائنات
تتزاور في
المقاهي وتتآمر
من المقاهي
وتتكالب على
المقاهي.
ولذلك، بدأت
الحرب الأولى
ضدي بقيادة
حزبين: حزب "الشُّوكَة"
وحزب "الفْلُوكَة".
لكن سرعان ما
انضم إليهما، بفعل
التنسيق،
حزب "الصعاليك"
وحزب "العُذرِيَة"
وحزب "العصر
الحَجَرِي"...
لكن ما
أن انضمت
السلطة إلى
معاداتي بعد
إصداري لمقال
حول تفجيرات 16
ماي 2003 حتى
استقوت الأحزاب
المعادية لي
لعدم توفرها
لا على ملفات
تعزز بها مواقفها
ولا قضايا ولا
أفق ولا موارد
إذ صارت تؤدي
فواتيرها ل"السلطة
المخزنية"
ب"العض" على
سيقاني...
سؤال: ومن
هو حزب "الشُّوكَة"؟
جواب:هو
حزب يقدم نفسه
بنقيض
شعاراته.
سؤال: ومن
هو حزب "الفْلُوكَة"؟
جواب:هو
حزب يقدم نفسه
بحجم أكبر من "القارِب"
الذي يقيم فيه
بعدما لفظته
كل العناوين
الأرضية.
سؤال: ومن
هو حزب "
الصعاليك"؟
جواب:هو
حزب اجتمع بين
أحضانه الصعاليك
الذين لا
ينظمون الشعر
ولا يقرؤون
الشعر ولا يهتمون
بالشعر كما
فعل أسيادهم
القدماء من "صعاليك
العرب".
سؤال: ومن
هو حزب "
العُذرِيَة"؟
جواب:هو
حزب "ثَيّب"
لا زال يحاول
إقناع ضحاياه
من المواطنين
بِ "عُذْريته"...
سؤال: ومن
هو حزب "
العَصْرِ
الحَجَرِي"؟
جواب:هو
حزب وصله
أخيرا خبر "اكتشاف
النار"...
سؤال:
لننتقل الآن
إلى الجانب
الثقافي في
الأزمة، لماذا
لا تحضر
الأنشطة
الثقافية
بمدينة القصر
الكبير؟
جواب: أنا
لست متعطشا
للأضواء
والمايكروفونات
وأشعر الآن
بما يشبه
التخمة من كل
ذلك الذي يلهث
الكثيرون
لمعانقته. أنا
أشترط لقاء
حضوري فتح
ملفي كاملا كي
أعرف لماذا
حدث لي ما لم
يحدث لغيري في
تاريخ
المدينة،
ولماذا تكالب
علي الجميع من
سلطة مخزنية
ومجتمع سياسي
ومدني ممن
صككت لهم صفات
على وزن "امخازنية"
أو "امفاعلية"
وهم "الحزايْبية"
من الدخلاء
على العمل
السياسي و"النقايْبيَة"
من المتطفلين
على العمل
النقابي و"المثاقْفية"
ممن حشروا
أنوفهم في عمل
ثقافي أكبر من
حجمهم
وتطلعاتهم...
إن
عقابا دام
عقدا من الزمن
لا يمكنه
المرور بهذه
السهولة نحو
مهاوي
النسيان. لا بُدَّ
من رفع ستائر
المسرحية
لأطلع عليها
كضحية ويطلع
عليها العموم.
هذه هي رسالتي
للمجتمع
المدني
والسياسي. أما
الجهات
الرسمية، فقد راسلت
وزاراتها
وبعثت
لمسؤوليها
برسائل بحجم
كتابين
طُبِعَا
وَخَرَجَا
للأكشاك ولم تتململ
ولو وزارة
واحدة من
الوزارات
المخاطبة والمعنية
بأمر أزمتي
وهو ما يدل "بالواضح"
على صمت يشي
بالرضا بما
يحدث لي من "تنكيل
مؤسسي" على
كافة
المستويات
وعلى كل
الواجهات...
