ريحانيات

  

 

الكتابة والموت

 قراءة في أضمومة "موت المؤلف " للكاتب المغربي محمد سعيد الريحاني

 

 

بقلم القاص المغربي  حميد ركاطة

 

 

 

 

من المثير جدا في هذه المجموعة  القصصية، "موت المؤلف"، ما طرحه مؤلفها، محمد سعيد الريحاني، في سياق شهادته التقديمية للكتاب، والذي يعتبر مشروعا قصصيا جريئا  يتلخص في "الكتابة بالمجموعة القصصية" أو "الكتابة بالتيمة القصصية".  ما يعني أن فكرة تكوين مجموعة قصصية تحول  من جانبها العفوي والاعتباطي أحيانا ـ كون المجموعة هي مجرد  محصلة للعديد من النصوص التي تأتي اتباعا وعلى فترات زمنية مختلفة أوصدفة أحيانا ـ ربما أمر لم يعد يدخل في باب تحصيل حاصل. فالطرح الجديد الذي يتبناه القاص والمترجم المغربي محمد سعيد الريحاني  ينطلق بشكل معكوس من الأضمومة ( أو المجموعة القصصية) وينتهي إلى النصوص الفردية، وهي طريقة في الكتابة والتفكير استقاها على حد تعبيره " من الموسيقى ، فمنذ صغري ولعت بمجموعة البينك فلويد التي لا تؤدي "مقطوعات غنائية متفرقة ومتنافرة" بل تؤدي " ألبومات " (ص 5 )

 

ولعل هذا الطرح هو ما أفضى إلى كتابة مجموعة مترابطة وحول تيمة واحدة فقط، تيمة "الموت".

 

فما الجديد  في أضمومة "موت المؤلف"؟

 

فبقدر مناقشة المفهوم من حيث كونه محيلا على فناء، تطالع القارئ نصوص المجموعة بطروحات يمكن اعتبارها تصورات حول مفهوم الموت ذاته، ما يجعل المفاهيم الخاصة بالحياة نفسها تحاول البحث عن آفاق جديدة لتشكلها. فالموت متعدد الموارد والمصادر ولحظاته تكاد تشد أنفاس القارئ بين الموت الطبيعي، والانتحار، والتسمم، والاحتضار، والتعذيب، والموت الاختياري، والموت القسري، والاغتيال السياسي، وصولا إلى استحالة الموت والغياب.  لكن الموت غير المعتاد يبقى هو الموت في نص "موت المؤلف"، النص الذي يحيل على موت الكتابة "على الورق" وعلى موت صاحبها "على أرض الواقع".

 

إن القارئ هنا إزاء نصوص تحول الموت الذي يضحى السمة المسيطرة على المجموعة بقدر ما ترسل رسائلها تحاول  خرق جدار الصمت والوهم  حول الموت ذاته في مجتمعات اللاأمن والاستبداد والقهر والعنف والتسلط والتعذيب لتعري عن قتامة الواقع وأزمته الأخلاقية وموت الضمير:

 "هل سأموت هكذا بوجهي للسماء كالمدفع ؟ ..هل سأترك للموت وحيدا على هذه الطرقات المقفرة بضربة مجهولة من قاتل مجهول ؟ " ص 15 ، وصولا إلى استحالة النعيم بحظوة الموت نفسه.

فعتبة النص الثاني،"كل حياتنا للراحة وكل مماتنا للقلق  وتصديره بمقتطف من شعر الحطيئة يجعلنا منذ البداية بحضرة مفارقة كبيرة وهو قلق جسده النص بعد الموت  داخل قبر حيث عودة الروح للجسد المقيد دون القدرة على الحركة ليظل الاحتجاج والصراخ يتعالى إلى أن يغزو النمل الجسد الحي:

 "ألا يعلم النمل من خلال النبض أنني حي ؟ " (ص 22 )

 

