ريحانيات

 Description : 10

دفاعا عن القراءة

- حول اشكال النهوض بفعل القراءة عربيا -

 

 

       

لماذا لا نقرأ؟

 

 

 

 

عن الأمية والقراءة:

 

في الستينيات من القرن الماضي، كان هناك تياران مهيمنان: تيار الخبز وتيار الحرية وكانت الاشكالية التي يختلفان حولها تتركز حول "أيهما أسبق: الخبز قبل الحرية أم الحرية قبل الخبز؟"...

 

ولأن لا أحد منهما أرسى دعائمه، لا خيار الخبز  أولا ولا خيار الحرية  انتصر، انضافت إليهما  قضية أخرى  فرضتها الضرورة التاريخية دون الحاجة إلى مرجعيات إيديولوجية: الحق في التعليم والحق في المعرفة والحق في القراءة… فبلا مجتمع قارئ لاشيء يدوم: لا الوعود ولا المكاسب ولا خلود إلا للشطط  والمناورة والكذب واللف والدوران...

فما جدوى القراءة؟ ولمادا العمل على مجتمع قارئ؟

 

قد لا يستطيع المرء الجواب  بشكل مقنع حتى يجد نفسه ضحية للبائع الذي ينصب نفسه سلطة لا تعلو عليها سلطة في توزيع الأثمان على حسب وجوه الزبناء بدل تحديد مكتوب لأثمنة السلع المعروضة، وضحية للجابي الذي يتجاوز تحديد الأثمان على التذاكر، وضحية للسياسي الذي لا يقدم برنامجه السياسي لناخبيه خارج حزبه ولا يعمم المذكرات والمناشير على المناضلين داخل حزبه...

 

في الوقت الدي تتعالى فيه الأصوات الخائفة من زحف هيمنة الصورة وطغيانها على أشكال تلقي المعرفة والحصول على المعلومة لدى الإنسان المعاصر، لا بد من الوقوف طويلا أمام ظاهرة إلزامية إنشاء مواقع على الإنترنت لكل القنوات التلفزية والأستوديوهات السينمائية وشركات التصوير والألعاب المصورة... وما دلك غير دليل يومي وملموس على ان الصورة ليست منافسا للقراءة ولم تكن في يوم من الأيام كدلك. بل الصورة شريك للقراءة: شريك لا ينبغي إقصاؤه أو الخوف منه. وما التطور الجديد الناتج عن الثورة الرقمية التي يعرفها العالم المعاصر إلا دليلا على مدى قدرة القراءة على تجديد نفسها للتكيف مع المتغيرات. ولعل القراءة الإلكترونية إضافة جديدة إلى طاقة القراءة المتجددة على الدوام لأنها تجعل القارئ دائما إلى جانب آخر الإصدارات في وقتها وآخر الأخبار في حينها. فما القراءة على الشاشة، أو القراءة الإلكترونية، سوى واجهة من واجهات القراءة في زمن السرعة، ولكنها في نهاية المطاف تبقى "قراءة" أولا وأخيرا.

 

هدا على المستوى الإنساني العام في زمن القرية الكوكبية. أما على الصعيد العربي عموما والمغربي خصوصا، فالامر يحتاج إلى تغيير في المنظار وتغيير في علبة تبديل السرعات والعودة إلى معيار "الخصوصية" والنبش في آليات اشتغالها وطبيعة أعطابها.

 

فما هي الأمية؟ ومن هو الأمي؟

 

التفسير التجزيئي للأمية يحيلها إلى عدم القدرة على تهجئة الحروف وكتابتها. والمقابل اللاتيني للكلمة يفيد نفس المعنى: Illettré/Analphabète, Illettrisme/Analphabétisme. أما المنظور الشمولي لظاهرة الأمية فيرجعها إلى عدم القدرة على الاستمتاع أو الإستفادة  من خدمة هي في المتناول تضيع هي ومعها المصالح المادية والمعنوية...

 

 وبهذا قد يكون الأوروبي الذي يتكلم سبع لغات أوربية مُجرد "أمي" في اليابان لأنه بجهله اللغة اليابانية لن يعرف حتى المطعم الدي يمكنه فيه تناول وجبة غذاء تقيه هجوم الجوع على معدته، والخبير المحنك في العلاقات الدولية والقوانين الدستورية سيجد نفسه "أميا" في التعامل مع ساعة يده حين  تتعطل وتعرقل مواعيده ومصالحه...

