مشاعل القصر الكبير

 

Flambeaux de Ksar El Kébir

 

Torches of Ksar El Kebir 

 

 

ahmed_koudama

أحمد قدامة

 

(خاص بموقع مشاعل القصر الكبير)

 

ولد الشاعر أحمد قدامة سنة 1912م بمدينة القصر الكبير، وحفظ بها القرآن الكريم، وتلقى تعليمه الأولى على يد نخبة من علماء المدينة وفقهائها.

كان والده عبد الرحمن قدامة « عالما جليلا، وفقيها مقرئا، قام بالخطابة والإمامة بالمسجد السعيد بعدوة الشريعة .. وكان وراقا معتنيا بالكتب والمخطوطات » (1)، فنشأ ابنه أحمد « في بيت علم وزهد وتصوف، فارتوى من هذه المنابع وتشبعت روحه بها » (2).

وبعد قضاء مرحلة من التكوين بقصر كتامة ارتحل المترجَم إلى مدينة فاس للأخذ عن علماء القرويين « فأخذ عن علمائها ما اكتمل به علمه وفاض به عقله » (3) كما « احتك بقادة الحركة الوطنية الوليدة » (4)، فتشكل لديه وعي بقضايا الوطن الواقع تحت السيطرة الاستعمارية.

ولقد كانت الرحلة إلى فاس سبيلا لتوسيع مدارك الرجل وتعميق وعيه بسبل تغيير الواقع المعيش، ولذلك نراه بعد رجوعه إلى القصر الكبير يوزع جهوده على جسرين كبيرين من جسور الانطلاق والتحرر : جسر العمل الثقافي والتربوي في أفق تحرير العقول، وجسر العمل السياسي الوطني الذي يصبو إلى تحرير تراب الوطن.

فأما على المستوى الأول فلقد حز في نفس صاحبنا، وقد عاد إلى مسقط الرأس بعد رحلة الطلب، أن يجد مدينته « مجتمعا غارقا في السبات العميق، خيم عليه الجهل بكلكله والليل بظلامه الحسي والمعنوي .. » (5)، فشرع يتصل ببعض رفاقه ممن يشاركونه همومه وتطلعاته، فاتفق وإياهم على « برنامج عمل يهدف إلى إيقاظ الهمم وبعث الوعي في أوساط المواطنين » (6).

وأقدر أن الرجل كان على وعي تام بأن معركة التحرير تبدأ بتحرير العقل من ظلام الجهل والخرافة أولا، ولذلك « فتح الفقيد مدرسة لإعطاء دروس في مختلف المواد صادفت الإقبال والتشجيع، واستفاد من دروسه كثير من المواطنين » (7)، وقام كذلك « بالتدريس بالمدرسة الأهلية الحسنية الحرة، التي أنشأتها الحركة الوطنية بالقصر الكبير لتعليم أبناء المواطنين التعليم العربي الإسلامي الصحيح » (8).

وبالإضافة إلى ذلك فقد أدرك الراحل أهمية العمل الثقافي عموما، والمسرحي خصوصا، في بث الوعي الوطني، ف « عمل مع رفاقه على تكوين جمعية للتمثيل، فقدمت عدة روايات عالجت مختلف المواضيع التي لها علاقة بأحوال المجتمع القصري آنذاك، كما قدمت روايات تاريخية أحيت أمجاد التاريخ المغربي والعربي وبطولات رجالاته، كان لها أعظم الأثر في بعث وعي وطني وشعور بالقومية المغربية والهوية الإسلامية الحقيقية، ورغم ما كان يتطلبه هذا العمل النضالي الثقافي من مجهودات مادية ومعنوية لم تكن متوفرة لهذه الزمرة الرائدة، فإن العزيمة القوية والإرادة الحسنة والإخلاص في العمل، كانت هي الركيزة التي اعتمدت عليها في إنجاح عملها وإبراز مواهبها والتغلب على جميع الصعاب والعراقيل التي وضعها الاستعمار ومن كان يسير في ركابه لإطفاء هذه الشعلة التي كان يُحسب لها حسابُها » (9) ...

وأما على مستوى العمل السياسي الوطني فلقد « أسهم [ مترجَمُنا ] في تأسيس فرع الحركة الوطنية الإصلاحية بالقصر الكبير منذ ظهورها في بداية الثلاثينات بتطوان، وأصبح محليا أحد قادتها الرئيسيين » (10)، وقد عمل « بجانب إخوانه في فرع حزب الإصلاح الوطني بالمدينة قبل الاستقلال أيام الأزمة والأوقات الحالكة التي عرفناها بعد أن أبعد الاستعمار رمز الأمة وبطلها جلالة المغفور له محمد الخامس رحمه الله، إذ كان فقيدنا الوفي المخلص والمناضل الفذ لم يترك مناسبة ولا عيدا ولا حفلا إلا شارك فيها بخطبه البليغة المعبرة والمؤثرة أو بقصائده الشعرية التي كانت تفيض وطنية وحماسة. هكذا استمر عمله بفرع حزب الاستقلال بعد اندماج حزب الإصلاح فيه، ما بدل ولا غير، ولا أصابه الوهن ولا التوقف إلى أن توج نضال المغاربة برجوع الملك المبعد، وحصول المغرب على استقلاله ووحدته .. » (11) ...