وإن كان هذا النص من خلال قفلة النهاية يرسم واقعا داخل حلم، "أصرخ على رنين الهاتف الساعة المنبهة معلنة وقت اليقظة في صباح مختلف تحت غطاء مختلف على سرير مختلف" (ص 22)،  إلا أن سيربط بين "النوم" كموت آخر حيث تفارق الروح الجسد وتتعطل معه الحواس تاركة المجال للجسد  للتفاعل  كميائيا مع العقل الذي أبرز رهبة ما بعد الموت وقلقه. فالنوم موت آخر في زمن آخر. فهلا استحضرناه ؟

 

هل قدر الذات الموت فعلا؟  أم انه موت مع اختلاف في حدة الألم؟

 

ربما لُمِسَ هذا الأمر من خلال حالات الموت غير المتشابهة كالتسمم الذي يقاربه نص " حالة تسمم" (ص 23) من خلال استفحال الألم داخل الأمعاء وبروز بوادر  تعطل الأعضاء تلقائيا إيذانا باقتراب الموت لكن ما يجعل لهذا النوع من الموت ملمحا ومعنى هو وشمه لتاريخ الإنسانية بفاجعة تلو أخرى كسبب لموت الفلاسفة والعباقرة وعظماء التاريخ  فالمفارقة تكمن في عمق إكتشاف  السارد نفسه إذ يقول "عظماء التاريخ وصلوا إلى الحقيقة  فعوقبوا بالتسمم ولكنني على الضفة الأخرى من التاريخ أصل الحقيقة بعد تسميمي" (ص 25 )

 

فإليا أبو ماضي في قصيدته المعنونة "الحياة قصيدة" والتي تصدرت نص "اذكروا أمواتكم بخير"  تفتح قوسا للتأمل في عمق المأساة وهي تغني للحياة طارحة أسئلة وجودية عميقة:

" أين ألمها وعيونها  وفنونها؟

أين الجبابر والملوك العاتية؟"

 

في الموت، يتساوى البشر في الفاجعة والفقد والغياب "جنازة رجل/امرأة". وفي الموت، تسقط الهوية المانحة للتميز الاجتماعي والطبقي والمهني ليتم تجريد الفرد من كل ألقابه وشواهده وإنجازاته لحظة الصلاة عليه .

 

هذا الوضع يولد سؤالا حقيقيا حول وضع الميت وهيبته التي ستمحي كل المعالم التي شيدها سارد نص "اذكروا أمواتكم بخير" (ص 27 ) وهو يضرب باحتجاجه عمق الهالة التي أحيطت بالهالك "الرئيس الخالد في الحلم" الذي سيشيعه الملايين من الناس المنتظرين مرور موكب نعشه كما انتظروا مرور موكبه وهو محاط بهالة وسائل الإعلام وكذا مكانته كأب للجميع إذ نقرأ على الصفحة 28:

"الموكب الجنائزي  الرسمي سينطلق بعد قليل وسيكون علينا الالتحاق به بالخروج من جهة ذاك الشارع حيث نصبت الكاميرات لتصوير المشاركين الحاضرين والغائبين على السواء " (ص 28 )

 

إن قيمة الميت تتحدد انطلاقا من مكانته الاعتبارية  قيد حياته لكنها  قيمة ستنهار في ذات الآن بسبب الغياب والموت:

"أحدهم حاول الخروج عن السيل الآدمي محتجا           

ـ لماذا سأحضر في صلاة جنازة رجل ميت صليت له في حياته بعدد سنوات حياتي ؟ " (ص 29 )

 

إن العتبة بقدر ما توجه منذ البداية النص تجعل للوفاء مكانة والحب عنصرا أساسيا في توديع جثمان الراحل كما أن استنادهما على المقولة  أو الحديث تحيل على وعظ وتذكير وتنبيه دون تجريح أو تقريح أو زجر:

 "اذكروا موتاكم بخير". لكن تتمة الجملة تبرز رفضا معلنا للثابت والمطلق والمألوف "وذكروا أحياءكم بالصمت والحكمة" (ص 30).  فالانتفاض والتمرد متبوعان بعقاب وتنكيل عسيرين ما يجعل وقع اللغة في النص أبلغ  أثرا من الضرب المبرح .

