رَيْحَانيَات
قراءات
في موسيقى
البوب
العالمية
تاريخ الصرخة في
الأغنية
الإنسانية
المعاصرة
الجزء
الأول
الصرخة
في السياق الغربي
1967-1945
مقدمة
القاعدة
البيولوجية
هي أن "الوظيفة
تخلق العضو"
لكن العضو
يظل يتوقع وظيفة
حتى لا يضمر
ويصبح عضوا
زائدا.
فكلاهما يقود الآخر.
وإذا ما وسع
المفهوم، صار العضو،
بمعناه
الفردي، هو الطبيعة
بمعناها
العام، وصارت الوظيفة،
بمعناها
البسيط، هي الثقافة
بمعناها
المركب...
وعليه، فالثقافة
والطبيعة
متلازمتان
حتى في
الأنشطة
اليومية
الأكثر آلية
كالأكل
والشرب
والتحية
والنظرة
والمشية
والجلسة
والضحك...
والموسيقى
ليست استثناء
بل هي وظيفة
ثقافية عظمى
في الكيان
المجتمعي
كيفما كان
ووقتما وجد.
وقد انتبه
الفنانون
الأفرو-أمريكان،
منذ منتصف القرن
العشرين، إلى أهمية
قيادة
الموسيقى
لمجرى الحياة
الاجتماعية
نحو آفاق
مغايرة
ينتقل فيها
المجتمع من
الظلم
الاجتماعي
إلى العدالة
الاجتماعية
ومن الميز
العنصري إلى المساواة
الكاملة في
الحقوق
والواجبات،
فبدأ التفكير
في فن موسيقي
جديد يمتزج
فيه إيقاع
السود بإيقاع البيض
فكان الروك
آند رول Rock and Roll
الذي أعلن
نفسه فور
ولادته كموسيقى
لمكافحة
العنصرية.
الروك
آند رول،
الموسيقى
والنضال
من
المتتبعين
لفن الروك
أند رول من
يدافع عن كون فينس
تايلر Vince Taylor
هو أول من غنى
في هذا الفن، الروك
أند رول،
ومنهم من ينتصر
لكون أغنية "سمعا
وطاعة، سيدتي!'' That's All Right, Mama التي
لحنها المطرب
الأفرو-أمريكي
مادي ووترز Muddy Waters وأهداها
للمطرب الشاب إلفيس
بريسلي Elvis Presley
هي أول أغنية روك
آند رول في
التاريخ... ولكن لا
أحد يجادل في
كون هذا الفن
الوليد يحمل
في جيناته
مورثات فنين
عرقيين حتى
النخاع:
موسيقى البلوز
الخاصة
بالزنوج
وموسيقى البلوغراس
الخاصة
بالبيض ...
وبذلك، يكون الروك
آند رول قد
واصل في القرن
العشرين
معركة التحرر
التي دشنها الجاز
قبل مائة عام،
أي في نهاية
القرن التاسع
عشر،
باحتفاله
باندحار العبودية.
إذ صار لزاما
على الروك
أند رول
منازلة وريث العبودية،
Slavery: العنصرية،
Racism.
الروك
أند رول
ومكافحة
العنصرية
من بين
تجليات رغبة
الفنانين في
مكافحة العنصرية
عبر الموسيقى
قبول البيض
أداء ألحان السود
كما فعل إلفيس
بريسلي Elvis Presley،
أو إعادة
البيض أداء
أغاني السود
كما فعل إيريك
كلابتن Eric Clapton الذي أعاد
أداء أغاني
أسطورة
موسيقى البلوز
المطرب
الأفرو-أمريكي
روبرت جونسن Robert Johnson الذي
توفي في عز
شبابه
مسموما، أو
تقليد المطربين
البيض
للفنانين
السود في
حركاتهم وإيماءاتهم
خلال الغناء
كما فعل جو
كوكر Joe
Cocker الذي
قلد طوال
مشواره الفني
الغني حركات
المطرب
الزنجي راي
تشارلزRay Charles أو كما
فعل أنغوس
يانغ Angus Young (القيتاريست-القائد
لمجموعة ACDC
البريطانية)
الذي قلد طوال
مشواره الفني
حركات مثله
الأعلى في
العزف على
القيتارة،
الفنان
الأفرو-أمريكي
تشاك بيري Chuck Berry... كل هذه
الرسائل
المشفرة كان
الهدف منها هو
تبرؤ الفنانين
من قيم
العنصرية
وفلسفتها
وتطبيقاتها
على الأرض من
خلال قول: "كلنا
زنوج!"
