ريحانيات
قراءات
نقدية لأعمال
محمد سعيد
الريحاني
"خمسون
قصة قصيرة
جدا، حاء
الحرية" هو
عنوان
المجموعة القصصية التي
بين أيدينا،
للأديب محمد
سعيد
الريحاني، و
هي عبارة عن
صيحات صارخة تعبر عن
المرحلة
الراهنة بكل
خباياها
وتجلياتها،إنها
بمثابة حركة
وعي تستفز
القارئ
وتورطه في بناء
وتأثيث فضاء
هذه القصص
الخمسون
،وتدفعه إلى
تشكيل الرؤية
الممكنة إلى
العالم،رؤية
مبنية على
الصراع
والجدل
المفضيان إلى
تحريك بركة
الفكر
الراكدة
والآسنة.
قام
القاص، في
مستهل هذه
المجموعة
القصصية، بتحديد
مجموعة من
المفاهيم
المتنوعة
التي تحوم
وتقترب شكلا
ومضمونا
بالقصة
القصيرة جدا
ليوضح للقارئ
أن هذه
التعريفات لا
تمت بصلة لا
من قريب ولا
من بعيد
بهذا الجنس
المستقل و
الذي يتصف بصفة
الانفلات
والزئبقية.
وبعد
هذه المقدمة،
نقرأ قصصا
قصيرة جدا
تعكس الواقع
بطريقة
متخيلة تمزج
بين واقعية
الواقع وخيال
المبدع، بلغة
أدبية ولادة
تتصف بصفة
الانفجار
المولد
للمعاني و
الدلالات
العميقة، إن
القارئ لهذه
المجموعة
القصصية يشعر
بأن القاص محمد
سعيد
الريحاني
كانت عينه على
الواقع وقلمه
على الصيغة و
اللغة التي
ينقل بها هذا
الواقع. إنها
مغامرة فكرية
صاغها القاص
على شكل قصص
قصيرة جدا أخذ
فيها حريته في
التعبير
وأعطاها
الحجم
المناسب الذي
يلائم هذه
الأفكار وهذه
التجارب
الحياتية.
"خمسون
قصة قصيرة جدا"
تعكس صورا
اجتماعية حية
بلغة معبرة
تتسم بعمق
الالتزام
والجرأة في
النقد
والمحافظة على
المبدأ،
الهدف منها
إصلاح
المجتمع أو
على الأقل
الوقوف على
مكامن الخلل
في حياتنا
اليومية
وفضحها أمام
المتلقي.
المتتبع
لنصوص
المجموعة
القصصية سيلاحظ
بأنها تدخل في
إطار الأسلوب
السهل الممتنع
حيث إن القارئ
لن يشعر
بغرابة في
اللفظ ولا في
المعنى،
وإنما سيشعر
بالكلمات
تنساب تدريجيا
إلى ذهنه
فتخلخل
أفكاره
وتدفعه إلى
التمعن جيدا
في دلالات
المقروء دون
عملية القفز على
المعاني التي
تقتل لذة
القراءة .
ولهذا،
ينبغي على
القارئ عدم
الاكتفاء
بمظهر النصوص،
بل لابد من
اختراق النص
وتفكيكه
لمعرفة أبعاده
ودلالاته،لابد
من اعتماد
قراءة متأنية
للنصوص
وتقليب
أوجهها
المختلفة من
اجل سبر أغوارها
ومعرفة
أبعادها
ودلالاتها
العميقة.
وقد
اعتمد محمد
سعيد
الريحاني في
تأثيث فضاء
هذه القصص على
مجموعة من
الجمل
المتنوعة بين
صيغة الماضي
التي تنقل
الأحداث من
زمن الوقائع إلى
زمن القص أي
زمن الكتابة.
كما اعتمد
كذلك على صيغة
المضارعة
التي تعطي
للمشهد
القصصي حركية
ودينامية في
فضاء القصة.
يلاحظ أيضا
بأن هذه
الأفعال
المضارعة
تتحرك
سويا مع حركية
الحوار الذي
يعطي للقصة
صفة الواقعية
الممزوجة
بالتخييل
الذي يوهم
القارئ
ويشعره بواقعية
وحقيقة هذه
التجارب
القصصية، وهي
عملية تساهم
في خلق رؤية
شمولية تشارك
فيها كل العناصر
المشكلة
للقصة بحيث لا
يصبح القاص هو
مصدر السرد
القصصي ولا هو
المنتج للفكر
والإبداع،
وإنما يصبح هو
والمتلقي
عنصران هامان
في
تحديد
الرؤية
واقتراح
التصورات
الممكنة
بواسطة عملية
التلقي و
التأويل.
و
النص عندما
يمتزج فيه صوت
القاص وأصوات
القراء لا
يبقى بريئا.