 

ويستمر محمد سعيد الريحاني في تصوير حارق للحظات الاحتضار العسيرة وقلقها بين حيرة المحتضر الذي سيتنازل عن الحياة والجاه والمجد والمال بالقوة وبين حاشيته ( أبناؤه، ذويه، زوجته ..) وكأنهم يشكلون دائرة تضيق عليه الخناق وتسرع من وثيرة موته يقول سارد نص "على سرير الموت" (ص 31 ):

"هاهم  يتحلقون حولك في دائرة تزداد ضيقا مع تزايد خفوت صوتك واستفحال شحوب صورتك واشتداد برودة ملمسك ، لكن لا أحد منهم يدري بأنهم غائبون بصيغة الجمع عما تتذكره الآن " (ص 32 )

 

بدت حيرة المحتضر، من خلال عين السارد العارف بكل شيء، وهو يتطلع لمن هم حوله: يقارن بين اهتماماتهم ونظرتهم للحياة وبين المحتضر الذي قضى عمرا يشق طريقا في صخر صلد يرمم أذواقه وذائقته الفنية إذ نقرأ:

 "طبعا، أنا لا يخفى علي شيء ولكن السؤال المطروح  هو سؤال فلذات أكبادك  الذين لا يرون الآن هذه المتواليات من الوجوه الأنثوية التي ألهبت حياتك في ما مضى ونفخت فيك قوى لم يعرفها غيرك من المتسابقين على المال والبنين فجعلتك ترى الجمال في كل ما حواليك وتسمع الشعر في كل ما يحيط بك وتلمس الوداعة في كل ما تصله يدك..." (ص 32 )

 

فلحظة الاحتضار هي لحظة يحظى خلالها المرء بالصفاء الذهني واستحضار كل أعماله الخيرة التي قدمها مع طلب الاستغفار لذنوبه والآثام التي اقترفها طوال مشواره  الحياتي. إن الاحتضار لحظة فاصلة بين عالمين من بدايتين ونهايتين، "نهاية البداية" و"بداية النهاية" وهو ما لخصه السارد في: "يعكرون عليك صفو سعادتك بذكرياتك النورانية " (ص 32 )

 

فسؤال الموت يستحضر هنا لحظة النهاية حيث تضيق المسافات وتوصد جميع السبل وتخفت كل الأصوات وتعلو القتامة شاشة الرؤية التي يطوقها الظلام ويبدأ السفر في زمن الصمت المطبق.

 

الموت قدر محتوم لكن ظروف تحققه تختلف وتتنوع بل قد تأخذ أسوأ الأقدار وأذلها وأحطها وأصعبها على النفس المتربصة به . ففي نص "أسوأ قدر لأسوأ أسير" (ص 35 )، لم يعد الموت وحده المطلب الأساسي للخلاص بقدر ما أبرزت مساومتها بالحياة وبأعز الأشياء وأحبها إلى نفس الهالك، لكنها لم تكن كذلك بالقدر الذي يبرز حقيقة المشاعر وصدقها بل كانت المقايضة بالوطن والزوجة والأبناء رغبة في التملص من المصير الذي سيلاحق صاحبه بعد تقديمه العديد من القرابين أبرزت خسة أصله ونذالة تصرفاته وانحطاطه بل وجبنه لكونه فضل الحياة على الموت وهو ما سيعرضه إلى موت البؤساء والأشقياء والنذل وهو الأمر الذي نبهه إليه الضابط العسكري ( سجانه) إذ قال:

"لو كنت تقدمت بهذا الطلب قبل كل هذا الإذلال لكنت أشرف الشرفاء ولمت شهيدا ..لكنك أيها الأسير ستموت كالكلب موت الكلاب وتدفن رميا في مقبرة جماعية .. ولن يذكرك أحد فقد قتلت نسلك وانتهت قصتك " (ص 39 )

 

سؤال الموت يتفرع ويتشعب في هذه المجموعة القصصية، "موت المؤلف"، التي راهنت على رصد أصعب اللحظات وأبلغها  أثرا. إنها لحظة الحسم وتخلص الروح  من أوزار تحملتها في حياتها على مضض حتى وصلت درجة نشدان الخلاص  من التعذيب وكأن ضميرها صحا بعد سبات عميق على أزمة غير منتظرة ورغبة مجنونة لفت صاحبها بل أوصدت كل المنافذ المضيئة وأطلقت العنان للعتمة والوساوس ولظلمة واحدة: الخلاص فورا والحظوة براحة أبدية والرحيل الأخير...