خاصيات
الروك آند رول
ولأن الروك
أند رول
صار موسيقى
لمكافحة
العنصرية،
فقد صار من اللائق
به أن يكون
بهيجا ومرحا
وهي خاصية
سارع
لإدخالها
الرواد. فقد
أضاف فينس
تايلر Vince Taylor ومعه إلفيس
بريسلي Elvis Presley
ميزة الفرح
على أغنية الروك
آند رول
المؤداة من
خلال
الاندماج
معها اندماجا
يصل حد
تجسيدها رقصا
على طريقة
جذبة المهتزين
Quakers، الطريقة
الصوفية الأمريكية
المعروفة.
فيما أضاف راي
تشارلز Ray Charles،
المطرب
الأفرو-أمريكي
الضرير، نغمة
إضافية للفرح
وهي "الصرخة"
نظرا لعجزه عن
القيام إلى
الحلبة
للرقص، شأنه
في ذلك شأن
باقي
المطربين
المعاقين من
أمثال ريتشارد
الصغير Little Richard وغيرهما.
وقد تزامنت
أولى صرخات
راي تشارلز Ray Charles مع
أغنيته
الشهيرة، "ترى،
ماذا عساني
أقول؟" What’d I Say?، التي
لاقت نجاحا
هستيريا من
قبل الجماهير.
كما تعاقب على
أدائها أغلب
مشاهير مطربي
الخمسينيات
والستينيات
من القرن
العشرين...
الصرخة
والرقصة
بعدما
كان الرقص
منفصلا عن الصرخة
في أغاني الروك
آند رول: فقد
جاء جيمس
براون James
Brown
ليصالح
بينهما خلال
الأغنية
الواحدة
فجاءت أغانيه
استثنائية في
كل شيء:
استثنائية في قوة
صرخاتها،
واستثنائية
في جدة حركاته
الراقصة،
واستثنائية
في كونها
صادرة عن مواطن
أسود يعاني من
التمييز
العنصري، وفي نفس
الوقت، يناقض
المسيرات
الاحتجاجية
في كل شوارع أمريكا
التي يقودها
بنو جلدته،
السود، بحضور
أساطير
النضال ضد
العنصرية كمارتن
لوثر كينغ Martin Luther King ومالكوم
إكس Malcom X
وغيرهما...
بينما جيمس
براون James Brown يغني ويصرخ: "أنا
بخير!'' ! I Feel Good
بعد
ثورة 1968
بعد ربيع
سنة 1968 الذي عم
عواصم الغرب،
من أوروبا إلى
أمريكا، ومع
الاغتيالات
التي تعرض لها
المناضلون ضد
الميز
العنصري
كمارتن لوثر
كينغ Martin Luther King ومالكوم
إكس Malcom X...
تأكد
لموسيقيي
الستينيات من
القرن
العشرين حجم
الوهم الذي
آمنوا به
فتفككت فرق
موسيقية نشأت
في رحم الروك
أند رول كمجموعة
الخنافس The Beatles ورحل
فنانون إلى Hard Rock’n Roll
فصارت
الأصوات أكثر
بحة بحيث وازت
كلمة Rock نعث Raucous
الذي يحيل على
بحة الصوت.
ومن الأصوات
المطابقة Bryan Adams,
Garou, David Gilmour, Bonnie Tylor Joe Cocker , Johnny Hallyday, Rod Stewart,
وغيرهم. كما صارت
القيتارة
أكثر صخبا،
فيما استبدلت
لازمة "Let’s Rock !" في
الخمسينيات
والستينيات
بلازمة جديدة
هي "!Let's Go Get Stoned"
التي صارت
عنوانا
لموسيقى
الهلوسة "Psychedelic Music"
التي واكبت موجة
الهيبيين Hippism والمتمردين
الجدد على
المدنية
والحضارة
المعاصرة...