سؤال: وهل من
دليل على ضلوع
الفاعل
الجمعوي في
المجال
الثقافي في
موضوع أزمتك؟
جواب: مشاركة
الفاعل
الجمعوي في
حملة معاقبتي
أكيدة وموثقة ولا
حق لأحد منهم
في التمثيل
ببراءته من دم
الضحية.
لا
مناص من "الاعتذار
العلني"
الذي يعني
تغيير طريقة
التفكير غير
الثقافي
للجمعيات
المنسوبة إلى
الثقافة. وإلا
فمن الأفضل
نسيان موضوع
حضوري لأي
نشاط ثقافي أو
سياسي أو
نقابي في هذه
المدينة...
الاعتذار،
الاعتذار ولا
شيء غير الاعتذار.
وما دون ذلك،
سيؤبد واقع
الحال. وليعلم
الجميع بأن من
قاطعهم لمدة
عشر سنوات،
قادر على
مقاطعتهم لخمسين
سنة قادمة...
سؤال: ما
الذي يعنيه
تغيب نخب
المدينة
الثابت عن أنشطتها
الثقافية؟
جواب:
الجواب تجده
عند الفاعلين
الجمعويين
بالمدينة فهم
يعلمون علم
اليقين ما
الذي يعنيه
التغيب
المتكرر
لمثقفي
المدينة عن
أنشطتها "الثقافية"
والتي
يُسْتَدْعَى
لها البعيدون
قبل القريبين،
وَتُسْتَدْعَى
لها العامة
قبل نُخَبِ المدينة
وذلك لحسابات
مُوِغَلٍة في
الصِّغَرِ...
سؤال: هناك
أحاديث عن
امتداد الحرب
ضدك إلى حد
استخدام الشَّبيهِ.
هل هذا صحيح؟
جواب:
لأنني أقاطع
حضور الأنشطة
الثقافية
بالمدينة منذ
2003، فقد دأبت
بعض
الجمعيات،
حين وجدت نفسها
في وضع حرج مع
الضيوف أولا،
ومع الحضور ثانيا
لدى تأكدهم من
مقاطعة من
يفترض فيهم أن
يكونوا أول من
يحضر ويشارك،
إلى
الاستفادة من
تخريجات
أفلام
هوليوود وبدأت
تستدرج إنسانا
لا علاقة له
لا بالأدب ولا
بالنقد الأدبي
وهو يعمل
أستاذا
للرياضيات في
إحدى إعداديات
مدينة القصر
الكبير
لحضور
أنشطتها
الثقافية،
وشرعت تعتني
به عناية خاصة
لسبب ربما لم
يخطر حتى على
بال الأستاذ
نفسه، الذي
صار أداة في
يد المنظمين
يؤثثون به
فضاءهم
التنظيمي
ليعطوا
الانطباع بأن
مثقفي المدينة
تخلوا عن
مقاطعتهم
وانخرطوا في
الإطار الجمعوي
البديل و"العام
زين". أما
السبب وراء
الاعتناء
بهذا الأستاذ أيام
الأنشطة
الثقافية فقط
دون غيرها من
أيام السنة
الثلاثمائة
والخمسة
والستين يوما
فيعود لكونه "شبيهي"
مائة في
المائة!...
ولقد كنت أنت
ممن صُدِمُوا
لرؤيتي حاضرا
في نشاط ثقافي
مؤخرا بينما
أنا أقاطعه،
وتمكن منك
الفضول وحب الاستطلاع
فسألت أحد
الحاضرين إن
كنت أنا ذاك
الجالس هناك
داخل القاعة
رغم أنك
تعرفني أكثر
مما أعرف
نفسي. ولم
تطمئن إلا
بعدما حصلت
على الجواب
وعرفتَ بأنه "شَبِيهِي"!...
وهذه
ليست الصيغة
الوحيدة في
استعمال الشبيه،
التي دأبت
عليها
المجتمعات
السياسية
والمدنية
بالمدينة،
فقد سبق أن
لجأ بعض ضعاف
النفوس
مدفوعين من
قبل أسيادهم
في إدارات "المخزن"
سنة 2008 إلى
استعمال صحفي
شاب يحمل نفس
اسمي الشخصي
والعائلي
ويعمل في
جريدة يومية
مغربية
وبدؤوا
يَمُدُّونَهُ،
بحكم علاقة
المراسلات
الصحفية التي
تربطهم،
بمقالات
مسيئة عن
مدينة القصر
الكبير على
أن ينشرها هو
على صفحات
الجريدة
اليومية التي
يعمل بها موقعة
باسمه الذي
يعادل اسمي
كي تُثَار لي
القلاقل في
مدينتي. وهذا
ما حدا بي إلى التحرك
العاصف الذي
على بال
الجميع ممن
تتبعوا
مجريات القضية
في حينها...