 

 

الأمية "أميات" بصيغة الجمع:

 

من باب التبسيط، يتم اللجوء دائما إلى اختزال الأمية في عدم التوفر على كفايات في القراءة الأبجدية. بينما الأمية "أميات" بصيغة الجمع. فهناك:

- الأمية الأبجدية في أحط درجاتها والمعروفة بعجز المصاب بها عن  تمييز الحروف الأبجدية وتَهَجُّئها.

- الأمية الفكرية والثقافية وأهم أعراضها عدم القدرة على التمييز بين الأنساق الدلالية، بين المناهج، بين المدارس والحركات الفكرية...

- الأمية السياسية وأهم تجلياتها عدم فهم مجريات الأمور على المستويات المحلية والإقليمية والجهوية والسياسية...

- الأمية المعلومياتية وأهم مظاهرها العجز عن استخدام الهاتف النقال وتشغيل بطائق السحب الإلكترونية البنكية والتعامل مع الحاسوب...

- الأمية السمعية وتخص فاقدي حاسة الاستمتاع بالموسيقى والعاجزين حتى عن المصاحبة الموسيقية بالتصفيق...

- الأمية البصرية وتحول دون فهم العمل السينمائي أو الاستمتاع باللوحة تشكيلية.

- الأمية العلائقية وأهم مظاهرها عدم القدرة على قراءة لغة جسد من حواليه في كل مناح الحياة وما يتيحه من فرص الفيدباك وتقويم الاتصال والتواصل عند الاحتكاك أو سوء الفهم...

- الأمية الصحية وأهم مظاهرها  عدم معرفة فالحامل ما يضرها مما يصلح لها، والرياضي يقتات على ما وجده في المطبخ والمريض يستخف بالأطعمة الممنوعة عليه طبيا...

- الأمية الطرقية وأهم مظاهرها العجز عن قراءة العلامات الطرقية الأفقية والعمودية للحفاظ على سلامة الذات وحياة الآخرين....

 

وبناء على دلك،  فالأمية لايمكن محاربتها والقضاء عليها نهائيا، لأن كل واحد من محاربي الأمية يحمل داخله أميات أخرى عليه محاربتها. كما لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال محو الأمية في محاربة الأمية الأبجدية.  إن محو الأمية الحقيقي هو محو مستمر لأمية متعددة الأوجه لكن هدا لا يتم إلا بتعميم القراءة على الواجهة الرسمية  وبالاستئناس بالقراءة من جانب الفرد. كما أن خضوع حملات محو الأمية للظرفيات المتغيرة لا يمكنه سوى تأجيل عودة الأمية التي لا تقف في وجهها لا الشواهد ولا الوظائف من الجيل الجديد من الأميين الدين يصطلح عليهم "القراء الصدئين" ما لم تليها مرحلة دائمة من القراءة النشيطة.

 

 

عن "محو الأمية" و"تشجيع القراءة":

 

هذا من الناحية النظرية، أما على الأرض، فبينما تصرف الميزانيات على محو الأمية، تكاد العين لا ترى ميزانيات مماثلة لتشجيع القراءة أو لتعميمها لا على المستوى الثقافي الرسمي ولا على المستوى التعليمي..

 

فعلى مستوى "تشجيع الكتاب" من خلال مبادرة دعم وزارة الثقافة للكتاب الأول للشعراء والكتاب الشباب، لا يعدو الأمر في نهاية المطاف عن كونه أكثر من مجرد دعم مالي وتجاري لدور النشر الوطنية. دلك ان الكتاب المدعوم  لا يصل لا إلى مكتبات المدارس ولا إلى الثانويات ولا إلى الجامعات وحتى إلى القراء: فقد بيع من بعض كتب سلسلة "الكتاب الأول" تسعة وثمانين نسخة فقط من أصل ألف نسخة مطبوعة كما صرح بدلك قبل سنوات قليلة أحد الشعراء المعنيين بأمر نشر كتابهم الأول أو "ديوانهم الأول"...

 

أما على المستوى التعليمي، فتبقى القراءة غائبة  تستبدل فيها القراءة الحرة بالقراءة الموجهة أو القراءة التي تُتْلا على مسامع المدرس والتي تتحول من القراءة للذات إلى القراءة للآخر. بعبارة أخرى، تتحول القراءة، على المستوى التعليمي، إن عن وعي أو بدونه، من قراءة للذات إلى مجرد إلقاء أدبي على مسامع الآخر.