فبمجرد خروجه
إلى ساحة القراءة
يصبح ملك جميع
القراء كل
واحد يؤوله
ويحوره
بالطريقة التي
تلائمه شريطة
ألا يكون
التأويل
تعسفيا لأن
عملية التعسف
في القراءة
تقتل جمالية
النص وتشوه
حقيقة أبعاده
ودلالاته.
إن
القاص محمد
سعيد
الريحاني
وهو يكتب هذه
المجموعة
القصصية كان
يحسب حسابه
لطبيعة
المتلقي/القارئ.
لهذا،
لم يكن ينقل
الواقع بشكل
مباشر ولكنه يجعلنا
نعيش معه هذا
الواقع
ويدفعنا إلى
التفكير في
إيجاد الحلول
الممكنة
لإنقاذ هذا الواقع
من عتمة
الفساد
وتوعية الناس
بحقوقهم، وفضح
كل من يساهم
في تفقير
الناس
والتضييق عليهم.
ولذلك لم
يعتمد القاص
على الشخصيات
الطبيعية
وإنما اعتمد
على "شخصيات
منفلته" كما
هي أحداث
القصص: شخصيات
حداثية ورقية
تتغير بتغير
السرد وتشظي
الأحداث. كما
يلجا أحيانا
إلى الاختباء
وراء هذه
الشخصيات لكي
يوزع عليها الأدوار
تبعا لرؤيته
وانسجاما مع
مبادئه الرافضة
للخضوع و
الخنوع:
"علقوه
وجلدوه فصرخ
حتى تمزق فمه
ليطل "غاندي"
من حلقه ويهمس
للجلادين...لكم
جلودنا
ولكنكم لن
تستطيعوا
أبدا النفاذ
إلى أرواحنا".
(عن نص "مناضل"،
عن المجموعة
القصصية "خمسون
قصة قصيرة
جدا، حاء
الحرية")
وقد
اعتمد في نقل
أحداث قصصه
وتوزيع
الأدوار المنوطة
بشخصياته على
أسلوب
الترميز
الأسطوري بطريقة
معاصرة
محينة، تساعد
على أداء
وظيفتها داخل
المقاطع
القصصية،
بحيث لم يستدع
القاص هذه
الشخصيات
الأسطورية
لأجل سواد
عيون البروباغندا،
وإنما
استدعاها
لغرض وظيفي
وهو التوظيف
الأسطوري
لأدائها دورا
هاما في
القصص،
وإحالتها
القارئ على مكانة
هذه الشخصات
الأسطورية و
التاريخية
ودورها في سير
عجلة التاريخ.
و
السرد/القص
هنا بهذا
المعنى يتصف
بصفة المحكي
المشهدي إذ
نجد القاص
يسرد الأحداث
نيابة عن نفسه
وعن الشخصيات
في كثير من
الأحيان فاسحا
لها المجال
للتعبير عن
نفسها.
وأحيانا، يكون
طرفا وسطا
يتوسط
الشخصيات
وكأنه واحد
منها دون
التصريح بذلك
مباشرة بل يظهر
ذلك من خلال
بعض ردود
أفعاله أومن
خلال نبرة
صوته التي
تختلف من مشهد
لآخر. وفي
كثير من الأحيان،
يتخذ لنفسه
مكانا منعزلا
عنها حيث يراقب
الأحداث
ويسير
الشخصيات من
نافذة واسعة
هي نافذة
الواقع، من
زاوية الرؤية
من الخلف.
والملاحظ
أن الرؤية من
خلف تساعد على
ما يمكن
تسميته
بالسرد
الاستباقي
الذي يحكي
الأشياء قبل
وقوعها وهي
طريقة
مستحدثة في
الكتابة
القصصية
القصيرة جدا،
حيث نجد أن القاص
يبني مجموعة
من التوقعات
الاستباقية الممكن
وقوعها، قد
وقعت في ذهن
القاص ثم نقلها
أدبا لكي يكون
القارئ على
بينة منها.
وفي هذا النوع
من الكتابة،
تنظير للواقع
ووضع خارطة
طريق تنير
للقارئ
مجموعة من
العتمات التي
قد تعترضه في
حياته، ويبدو
أن الحنكة
والتجربة
القصصية لهما
أثر كبير في
ولوح هذا
النوع من
الكتابة
القصصية .
قراءات
نقدية لأعمال
محمد سعيد
الريحاني
|
|
الرجوع إلى
القائمة
قراءات
في أعمال محمد
سعيد
الريحاني
تكريم
الصديقات
والأصدقاء من
أسرة الأدب
خريطة
الموقع
مترجمات
ْ |
||
جميع
الحقوق
محفوظة
للمؤلف
ALL
RIGHTS RESERVED
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<title>http://raihani.free.fr/arabicversion-reviews-text1.htm</title>
<meta name="description" content=" قراءات
نقدية لأعمال
محمد سعيد
الريحاني
<meta
name="keywords" content=" متابعات
نقدية،
قراءات
نقدية، قراءة
عاشقة ">