رَيْحَانِيَاتٌ

 

 

أنقر على الصورة لتكبير غلاف الكتاب

 

"أربعون 40 حوارا مع مُحَمّد سَعِيد الرَّيْحَانِي"

 

سلسلةُ حوارات شاملة أجراها الشاعر المغربي أنس الفيلالي

 

 

 

 

الخطأ بين الحق والضعف والمغالطة

 

 

 

سؤال: أجري معك لحد الساعة حوالي مائة حوار صحفي منشور على منابر مختلفة بينما حررت حوالي خمسمائة نص في مجالات شتى لم ينشر منها إلا أقل من ثلثها. ألا تنشر نصوصك فور انتهائك من تحريرها؟

 

جواب: لا أنشر غدا ما أنا اليوم بصدد كتابته وبعض نصوصي  تنتظر النشر لسنوات طويلة...

 

سؤال: حررت لحد الساعة خمسين عملا ما بين مسرودات ومترجمات وبحوث علمية، لكنك لم تنشر منها غير اثني عشر عملا. ما السبب وراء إحجامك على نشر كل مخطوطاتك: هل هو هاجس نشدان الكمال أم هو الخوف من الخطأ؟

 

جواب: أخطائي، أحبها. لا أخشاها. وكثير الأخطاء سريع النمو لأن الوعي بالخطأ طريق مختصر للنمو السريع. كما أن الثقافة الحقة، من وجهة نظري، هي ثقافة الوعي بالخطأ. وأنا أتحدث هنا عن الأخطاء في اختيار الطرق والسبل ولا أتحدث عن الأخطاء في حق الآخر.

 

والمرء يتعلم غالبا من ثلاثة: من الخطأ وهو صادر عن الذات، ومن الصدمة  وهي صادرة عن حركية الخارج، ومن السؤال  وهو طوعي. أحيانا تجتمع الثلاثة في موقف واحد إذ يخطئ المرء في اختيار مخاطبه ويسأله فيكون الجواب صادما...

 

أراجع ذاتي باستمرار وأدرك باستمرار الأخطاء التي أرتكبها وأواجهها بشجاعة. والمكافأة هي أنني أتغير باستمرار وأتطور بثبات وأنا راض عن أدائي وعن طريقة تفكيري التي، من جهة أولى، لا تخشى الخطأ، ومن جهة ثانية، لا تنشد الكمال...

 

سؤال: إلى أي حد يمكن للأخطاء أن تهدم صاحبها؟

 

جواب: الأخطاء  في المجال الثقافي تتدرج حسب خطورتها من المقبول إلى اللامقبول: من الأخطاء المطبعية  إلى الأخطاء الإملائية  إلى الأخطاء المنهجية إلى الأخطاء اللسانية إلى الأخطاء المعرفية...

 

فالأخطاء المطبعية هي أخطاء فردية ومتفرقة ولا تتكرر فهي تحيل على انزلاقات الآلة الكاتبة وفلتات الرقن  ولا تحيل  بأي شكل من الأشكال على ضعف الكاتب أو قصوره.

 

أما الأخطاء الإملائية فهي أخطاء من درجة أكبر من الأخطاء المطبعية وأهم مميزاتها هي تكراريتها التي تبطل الاعتقاد الذي ساد  في البداية بأنها أخطاء مطبعية ناجمة عن الآلة الكاتبة وليس عن مستوى الكاتب. وهي أخطاء تتعلق بالرسم الإملائي للكلمة...

 

أما الأخطاء المنهجية فتختلف من حقل لحقل ومن منهج لمنهج كالأخطاء في إدارة الحوار أو الوصف في مجال السرد والأخطاء في الوزن أو التصوير في مجال الشعر وغيرها.

 

أما الأخطاء اللسانية فتبقى أخطاء على مستوى الدلالة والتركيب وغيرها وهي تعتبر بالإجماع أفدح الأخطاء في الحقل الأدبي الذي يشتغل بالدرجة الأولى على الشكل فيما تعتبر الأخطاء المعرفية أفدح الأخطاء في الحقل الثقافي الذي يشتغل بالدرجة الأولى على الفكر، على الجوهر، على المضمون...

 

وعلى ضوء هذا التدقيق، كنت قد قرأت قصة قصيرة عام 2004 يتذكر فيها السارد الكهل الذي توقف عند المرآة فهالته التجاعيد الجديدة على وجهه وعادت ذاكرته ثلاثين عاما إلى الوراء فطفق يتذكر سنوات المراهقة حين كان يصاحب حبيبته إلى دار السينما لمشاهدة فيلم "تايتانيك" الذي لم يصدر إلا عام 1998، أي قبل خمس سنوات من كتابة النص المنشور على صفحات جريدة "العلم" اليومية المغربية!...