 

فما بين تعميم القراءة و محو الأمية فارق هائل من الشروط الاجتماعية والثقافية والسياسية.  فبينما يسعى تعميم القراءة إلى وضع حجر الأساس لمجتمع قارئ حر  منتج  قادر على تنمية شخصيته ووطنه، يسعى محو الأمية لا لتحرير الإنسان فدلك ابعد من طاقته بل يسعى فقط إلى جعل المواطن أقل ضحية مما كانه. والإثنان، تعميم القراءة و محو الأمية، لا يلتقيان إلا إدا دخلت على الخط إرادة حقيقية تربط طرفي السلسلة بعضَها ببعض للمُضي إلى الأمام. آنذاك، يمكننا الحديث عن التكامل بين تعميم القراءة و محو الأمية ما دام محو الأمية يهدف أساسا  إلى تعميم القراءة لأنه أولي ولأن تعميم القراءة يتضمن مبدئيا محو الأمية.

 

هكذا، يمكن تعريف حملات محو الأمية بأنها حملات لاستدراج المواطنين إلى ''عالم الحرف'' المكتوب كما يمكن تعريف تعميم القراءة بكونها شكل من أشكال استدراج المواطنين إلى ''عالم القراءة'' الرحب الفسيح. وبدلك، فحملات محو الأمية ليست أكثر من تمارين على التعرف على الحروف والاستئناس بها والتدرب على رسمها في كلمات وجمل ونصوص. أما تعميم القراءة فيبقى شكلا لاحقا على مرحلة محو الأمية ومرحلة أرقى من مراحل التطور الحضاري لشعب من الشعوب تليها مرحلة الإبداع بكافة أشكاله: الإبداع العلمي والتقني والمعماري  والفني والأدبي...

 

على هدا الأساس، يصبح محو الأمية وتعميم القراءة وجهان لعملة واحدة لاتقبل التجزيء. فالقراءة ليست مرحلة لاحقة على الأمية، بل هي نشاط ملازم لها، لمحو الامية. إن فصل  محو الأمية عن تعويد المواطنين القراءة  هو خلل يصبح مضاعفا عند الوقوف على حرمان أعلام الفكر والثقافة والمعرفة والعلوم المحليين من الحظوة بتخليد أسمائهم على الشوارع والأحياء والمدارس والثانويات والجامعات والسدود والمدن في مقابل هيمنة رجالات السياسة والتسيير.

 

  فلا أحياء جميلة تحمل أسماء الكتب الجميلة: حيّ ألف ليلة وليلة، مثلا...

 

   ولا أسماء مقاه متميزة  تحمل أسماء التجمعات العربية النبيلة:مقهى عكاظ، أو مقهى الكُتبيين مثلا...

 

   ولا أسماء المدارس تحمل أسماء المثقفين والمفكرين والأدباء والفنانين المحليين "الأحياء"...

 

  ولا مكتبات متخصصة تحمل اسم رائد محلي حسب الاختصاص: مكتبة عابد الجابري الخاصة بالكتب الفلسفـيـة، أو مكتبة الخمار الكنوني الخاصة بالدواوين الشعــرية، أو مكتبة أحمد بوزفور الخاصة بالقصة القصيرة، أو مكتبة المختارالسوسي للكتب الدينية، أو مكتبة الخوارزمي للكتب العلمية أو مكتبة عبد الله العروي للكتب التاريخية...

 

 

لماذا لا نقرأ؟

 

في العام 1982، نشر وزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان خطته كاملة لاجتياح لبنان على وسائل الإعلام الإسرائيلية "أياما" قبل بداية الغزو. وبعد انتهاء العملية بكل الوحشية والدموية التي خلدتها صبرا وشاتيلا وغيرها من القرى والمدن، وفي ندوة صحفية، سئل عن مغامرته بالكشف عن خططه العسكرية قبل الحرب فأجاب بأن "العرب قوم لا يقرؤون"!...

 

فلماذا لا نقرأ؟

 

أصول عدم الاهتمام بالقراءة كثيرة لكن المهم فيها أنها متجذرة  في تاريخنا ولاوعينا ووجداننا العربي. ويمكن إجمالها في ثمانية...