وعموما فلقد ناضل الشاعر أحمد قدامة – رحمه الله تعالى – مع رفاق المرحلة على جبهات عديدة، في المدرسة، والجمعية، والحزب .. و « ألهبت خطبه البليغة وقصائده الحماسية مختلف الشرائح الاجتماعية في مختلف المناسبات والأعياد الوطنية .. وكان مثالا للتضحية ونكران الذات، فعاش عفيفا مقدرا من الجميع إلى أن توفاه الله إليه عشية يوم الثلاثاء 20 من جمادى الثانية 1413 ه، الموافق ل 15 من ديسمبر 1992م، ودفن بالقصر الكبير » (12).

وإذا كانت خطب الراحل، ودروسه، ومشاركاته الثقافيه لم توثق، وصارت في حكم الضائع والمفقود كما هو " المكر التاريخي " مع كثير من الأفذاذ والعلماء الأجلاء .. فلقد قامت جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير مشكورة بتجميع ديوان الشاعر أحمد قدامة وطباعته، وهو الديوان الذي صدر سنة 2004م تحت عنوان " طير الخلود "، متضمنا ما أمكن تجميعه من قصائد ومقطوعات في مجالات وأغراض شعرية متعددة ( وطنيات / تأملات / رثاء / هجاء ...الخ )، وقد سهر على إعداده للطبع السادة الأساتذة بوسلهام المحمدي، ومحمد العربي العسري، ومصطفى الطريبق، ومحمد أخريف، وقدم له الأستاذ بوسلهام المحمدي بدراسة حول " المضمون الوطني والاجتماعي في شعر أحمد قدامة " نقرأ من فقراتها : « إن قراءة فاحصة للديوان تبين أن أغلب شعره يرتبط إلى حد كبير بالفترة الزمنية التي عاشها، فترة عهد الحماية التي عانى فيها الشعب المغربي الأمرين من لدن سلطات الحماية الغاشمة والتي أبدى فيها المواطنون .. ضروبا من المقاومة والصمود ما لا مزيد عليهما.

ويرتبط أيضا بالظروف الاجتماعية التي كان الشاعر واقعا تحت تأثيرها، وهي ظروف عانت من اختلالات قوية : ظلم استعماري صارخ، فقر وضنك مادي منتشر، انحطاط وانحراف خلقي يدب في أوصال المجتمع، ضعف في الروح الدينية أخذ يسري في نفوس الكثيرين : رأى فيها الشاعر انحرافا عن الخط المستقيم الذي كان يود أن يحياه. وهذه الظروف السيئة وجدت لها تربة خصبة في نفسية الشاعر ... » ( الديوان ص 08 /09).

 

الإحالات :

(1) عبد السلام القيسي الحسني، من شهادته في حق أحمد قدامة، منشورة في " طير الخلود" لأحمد قدامة، ط01، مطبعة الأمنية بالرباط،2004م، ص129 -131.

(2) " طير الخلود " لأحمد قدامة، ظهر الغلاف.

(3) عبد السلام القيسي، مرجع سابق.

(4) أدباء ومفكرو القصر الكبير المعاصرون، لبوسلهام المحمدي، ط01، مطبعة ألطوبريس بطنجة، 2008م، ص84.

(5) عبد السلام القيسي، مرجع سابق. (6) نفسه. (7) نفسه.

(8) أدباء ومفكرو القصر الكبير المعاصرون، ص84.

(9) عبد السلام القيسي، مرجع سابق.

(10) أدباء ومفكرو القصر الكبير، ص84.

(11) عبد السلام القيسي.

(12) طير الخلود، ظهر الغلاف.

 

(ورقة من إعداد الأستاذ أبو الخير الناصري)

 

 

 

 

مشاعل القصر الكبير

 

Flambeaux de Ksar El Kébir

 

Torches of Ksar El Kebir 

 

القصر الكبير

التصوف

الرياضة

الموسيقى

الفن التشكيلي

الرواية

الشعر

القصة القصيرة

القصة القصيرة جدا

النقد الأدبي

البحث العلمي

الترجمة

الإعلام

النضال السياسي

 

 

 

الرئيسية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

email11

 alcazarquivirmio@gmail.com

 

<title>http:// raihani.free.fr/kasraoua/koudama.htm</title>

<meta name="description" content=" مشاعل القصر الْكبير، أحمد قدامة ">

<meta name="keywords" content="القصيدة العمودية، العروض، النظم، نظم الشعر، أحمد قدامة، المغرب، مدينة القصر الكبير  ">