سؤال: هل
لهذه
السلوكيات
الجمعوية
جذور تعود إلى
ممارسات
جمعوية قديمة
مرت من مدينة القصر
الكبير وتركت
بذورها؟
جواب: "الموت
فوق الكرسي"
و"العداء
لمبدعي
المدينة"
مفاهيم قامت
عليها كل
الجمعيات
السابقة. واليوم،
تتأسس جمعيات
أخرى ممن
عانوا من سطوة
الجمعيات
السابقة، لكن
فقط لإعادة
إنتاج نفس التجارب
مع إضافة
بسيطة ظهرت
مؤخرا تجلت في
استلهام
تجربة ربات
البيوت في
تنمية مصروف
الجيب. وهذه
التجربة هي "دَارْتْ"
لكن في حلة
ثقافية...
سؤال: ألا
تعتقد بأن
الجمعيات
الثقافية
تبدأ في التشكل
والتحرك قبل
حتى التأكد من
رساميلها؟
جواب: الرساميل
الممكن
استثمارها في
العمل
الجمعوي
ثلاثة وهي: الرأسمال
المادي
والرأسمال الرمزي
والرأسمال البشري.
فبينما يعتمد
الرأسمال الرمزي
على هالة
الإجلال
والاحترام
المستمدة من
تاريخ
أصحابها
وجاههم
وباعهم
الطويل في
مجال من
المجالات، يعتمد
الرأسمال المادي
على التسيير
عن بُعْدٍ
بَعْدَ ضَخِّ
الأموال في
صندوق
الجمعية،
فيما يعتمد
الرأسمال البشري
على
الاستثمار
العددي
للمنخرطين
لأداء الأدوار
وإنجاح
المهمات...
ولسوء
الحظ، أغلب
الجمعيات
التي عرفتها
المدينة لحد
الساعة ترتكن
للرأسمال
السهل، الرأسمال
البشري،
لفقرها ماليا
ورمزيا وهو
ما يفسر تلك النهايات
الفجائعية
سواء تلك التي
عاشتها
الجمعيات التي
لفظت أنفاسها
منذ زمن أو
تلك التي لا
زالت حية
ترمش...
سؤال: هل
يتعلق الأمر
بخط ذي خصوصية
يجمع شَمْلَ تلك
الجمعيات؟
جواب: بعض
الجمعويين
ممن يحملون
معهم ندوبا
وجروحا جراء
الإقصاء
والتهميش
الذي مورس
عليهم في تجارب
جمعوية
سابقة،
يؤسسون
إطارات
ثقافية
جديدة، لكن
فقط لإثبات
الذات ومعاقبة
من هَمَّشوهم
في السابق،
ولسان حال تأسيس
الإطار
الجمعوي
الجديد يقول: "العين
بالعين والسن
بالسن
والبادئ أظلم"...
في كل
الأحوال، الإطار
الثقافي في
المدينة تحكمه
ضوابط خارجة
تماما عن
الولاء
للثقافة. وإلا
فكيف تستقبل
الإطارات
الثقافية
الإصدارات
الجديدة
والوجوه
الجديدة
بالسيوف
والخناجر؟
ماذا
يخدمون، إذن،
إذا كانوا لا
يخدمون الثقافة
بشكلها المجرد
والمتعالي عن
كل المصالح
الفردية الواطئة؟
سؤال: ألا
ترى بأن هذا
يدعم نظرية
ذيلية العمل
الثقافي في
مدينة القصر
الكبير
خصوصا والمغرب
عموما؟
جواب:
الإطارات
الثقافية
الجمعوية أول
ما تستشيره
ليس المثقف
وإنما السياسي،
ولا يهمها رسم
خط ثقافي
للإطار
وإنما يهمها الدعم
السياسي
والمالي...