 

وعليه،  يصبح الحق في الخطأ هو الحق في التجريب والاجتهاد والتطور والنمو والتغير المستمر وهو شعار يردده كل إنسان ينشد النضج والنمو.   أما الحق في الغلط والمغالطة، فلا أعتقد بأن أحدا سيسمع به في يوم من الأيام إلا من باب السخرية...

 

إذن، لا بد من التمييز بين الخطأ Mistake والغلط Error والمغالطة Fallacy والخيانة اللغوية Linguistic Betrayal مما يجعل للخطأ مراتب. فبينما تبقى الهفوة لا شعورية يستبدل فيها الملقي كلمة مكتوبة بكلمة غير مكتوبة أو يتلفظ فيها بلفظة غير مقصودة محل أخرى، فالخطأ يرتبط بالفشل في التجريب بينما  يرتبط الغلط  حتما بالفشل في التعلم والتربية والتثقف. أما المغالطة فتبقى أعلى درجات الأخطاء لأن صاحبها مخطئ  وهو يعلم بأنه مخطئ ويحاول تعميم خطئه وتقعيده وتثبيته وتأصيله من خلال العمل على إقناع الآخر بتبني أخطائه...

 

هذا عن أخطاء المبدع، أما أخطاء المترجم فتختلف عن أخطاء الكاتب والشاعر وتتجاوز الطابع المطبعي والإملائي والنحوي واللغوية والمنهجي والمعرفي للخطأ لتصبح أخطاء المترجم "خيانة للنص المترجم"...

 

سؤال: المتتبع لمسيرتك يلاحظ بأنك تطورت كثيرا منذ مجموعتك الأولى، "في انتظار الصباح". ما قولك؟

 

جواب: من يقول بأنني تطورت كثيرا بعد مجموعتي القصصية الأولى، "في انتظار الصباح"  لا يعرف  بأنني تطورت كثيرا بعد عشرين سنة من الكتابة وإعادة الكتابة، والمراجعة وإعادة المراجعة، والتنقيح وإعادة التنقيح... إن الفضل في التطور يعود لهذا الجهد الذي دام أكثر من عشرين عاما.

 

بدأت الكتابة سنة 1991 مع نص " افتح، يا سمسم !" المنشور سنة 1994وهو بالمناسبة أول نصوصي.  ونصوص مجموعتي القصصية الأولى، "في انتظار الصباح  كتب أغلبها في التسعينات من القرن العشرين بينما كتب الباقي قبل عام  2003، الموافق لتاريخ نشر النصوص مجمعة في كتاب ورقي. لقد كتبت النصوص على مدى 13 ثلاثة عشر عاما ( 1991- 2003) وخضعت للمراجعة وإعادة الكتابة والترتيب قبل أن تطبع وتخرج إلى القراء في خريف 2003.

 

وعليه، فإذا حدث لي نضج في الكتابة فإن ذلك لم يحدث بعد مجموعة "في انتظار الصباح" وإنما بموازاة معها. فبموازاة مع تشكل النصوص الأولى للمجموعة القصصية الأولى، تمرست على الكتابة ومع السنين العشرين الموالية، تمكنت منها...

             

العودة إلى صفحة الحوارات الأدبية

 

خريطة الموقع

 

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

بَيَانَاتُ أدبية

"الحاءات الثلاث" مضامين الغد

 روايات

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

درَاسَات سِيميَائِيَةُ للأسماء

رهانات الأغنية العربية

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

أدب الطفل

مجاميع قصصية على الخط

الألبوم المفتوحُ

تقديم أعمال الأصدقاء

مجاميع قصصية مشتركة

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

saidraihani@hotmail.com

<title>http://www.raihantat.com/arabicversion-interviews2-index.htm</title>

<meta name="description" content=" "في حضرة الصمت والاحتجاج"، سلسلةُ حوارات شاملة من أربعين َ لقاءً صحفياً مع محمد سعيد الريحاني أجراها الشاعر المغربي أنس الفيلالي

<meta name="keywords" content=" "في حضرة الصمت والاحتجاج"، حوارات صحفية، لقاءات صحفية، أدب، فكر، فن، سياسة، محمد سعيد الريحاني، أنس الفيلالي">