مهرجان
وودستوك 1969
خلد
مهرجان وودستوك
Woodstock في نيويورك
عام 1969 الذكرى
الأولى لربيع
1968. مع هذه
النسخة من المهرجان،
ثم الإعلان
النهائي عن موت الروك
الكلاسيكي Classic Rock'n Roll
واحتضار
أحلامه مقابل
ميلاد الهارد
والصرخة الهارد
والإيقاع الهارد
وجيل الهارد
روك آند رول Hard Rock’n Roll...
ويؤرخ
المتتبعون
لنسخة سنة 1969 من
المهرجان
بالإضافتين
النوعيتين
اللتين
قدمهما كل من جيمي
هندريكس Jimi henrix
وجو كوكر Joe Cocker
واللتين
تركتا أصداء
قوية دوت في
كل أرجاء
العالم، بما
في ذلك العالم
العربي حيث
وجدت صرخة جو
كوكر Joe
Cocker صداها
في حنجرة عبد
الرحمان باكو،
العازف على
آلة السنتير
في مجموعة ناس
الغيوان
المغربية Nass El Ghiwane.
فيما وجدت
معزوفة جيمي
هندريكس Jimi
Hendrix
المقوضة
للنشيد
القومي
الأمريكي"العلم
المرصع
بالنجوم" Star Spangled Banner
صداها بعد 40
عاما في
معزوفة
العواد
العراقي نصير
شمة "بابا
عمرو"
المقوضة هي
الأخرى
للنشيد
الوطني
السوري...
في ما
بين مادي
ووترز
وراي تشارلز
إذا كان
مطرب البلوز
المعروف مادي
ووترز Muddy Waters هو مبتكر
فن الروك آند
رول Rock’n Roll
بإيقاعه
وفلسفته
الشائعة في
الخمسينيات
والستينيات
من القرن
العشرين، فإن
الفترة الذهبية
للروك آند
رول ما بين 1945 و1959
كانت على حافة
تحول الروك
إلى مجرد موجة
عابرة بعد
أفول نجم
الرواد من أمثال
إلفيس
بريسلي Elvis Presley وتشاك
بيري Chuck Berry وفينس
تايلرVince Taylor وبادي
هالي
وغيرهم إما
بسبب الموت
أو بسبب دخول
السجن أو
بسبب الغرق في
الفضائح...
ولأنه
كان لابد من
مجدد لروك
آند رول
يحتضر، فقد
كان مجيء راي
تشارلز Ray Charles رحمة
بجمهور الروك
آند رول فصار
بذلك الأب
الروحي
الثاني للروك
بعد مادي
ووترز،
المؤسس.
عشريتا
المصالحة بين
الفنون
والثقافات
والأعراق
عشريتا
الخمسينيات
والستينيات
من القرن العشرين
كانتا عشريتي المصارحة
في مجال
موسيقى عبر
أرجاء العالم
حيث ساد التهجين
وظهرت للوجود
أنواع
موسيقية لم
تكن موجودة من
قبل،
كالسامفوجاز
الذي نتج عن
مزج الجاز
بالموسيقى
السمفونية
والشعبي
الأندلسي
بالمغرب الذي
طوره المبدع
الراحل عبد
الصادق شقارة
Abdessadek Chakkaraلكن
ابتكار راي
تشارلز Ray Charles كان
مختلفا.
فالرجل مزج ما
بين أكثر من
فنين موسيقيين
في عزف واحد: الصولSoul Music ، الريدم
آند بلوز
Rhythm & Blues،
الغوسبلز Gospels والروك
آند رول موزيك Rock’n Roll Music ...