لكن الدعم
من أجل ماذا؟
يبدو
هذا السؤال
طفوليا
وبريئا، ولكن
الجواب الذي
يتوقعه بليغ
للغاية.
فالجمعيات
الثقافية،
شأنها شأن
النقابات
والأحزاب،
ساهمت في حملة
معاقبتي
وقبلت بلعب
دور "المخازني"
ذي القناع
الثقافي. وكان
هذا هو ثمن
الدعم المالي
والسياسي
الذي لا تقوله
الجمعيات
الثقافية
للعموم...
إن
الجمعيات
الثقافية
تسعى أول ما
تسعى إليه هو
الدعم
السياسي
والرعاية السياسية.
وبذلك، فهي،
أولا، تلغي
استقلالية
العمل
الثقافي؛
وثانيا، تقر
بقبول لعب دور
اليد اليسرى
في التناوب على
معاقبة
الأحرار من
المثقفين
وباقي المواطنين...
وأغلب
الإطارات
الجمعوية
بالمدينة
سارت على هذا
النهج.
الفاعل
الجمعوي، في
المدينة كما
هو في كل
أرجاء
البلاد، هو ذيل
السياسي
وتابع له في
قراراته
لكنني أتساءل:
- ما هي
القيمة
المضافة التي
تحملها هذه
الجمعيات
الثقافية وهي
تعيد إنتاج
الكساد
السياسي
والعلاقات
البائدة التي
هدمته؟...
سؤال: هل
المقصود بأن
الجمعيات
الثقافية
بالمدينة هي
جمعيات بلا
سند فكري وبلا
خط ثقافي
مستقل؟
جواب:
عندما تتأسس
الجمعيات
وتتأكد بأنها
حازت على
الدعم السياسي
وباقي أشكال
الدعم المادي
الأخرى، يجد
أعضاءها
أنفسهم
أيتاما بلا
فكر ولا
رأسمال . ولعل
أنشطتهم تفصح
عما أقوله الآن...
وما هي
هذه الأنشطة؟
هي إما
لعبة "دَارْتْ"
كما تداوم
عليها ربات
البيوت
وصغار
الموظفين
والمستخدمين
لتحريك مصروف
الجيب يداوم
عليها بنفس
الطريقة الجمعويون
بحيث يُخصص
هذا النشاط
الكبير للعضو
الأكبر سنا
والنشاط
المتوسط
للعضو الأوسط
سنا. أما النشاط
الصغير
فللعضو
الأصغر سنا،
أو هي "دروس
التقوية"
ينشطها أساتذتهم
في الكلية أو
هي "دردشة"
حول كتاب لم
يقرأه أحد لا
من الحضور ولا
من المنظمين،
دردشة تحيل
الكتاب موضوع
اللقاء إلى "نص
انطلاق" Un texte déclencheur
للحديث عن
أمور أخرى من
بينها الدعوة
إلى نشاط آخر
قادم...
إن هذا
"السيرك"
الجاري به
العمل جمعويا
منذ سنين في
المدينة لم يعد
مقبولا لأنه
بكل بساطة لا
يؤدي إلى أي
أفق…
سؤال:
لماذا هو "سيرك"؟
جواب: لأن
الأمر يتعلق
بِلَعِبٍ في
لَعِبٍ!...
فلا
مجال للعمل في
الأنشطة
الثقافية
بالمدينة.
ليست هناك لا أوراش
مفتوحة
لرعاية ناشئة
الأدب ولا موقع
إلكتروني
للتواصل مع
الزوار من
ساكنة
المدينة
وخارجها ولا انفتاح
على المؤسسات
التربوية
بالمدينة لربط
جسور التواصل
بين الدرس
التربوي
والعمل
الثقافي ولا
أي شيء من أي
نوع. فحين
تحدد المصلحة
الشخصية قبل
تأسيس
الجمعية
الثقافية
وقبل تكوين
المكتب، آنئذ
عليك مني
السلام يا أرض
أجدادي. ولعل
آخر تخريجة من
هذه
التخريجات
العجيبة هي
لعبة "تسمين
الأسماء
الأدبية" من
بين أعضاء
الجمعية
لدفعها
للواجهة ك"رمز"
للجمعية
الثقافية
تماما كما
تفعل "مصانع الجبن"
حين تبادر
بتعليق صورة
ل"رأس بقرة
ضاحكة" فوق
مداخلها!...