 

 

الأسباب السبعة لعدم إقبال العرب على القراءة:

 

السبب الأول، مورثات تاريخية لا زالت متحكمة في الثقافة:

 

اعتمد قدماء  العرب اعتمادا يكاد يكون مطلقا على الحفظ: حفظ الأشعار، حفظ القرآن...

 

ولقد كان النبي كان واع بخطورة الأمر وكان يشترط على اسراه خلال الفتوحات  قبل تحريرهم "تعليم عشرة مسلمين القراءة والكتابة"...

 

أما في عهد الحروب بين الدولة العباسية والإمبراطورية البيزنطية، فقد كان إطلاق سراح الاسرى من الجانب العربي مشروط بمبادلتهم ب"الكتب".

 

ولكن مع عودة عصور الانحطاط، عادت الامور إلى نصابها: الحفظ والسماع...

 

 

السبب  الثاني، لأننا انتقلنا مباشرة من مرحلة السمع إلى مرحلة الصورة:

 

تشبع العرب لقرون بثقافة السمع والحفظ حتى لحظة تعرضهم ل"صدمة التحديث" مع دخول الاستعمار الأجنبي حيث دخلوا إما طوعا أو كرها إلى "عصر الصورة". وبدلك، "قفزوا" على مرحلة هامة من مراحل تطور الوعي لدى باقي الامم المتحضرة: مرحلة القراءة والكتابة.  وهو ما يتجلى في عدم ترسخ عادات القراءة في البيوت وعدم وجود مكتبات خاصة يتوارثها الأبناء والأحفاد وعدم شيوع ثقافة القراءة في القطارات والطائرات لتهوين الانتظار وتنشيط الفكر...

لقد انتقل العرب مباشرة من ثقافة السماع إلى ثقافة الصورة. ولذلك فأزمة القراءة لدى العرب  تبدو أعوص من باقي البلدان في باقي مناطق العالم.

 

 

السبب  الثالث، لأننا لا نكتب عن أنفسنا:

 

لمادا لا تقرأ شعوبنا العربية؟

 

لأن الكتاب لا يكتبون عن انفسهم.

 

أما لمادا لا يكتب الكتاب عن انفسهم؟

 

فلأنهم، بكل بساطة، غير صادقين ويخشون بالتالي افتضاح امرهم...

 

فثقافة "الخوف من القراءة"  من ثقافة "الخوف من الكتابة".  فإلى متى سيدوم تأجيل تأسيس تقليد تدوين المذكرات واليوميات والرسائل؟

 

إلى متى سنقبل بالحديث عن "الحداثة" في ظل خوف من "مبادئ" الحداثة: إضاءة كل العتمات؟

 

ففي ثقافتنا، الرئيس لا يجرؤ على كتابة مدكراته، والاقتصادي لا وقت له لدلك، والرياضي لا يخطر على باله دلك، والمدرس آخر ما يخطر على باله هو تدوين مذكراته والكتابة عن مهنته ومتاعبها وآفاقها...

 

بينما في ثقافات غيرنا، الرئيس يحرص على أن ينشر مذكراته فور خروجه من إدارة الحكم (بيل كلينتن وجورج بوش، مثلا)، والرياضي يساهم في تنويرالرأي العام وتعزيز الذاكرة الرياضية بتدوين مذكراته (حارس مرمى المنتخب  الألماني في فترة الثمانينيات توني شوماخر، مثلا)، والمومس تنشر مدكراتها لأسباب أخرى (دولوريس فرانتش مؤلفة كتاب "حياتي كمومس"،مثلا)

 

 

السبب الرابع، لأن الكدب يهين على المكتوب والمقروء:

 

إن خبرا كهذا "ثلاثة ارباع الشعب أمي" (تقرير اليونسكو الأخير) تصبح على وسائل الإعلام المكتوبة "ثلاثة أرباع الشعب متعلم"، والترتيب ضمن "دول ديل القائمة الدولية في مجال التنمية" يصبح موضوع انتقاد وتشكيك وتكديب في المكتوب الإعلامي...

                                                                 

عندما لا تكتب الحقائق، فما جدوى القراءة؟...

 

السبب  الخامس، لأنه  لا وضع اعتباري لا للمثقف ولا للثقافة:

 

ينبغي في البداية التمييز بين ثلاث: السياسي والمثقف والموظف...