ولا يحتاج
الأمر إلى
تعليق على وقع
الأغنية على
الجماهير في
حينها، سنة ،1959
إذ وصل الأمر
بمنظمي
السهرات آنئذ
إلى مضاعفة
عدد الشرطة قبيل
أداء راي تشارلز
Ray Charles
لأغنية "ترى،
ماذا عساني
أقول؟" What’d I Say التي صارت
عنوانا
لمشواره
الفني وعلامة
دالة على
تميزه
الموسيقي...
الروك
مع ميلاد
أغنية "ترى،
ماذا عساني
أقول؟" What’d I Say
يحكي راي
تشارلز Ray Charlesنفسه
أنه كان يحيي
سهرة
سنة 1959 وفي باله
مجموعة من
الأغاني التي
كان سيلتزم
بأدائها في
الغلاف
الزمني
المحدد
للسهرة لكن
الرجل انتبه
إلى أن الوقت
لا زال طويلا
بينما الأغاني
قد استنفدت
بالكامل
فاضطر
لارتجال أغنية
تعاون معه
فيها الجمهور
واندمج فكان
نجاح الأغنية
آنيا.
أما راي تشارلز
فقد حرص منذئذ
على إنهاء كل
سهراته بتلك
الأغنية التي
شارك في صناعتها
حتى اختيرت
سنة 2002 كأحد
أفضل عشرة أغاني
في مجال الروك
آند رول Rock’n Roll عبر التاريخ
ومن دلائل
نجاح هذه
الأغنية، أغنية
"ترى، ماذا
عساني أقول؟"
What’d
I Say ، أن
سارع لإعادة
أدائها أغلب
عظماء
الموسيقى في
وقتها كإلفيس
بريسلي Elvis Presley وفينس
تايلر Vince Taylor ولايتنينغ
هوبكينز Lightning Hopkins وكليف
ريتشاردCliff Richard وجوني
كاش Johnny Cash وروبي
دارين Robby Darinوغيرهم...
الصرخات
الثلاث
الصرخة
التي أدخلها راي
تشارلز Ray Charles إلى
موسيقى الروك
آند رول مند
أولى أغانيه،
خاصة أغنية "ترى،
ماذا عساني
أقول؟" What’d I Say سنة 1959 ،
صارت مرجعية
لكل النجوم
القادمين إلى عالم
الروك، إذ
كانت صرخاته
في الحقيقة في
أغنيته هذه ثلاث
صرخات
متباينة:
أولاها،
صرخة اللذة
وقد أذكت
وميضها بعد
عشرين 20 عاما دونا
سامر Dona Summer في
أغنيتها
الجريئة I Feel Love في
منتصف
السبعينيات
من القرن العشرين.
وثانيها،
صرخة طلب
النجدة والاحتجاج
معا
وهي الصرخة
التي أعادها
إلى مساميع
الجمهور بعد
عشر سنوات
المطرب جو كوكر
Joe
Cocker فأبدع
فيها حتى
اشتهر بها سنة
1969.
وثالثها،
صرخة الفرح
التي أعاد
أداءها
والتزم بها جيمس
براون...
وبذلك تكون
مدارس الصرخة
ثلاثتها
تنتسب إلى الرائد
راي تشارلز: صرخة
اللذة وصرخة الاحتجاج
وصرخة الفرح
ومعها
موسيقى الروك
آند رول...
مقال
منشور على
صفحات مجلة "فنون"
الكويتية،
بتاريخ دجنبر
2013
الفهرس
تاريخ
الصرخة في
الأغنية
الإنسانية
المعاصرة:
الصرخة في
السياق
الموسيقي
الغربي (1945-1967)
تاريخ
الصرخة في
الأغنية
الإنسانية
المعاصرة:
الصرخة في
السياق
الموسيقي
العربي (1967-2011)
ناس
الغيوان:
المجموعة
الغنائية
الوحيدة في
العالم
المفتوحة على
الزمن
خريطة
الموقع
جميع
الحقوق
محفوظة
للمؤلف
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-song2-chapter1.htm</title>
<meta
name="description" content="
دراسات في
الأغنية
لمحمد سعيد
الريحاني ">
<meta name="keywords"
content="موسيقى،
غناء، توزيع،
لحن، نغم،
طرب، أغنية