 

حينما يتأمل القارئ حياة المدمن على المخدرات، يجد أنها حياة زائفة لا يحصد صاحبها سوى الشفقة والتشفي والاحتقار ولا يطال من ورائها سوى الإفلاس والمرض والألم والجنون. هل يمكن للمتوج أن يضع أكاليله المرصعة بالجواهر والياقوت فجأة في لحظة غضب دون أدنى رغبة في التمسك بتلابيب الحياة؟

 

هكذا سجل التاريخ بمداد الحزن والشفقة أسماء المنتحرين  بالسم وبالرصاص وبالغرق  ولوأن الانتحار ليس أسلوبا للرد على ضيق الأفق ولكنه جنونا وقمعا إذ نقرأ:

"الانتحار مثل الملبس والمأكل وأسلوب الضحك والكلام والمشي والرقص ونوعية الأصدقاء الذين يرافقهم والمآوي التي يقصدها ما هو إلا تجل من تجليات الشخصية الحية " (ص 44 )

 

الشخصية الرئيسية في هذا النص، "الموت على طريقة الأباطرة"، بقدر ما تعاني من وسواس قهري مرضي تتمادى في تبرير أساليب  الموت غير المشروعة والتي تشكل عنفا ضد الذات لأنها لا تصدر من شخص عاقل بقدر ما تنتج من شخصية مرضية أو انشطارية قتلها الوهم واستبد بها الجنون .

 

 

ف"الموت على طريقة الأباطرة" كان رغبة في الخلاص من سجن الإذلال بعد السقوط من أعلى هرم السلطة وانتحار المحاربين القدامي "الساموراي" كانت عفة واقتناعا بالغلبة ورفضا للخضوع تحت نير الأسر لأن شرف المحارب الانتصار أو الموت  وهو الموت الذي يصنع خلود الأشخاص من خلال الحكايات لكن تبقى مصادرها  تبريرا لنوع من الموت ودروسا للتاريخ وإحياءا للذاكرة الشعبية للبطولات والانتصارات القديمة  التي انطلقت أغلبها من بؤر الكتابة ومن محابر المداد على مساحات البياض الرهيب، لكن هل  مقولة النص تفتح أمامنا أفقا أخرى للموت الكريم ؟

 

على الصفحة 45، نقرأ:

"من عاش من أجل الكتابة  وجب عليه الموت بها " وهي طريقة الأباطرة والفلاسفة " أفرغ سقراط " في جعبة قلمه ووضع ورقا وفيرا على مكتبه وبدأ يعيد كتابة أعماله المنشورة بمداده الجديد " (ص 45)

 

فالموت سيكون بطيئا وعلى مراحل لكنه في ذات الوقت انتحار بطيء مقصود رغبة في الخلاص أمام مرأى وأعين سجانيه الذين رأوا ذبول أوراق الشجرة  التي أعلنت توقيف نصغها ليجف عودها بالمطلق. فمعادلة الموت ما فتئت تتغير بين المتسبب فيها وبين  المحتضر وهو في طريقه نحو الموت يرصد أنفاس وحركات وتصرفات القاتل كما في نص "قاتلي، انا لا زلت حيا":

"وأنا أنظر إلى الخلف على محياك يستحيل فرحا بدنو حتفي... لم أستمتع في يوم من الأيام بنجوم الليل كما استمتعت بها تلك الليلة في الكرسي الخلفي وراءك مباشرة على السيارة متعة لم يعكرها سوى أنفاسك المتسارعة" (ص 47 )