 

فما يميز المثقف عن السياسي هو اهتمام المثقف بالمبادئ بينما يهتم السياسي بالتكتيكات 

 

أما ما يميز المثقف عن الفنان هو اهتمام المثقف  ب"المضمون والفكر" بينما يهتم الفنان ب"الشكل والأسلوب والجماليات"...

 

في حين ما يميز المثقف عن الموظف هو التزام المثقف بقضية يناضل عنها أحيانا بحياته بينما يلتزم بدوره ك"حارس" و"خديم" مقابل "راتب شهري". ف"الموظف" متعلم بالضرورة لكنه "بلا قضية يناضل من اجلها"، عكس المثقف.

...

ففي كل الثورات بكافة أشكالها (الثورات الاجتماعية والثقافية والسياسية)، الصدارة للمثقفين وبعد استتباب الامن تتضح معالم السياسيين واحدا واحدا وبعدها "حراس النظام القائم" كما يسمون في المعاجم الثورية، أي "الموظفين"...

 

لكن في البلدان القابعة خارج التاريخ والتي تخلط بين "الثورة" و"الانقلاب"، بين "الرئيس" و"الزعيم"، بين الوراثة والتوريث في "الانظمة الجمهورية" وفي "الانظمة الملكية"، بين "المثقف" و"المتعلم  بين "المثقف" و"الموظف"... في هده المناطق من العالم المسماة من باب التجاوز "دولا" و"بلدانا"، يتصدر المسيرة "السياسي" الدي يؤله نفسه وينزهها عن الخطأ ويحيط نفسه ب"الموظفين" بأسمائهم المتعددة "التكنوقراط" و"ال"... أما "المثقفون" ففي ديل القائمة إدا ما اتسعت لهم الحيز هناك في الديل...

 

وهدا "القلب" في "الحلقات الثلاث" هو الذي يفسر سير تدبير الامور في مجتمع من المجتمعات الإنسانية: إما "تدبير نهضة وإقلاع وانبعاث" يقوده المثقف ويساعده السياسي وينفده الموظف، أو "تدبير تهدئة لعب" يقوده السياسي ويساعده الموظف ويقصى منه المثقف...

 

فمند انقضاض السياسي على دفة الحكم وهو يغلب كفة "الموظف" على "المثقف" وقد ينصبه عليه رئيسا او مسؤولا كي يضعفه ويثقل إيقاعه في الأنشطة الحرة التطوعية او في العمل...

فالمثقفون،  حيثما كانوا، يتعرضون ل"إنزال" بأعداد من "الموظفين" بهدف "تقزيمهم عدديا" اولا وثانيا ل"لانقضاض على التسيير قصد التحكم في سير الامور وتحوير النشاط في الاتجاه المراد السير فيه وتعظيم اسماء وتقزيم اخرى"...

 

 

السبب السادس، لأن مكانة المثقف تم تفويتها للموظف:

 

ربما لا يعرف الكثيرون بأن اغلب الاولياء الصالحين في المغرب عاشوا في فترة الانحطاط المطلق للمغرب وهي فترة القرنين الخامس عشر والسادس عشر.

 

وربما لا يعرف الكثيرون بأن اغلب هؤلاء الأولياء الصالحين كانوا "مثقفين تقليديين" يدرس أغلبهم في جامع القرووين.

 

 وربما لا يعرف الكثيرون بأن اغلب هؤلاء  الأولياء الصالحين كانت تحركهم "قضية واحدة" هي "مآل المسلمين" سواء بعد انهيار الأندلس أو بعد بداية الهجوم الأوروبي الموسع على البلاد...

 

وربما لا يعرف الكثيرون بأن اغلب هؤلاء  الأولياء الصالحين قدسهم المغاربة لهدا السبب. لأن لهم "قضية" ولهم "غيرة على الامة"... وهده هي الصفات التي تميز حاليا "المثقف" عن "الموظف".

 

كان هدا واقع جامعتنا "القرووين" وكانت هده شخصية "مثقفيه" و"أساتدته" في آن أيام الانحطاط في القرنين الخامس عشر والسادس عشر. أما اليوم، بعد خمسمائة سنة، فالأمر  لا يبعث على التفاؤل. فحسب تقرير اليونسكو، خمسون في المائة من الأساتذة الجامعيين المغاربة  ، ما عدا البحوث التي تقدموا بها لنيل الشهادات الاكاديمية ودخول عالم الشغل،  لم يكتبوا  ولو مقالة واحدة وحيدة على مدى كل فترات حياتهم...