لعبة
"تسمين
الأسماء
الأدبية التي
لم تكتب يوما
غير اسمها
وتوقيعها على
الوثائق
الرسمية" لم
تبدأ بشكل
مؤسسي في
المدينة إلا
مؤخرا. وهي
لعبة يتم
بموجبها
إعداد
المرشحين
لتقبل فكرة
الطبع والنشر
في أفق إكمال
صورته للهجوم
على الأحرار
من مثقفي
المدينة. وهذا
ما تم مع "عَبْزْفْ"
قبل حتى نشره
لإصداره
الأول إذ صوب
سهمه الأول
(أو نصّه
الأول، لا
يَهمّ) إلى
صدر الضحية الأولى،
وهو
بالمناسبة فاعل
جمعوي مخضرم
قابل دعوة "عَبْزْفْ"
لقراءة نصوصه
بجفاء
استثنائي.
وبينما
تحمل الضحية
الأولى العنف
الرمزي
الكبير الذي
خصها به "عَبْزْفْ"
صاحب نص "السوبرمان"
بتزكية من
أياد وأسماء
روجت له ونشرت
له النص بدافع
تصفية حسابات
قديمة، تشجع "عَبْزْفْ،
القرد الهجاء"
وانقض عليَّ
في سابقة لم أعرف
لها مثيلا من
قبل وخصني بما
خص به الضحية
الأولى فكان
أن خُسِفَتْ
به الأرض وغير
طريقة تفكيره
بالكامل وبدل
زاوية نظره
بنسبة مائة
وثمانين درجة
وأنكر لعموم
المستفسرين
اليومَ الذي
خطَّ فيه قلمه
ذلك النصّ
الهجائي...
أما
اليوم، فهناك
رجل آخر يتأبط
"ديوان شعر"
خصصه لهجائي
بدءاً من "العنوان"
ووصولا إلى "آخر
قطرة سُمٍّ في
الديوان".
وهو الآن
يقرأ ردود
أفعالي "القوية" اتجاه
نظرائه من "العبازفة"
وفي نيته
هجائي مع
ضمانة خروجه
سالما دون كسر
عظم من عظامه.
وأنا الآن
متأكد بأنه
يقرأ، من باب
توفير الوقت،
تداعيات
صدور "ديوانه"
قبل حتى
صدوره: إنه
يقرأ "طالعه
الفلكي"
ويرى بأم
عينيه سيل
الصخور التي
ستنهال على رأسه
كما هو مآل "آل
عَبْزْفْ"
في كل مكان
وزمان...
إن هذه
هي الخاصية
الثقافية
الرئيسية
المميزة لمغرب
الألفية
الثالثة: جثت تجيد
تركيب جمل تقف
مجندة في
العمل
الثقافي ضمن
أجندة تتجاوز
الثقافي
لخدمة ذوي
البدلات
السوداء
والنظارات
السوداء
والقبعات
الواقية
للوجه من ضوء
الشمس مقابل
البقشيش وما
يجود به "الكرام"...
سؤال: يبدو
أن لكم قصة واقعية
مع أحد هذه "الأسماء
المسمنة"
حديثا تحولت
في الوقت نفسه
إلى قصة
قصيرة؟
جواب: تفشي
الأمية وتدني
التعليم
وترسب البلاد
في قاع
التصنيفات
الدولية
للقراءة
والتنمية يجد
أفضل تجل له
في ممارساتنا
وخطاباتنا "الثقافية"
وخصوصا في
ظاهرة الخلط
بين المثقف
والأستاذ
الموظف في
وزارات
التعليم
بأنواعها،
بين القارئ
والتلميذ،
بين الكاتب
والفاعل
الجمعوي... وقد
تحملت "طواعية"
مسؤولية
التفكير بجدية
في الأزمة
وتفكيكها
ورصد مكامن
الخلل وفضح
النوايا التي
تدفع "الخلاطين"
دفعاً من "وصولية"
تارة
و"جهل"
تارة أخرى...