 

إن هذا الإحساس يبرز "توتر القاتل" و"انتشاء القتيل" وهنا لابد من الإشارة إلى تناص رهيب مع الرواية ما جعل الكتابة تبرز من خلال استحضارها لشخوص  أخر داخل زمن آني ومن الرواية نحو  القصة القصيرة  وهي تطرح الموضوع كحالة للدرس والتحليل لإبراز عذاب القاتل  وراحة المقتول النفسية مع توظيف فنطاستيكي ذكي وتخريجه في النهاية ستعيد الحياة للمغتال الذي "اقتحم" روح قاتله ليخاطبه من "داخله":

 "كان بإمكاني أن أحيا ثالثة ورابعة وخامسة وأعود إليكم لتقتلوني من جديد ، لكني فكرت في طريقة أخرى أعود من خلالها إلى الحياة الانبعاث داخلكم ، العودة إلى الحياة من داخلكم ومجالستكم في داخلكم وتأنيبكم من داخلكم " (ص 49)

 

إن هذا النوع من الموت رعبا وقلقا وجنونا سيحول الذوات المستقبلة لروح المغتال إلى أمكنة جديدة للحياة مسببة لها الوخز والتأنيب وهو ما يبرز سبب وضرورة توظيف العتبة " قاتلي أنا لا زلت حيا " سواء كعنوان أو كخاتمة للنص .

 

هل يستحيل الكاتب في النهاية إلى مجرد كلمات وأفكار تحملها لغة مقررا انسحابه مادامت "اللغة هي التي تتكلم وليس المؤلف " كما قال مالارمي مرة وهو ما أعلن بصورة مطلقة عن "موت المؤلف" حسب رولان بارث؟

 

هل هذا الطرح هو الذي أبرزه محمد سعيد الريحاني في أضمومته التي تحمل ذات العنوان ؟

 

لقد تجسد "موت المؤلف" في العديد من نصوص الأضمومة وكأنها أطباق متنوعة قاسمها المشترك "الحتف" و"النهاية". وقد تجلى الغياب المرير لصوت المؤلف الذي أصبح  موته مجرد شخصية متحدث عنها من خلال الخبر الصحفي  وبرقيات التعزية من الأقارب وجمعيات الكتاب ووزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي ورؤساء الدول الشقيقة  ورئيس الدولة...

 

إن هذا الاهتمام الذي حظي به الفقيد يجعل من "موت المؤلف" حدثا وطنيا يستدعي إعلان يوم حداد وطني لكن ما تضمنه النص من سخرية هادئة ولاذعة جعلت من "موت المؤلف" حدثا له نكهة  أخرى ودلالة خاصة على الغياب والاختفاء.  لكن  هل يحظى  شخص المؤلف بالفعل بكل هذه الهالة ؟ وهل يسمع صوته وهل له اعتبار؟

 

فرمزية الموت التي صدر بها الكاتب النص من نص رولان بارث الشهير "موت المؤلف"، أبرزت كيف يفقد المؤلف مصدره الحقيقي ويختفي وهو ما يحيل على موته مادام  الغياب شرطا أساسيا  ليضحى الحضور الدائم والبهي هو زمن الكتابة.  فالمؤلف يموت مع بداية صوت السارد وبداية الكتابة وهذا الانسحاب يشكل فراغا ذاتيا للكائن الفاعل الذي تملأه اللغة التي تضحى المتحكمة والحاضرة والمهيمنة وهو ما عجل بالإعلان عن "موت المؤلف".

 

لقد قاربت المجموعة تيمة الموت من جوانب عديدة بل تكاد شموليتها تنتقل من الموت الحقيقي إلى الموت المجازي إلى الموت على الورق، "موت المؤلف". ولعل الجديد الذي قدمته الأضمومة هو الطرح الجديد ل"الكتابة بالمجموعة القصصية" او "الكتابة بالتيمة القصصية" كما هو الشأن في التأليف الموسيقي. وهذا ما يجعل محمد سعيد الريحاني "سباقا" لهذا الطرح في الكتابة القصصية. 