 

 

السبب السابع، الاختيارات السياسية الواعية:

 

عند "تعاظم" شوكة المعارضة الاجتماعية، يلجأ النظام السياسي إلى الابتذال وإضعاف الثقافة والأخلاق وتعكير الجو والتفرقة لإبعاد الهجوم الاجتماعي عليه. وعليه، فإن أزمة القراءة هي أيضا اختيارات سياسية الهدف منها خفض إيقاع سير الأمور بشكل يتماشى مع نمط تفكير الطبقة الحاكمة أو العائلة الحاكمة وأسلوب تدبيرها لمجريات الأمور و"مصالحها"…



عن "المهرجان الوطني للقراءة" بالرباط:

 

في هدا السياق العام، جاءت فكرة إقامة "المهرجان الوطني للقراءة" بالرباط أيام 24 دجنبر إلى 31 منه. وهي تظاهرة، وإن تحركت على خلفية نهوض استعجالي ثان بعد صدور التقارير الدولية غير المشرفة بالبلاد على غرار "الخطة الاستعجالية للنهوض بالتعليم" التي جاءت هي الأخرى  بعد صدور تقرير التنمية الدولي الدي رتب البلاد في آخر السلم الدولي على المستوى التعليمي...

 

ولعل "المهرجان الوطني للقراءة" بالرباط لم ينقصه لا الدعم المالي ولا اللوجستي بقدر ما كان ينقصه التخلي عن "جوهر المشكل العويص المعرقل للقراءة والمعيق لها": تفويت دفة تسيير المهرجان وجلساته ل"الموظفين" بدل "المثقفين".  فباستثناء الجلسة العامة الاولى ليوم الجمعة 25 دجنبر،  طغت على كل الجلسات روح "الوظيفة". فعند تقديم  القاص المغربي الكبير أحمد بوزفور في اليوم الثاني من المهرجان، لم يتم تقديمه ك"هرم القصة القصيرة في العالم العربي" وإنما ك "موظف في جامعة الدار البيضاء"...

 

أما في المائدة الاولى يوم السبت 26 دجنبر 2009 والخاصة بمحور "القراءة والتنمية"، فقد رتبت أسماء المتدخلين "حسب الوظيفة" في المنظمات الدولية ثم في الجامعات ثم في الثانويات... وعندما قدمت نفسي ك"كاتب" وليس ك"أستاد"، توتر "فخامة السيد رئيس الجلسة" وبدأ كل مرة في تنبيهي بالاختصار رغم أن الحصة الزمنية  التي أعطيت  لي  كانت أقل بثلاث مرات من باقي المتدخلين. وما أن وصلت إلى التوكيد على الاختيارات السياسية التي جعلت حال القراءة في البلاد على ما هو عليه حتى أوقفني نهائيا تحت مبرر أن "العرض قيم وسيتم استلامه مني وطبعه ونشره" ضمن مواد الكتاب الدي سيصدر عن السلسلة الشهرية المنظمة للمهرجان ولكن... "الوقت لا يرحم ولا يسمح بإكمال المداخلة"!

 

 

 

 

دفاعا عن القراءة

حول أشكال النهوض بفعل القراءة عربيا

                                                 

دليل الكاتب الناشئ إلى عالم الكتابة والنشر والتوزيع في مجتمعات الأمية

 

لماذا لا نقرأ؟  

 

القراءة كرا فعة للتنمية المستدامة

 

 

 

 

خريطة الموقع

 

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

بَيَانَاتُ أدبية

"الحاءات الثلاث" مضامين الغد

 روايات

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

درَاسَات سِيميَائِيَةُ للأسماء

رهانات الأغنية العربية

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

أدب الطفل

مجاميع قصصية على الخط

الألبوم المفتوحُ

تقديم أعمال الأصدقاء

مجاميع قصصية مشتركة

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

 

 ALL RIGHTS RESERVED

 

 e-mail : saidraihani@hotmail.com

                                                                                                                                                

Description : enote

<title> raihani.free.fr/arabicversion-reading- text2.htm </title>

<meta name="description" content="كتاب دفاعا عن القراءة لمحمد سعيد الريحاني">

<meta name="keywords" content="حول اشكال النهوض بفعل القراءة عربيا">

Description : http://www.gawab.net/phpAds/adview.php?what=zone:18&n=a6736c35