ظاهرة
أخرى منتشرة
وهي أن كل من
أصدر مجموعة قصصية،
صار محمد
زفزاف!...
فقد
أصدر أحد
الموظفين في
قطاع التعليم
ممن شارفوا
على التقاعد أول
مجموعة قصصية
في حياته كتب
كل نصوصها قبل
النشر بشهور
معدودة
وجَنّدَ لها
تلاميذ
المدارس
وطلبة
الجامعات
لمواكبة
إصداره ونشر
المتابعات
إليكترونيا
وأقام حفل
توقيع على
شرفه وصرف من
جيبه على
النشاط ثم خرج
يصرح لغيره
قبل نفسه:
-
"ما الفرق
بيني وبين محمد
زفزاف، الآن؟!"
وفاته
أن يعلم بأن
فقيد القصة
القصيرة
المغربية
الأديب
الكبير
الأستاذ محمد
زفزاف الذي
أفنى "كل
عمره"، وليس
فقط الأشهر
المعدودة
التي تسبق
تقاعده
المهني، في
خدمة القصة
القصيرة لم
يقارن نفسه
أبدا بغيره
فكان "عملاقا"
شامخا في
سماوات الأدب
الوطني
والعربي
والعالمي
بينما سيظل هو
"قزما" هجاء
لا ينظر أبدا
إلى قامته
ووجهه
وتفاهته...
سؤال: هل هذا
حال ومآل
المثقفين في
كل مكان؟
جواب: المثقف
الذي قرأت عنه
قبل قراري
الدخول إلى
عالم الفعل
الثقافي يبدأ
مشواره
بإعلان موقفه
مما يجري
حوله. أما المثقف
المفترى عليه
الذي أراه
أمامي من "عبازفة"
العصر فيبدأ
مشواره بحملة
كبيرة لتأسيس
جمعية تخليدا
لتقليد "دَارْت"
الذي فتح عليه
عينيه كمورد
من موارد
الرزق
الدّوري
التي يواظب
عليها
الموظفون من
ذوي الدخل المحدود،
وربّات
البيوت
وغيرهما من
الفئات الاجتماعية
البسيطة.
وبذلك، تتحول
الجمعية الثقافية
إما إلى الاحتفاء
الدوري
بالأعضاء
الداخليين
للجمعية مع
فتح باب
الحضور ل"العموم"،
وإما تتحول
الجمعية إلى "ممون
حفلات" ينظم
اللقاءات
لقاء الدفع
المسبق أو
لقاء الوعد
برد الجميل
من خلال
الدعوة إلى "نشاط
الإياب" على
أرض المحتفى
بهم بعد "نشاط
الذهاب" على
أرض أهل
البيت...
أنا
أتساءل
ببراءة الطفل:
- لماذا
كل هذه
الجعجعة وهذا
التطاحن وهذه
الكولسة وهذا
التوق
المبالغ فيه
للظهور وهذه
الرغبة
الدفينة
لإقصاء
الآخر؟!...
ثم أعود
لقراءة نصوص المتطاحنين
والمتكولسين
فلا أجد فيها
غير محاولات
تلاميذية ل"خلخلة
القواعد
اللغوية" من
خلال "قلب الفاعل
على المفعول
به" أو "قلب
النعت على
المنعوت" أو
"قلب الاسم
المجرور على
حرف الجر"...
ثم
أجدني أتساءل
مرة أخيرة:
-
ألا يجد هؤلاء
ما يقلبونه؟
فليقلبوا،
إذن، طريقة
تفكيرهم
فيريحوا ويستريحوا!...
العودة
إلى صفحة
الحوارات
الأدبية
خريطة
الموقع
جميع
الحقوق
محفوظة
للمؤلف |
<title>http://www.raihantat.com/arabicversion-interviews2-index.htm</title>
<meta name="description" content=" "في
حضرة الصمت
والاحتجاج"
<meta name="keywords" content=" "في
حضرة الصمت
والاحتجاج"