 

وعليه، تعتبر أضمومة "موت المؤلف" باكورة مغربية بامتياز تقارب تيمة الموت المتنوع وتطرح أسئلتها الباحثة عن أجوبة شافية كسؤال الأسبقية بين الإبداع والتنظير ، ويميل الكاتب إلى أهمية "استحضار " إطار نظري" يضبط أعمال الكاتب ويميزها، ويرتقي بها إلى " التصور النظري المضمر" إلى " المشروع الجمالي المعلن" والذي يبقى أرقى وأنضج أشكال التنظير في الكتابة الإبداعية عموما والكتابة القصصية خصوصا." (ص 11 )

 

ومبرراته في ذلك حسب الحوار الذي أجرته معه جريدة "العرب اللندنية" أن:

"مفهوم الكتابة القصصية مدعو للتنصيص على تبني مشروع نظري يعي الكتابة القصصية العربية ويرفع سقف حرياتها باستمرار والكتابة ب"المجموعة القصصية" تبقى خطوة في هذه الرحلة الجديدة للإبداع القصصي الغدوي" (ص 11 )

 

أضمومة "موت المؤلف" رهان لرفع  شعار مرحلة جديدة وجيل جديد من كتاب جدد  و ودعوة للنقاد للتفكير في مشاريع هذا المبدع  الذي بقدر ما اخلص للقصة القصيرة إبداعا وترجمة وتنظيرا من خلال إنجاز سيظل خالدا، "الحاءات الثلاث: أنطولوجيا القصة المغربية القصيرة" (في ثلاثة اجزاء على ثلاث سنوات 2006-2007-2008) ناهيك عن أعمال أخرى نحت نحو خلق التميز والتعريف بالنبوغ المغربي وطنيا وعربيا وعالميا...

 

أضمومة "موت المؤلف" إدانة للكاتب والقارئ على السواء ودعوة للحضور الدائم والمستمر والتواجد في الساحة سعيا نحو خلود الكتابة وروح القراءة ..

 

 

 

جريدة "بيان اليوم" المغربية، عدد السبت والأحد 2/3 أكتوبر 2010

 

 

 

 

قراءات نقدية لأعمال محمد سعيد الريحاني

 

حميد ركاطة 2

حميد ركاطة 1

محمد البوزيدي 2

محمد البوزيدي 1

عبد الحميد الغرباوي

محمد معتصم

مصطفى لغتيري

التيجاني بولعوالي

 

خليفة ببا هواري

محمد يوب

 

 

 

الرجوع إلى القائمة

 

تقديم باكورة أعمال الأصدقاء

قراءات في أعمال محمد سعيد الريحاني

تكريم الصديقات والأصدقاء من أسرة الأدب

تكريم محمد سعيد الريحاني

 

 

 

خريطة الموقع

 

الحاءات الثلاث، الجزء 3

الحاءات الثلاث، الجزء 2

الحاءات الثلاث، الجزء 1

مَقَالاتُ متخصصةُ

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

شَهَادَاتُ فِي الإبْدَاعِ وَالتّلَقي

درَاسَاتُ سِيميَائِيَةُ للأسماء

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

الموسيقى الصوفية: موسيقى الخلاص

ناس الغيوان

رهانات الأغنية العربية

روايات

مجاميع قصصية على الخط

مجاميع قصصية مشتركة

يوميات

بَيَانَاتُ وَمَوَاقِفٌ

مترجمات ْ

الريحانيات على الويب

روابط ثقافية

أخبار الرّيْحَانِيات

الألبوم المفتوحُ

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

 

ALL RIGHTS RESERVED

 

 

 e-mail : saidraihani@hotmail.com

   <title>http://raihani.free.fr/arabicversion-reviews-text1.htm</title>

<meta name="description" content=" قراءات نقدية لأعمال محمد سعيد الريحاني

<meta name="keywords" content=" متابعات نقدية، قراءات نقدية، قراءة عاشقة  ">