رَيْحَانِيَاتٌ |
||
|
|
|
|
|
|
|
|
"موت المؤلف"
مجموعة
قصصية
حالة تَسَمم
"لست أذكر
إلا الطريق
التي ضللتني
فتهت عند القدمين
***
لست أذكر
إلا الجبال
التي علمتني الهبوط
من الجنة الغائبة
***
لست أذكر إلا الغريب
الذي قال لي:
أنت لست سواي."
عبد الكريم الطبال
قصيدة "أمام النسيان"
وجع بحدة السكاكين
يقطع أمعائي دقيقها وغليظها.
هل هو وجع موعد
الذهاب لدورة المياه؟
دخلت الحمام وخرجت منه بأوجاع أكثر حدة.
صيدلية الحراسة
الليلية بعيدة وربطة الصعتر المتدلية على جدار المطبخ تبقى باب الأمل الوحيد في الخلاص من الألم.
طبخت أعوادا من
الزعتر في ماء مغلى ثم شربت مرارته على جرعات. لكن يبدو أن الوجع في أمعائي محصن ضد كل الوصفات والأعشاب.
لم أعد أستطيع
السيطرة على انفعالي. ربما كان عويلي الآن يسمع من صيدلية الحراسة الليلية ذاتها.
من أين لي بهذا
الوجع؟
من الوجبة السريعة
التي تناولتها اليوم خارج البيت؟
الوجبة كانت فعلا
رديئة والطباخ متسخا والموائد ملاعب مفتوحة لذباب بحجم الجراد... لكنه كان المطعم
الوحيد في تلك الضاحية النائية ثم إنني لم أشعر بأي لا أثناء الاكل ولا بعده.
العويل، العويل،
العويل...
بدأت أسترجع شريط
الأحداث التي وقعت لي هدا اليوم.
أتذكر أن الوجع لم يتملكني
إلا بعد فراقي مع حواء بعد جلسة محاسبة صاخبة في قاعة شاي " الفردوس"
تضايق منها كل الرّواد وخرجتْ منها حَواء دامعة العين من الباب الرئيسي بينما خرج أدم من الباب الخلفي منكبا على وجهه
ممسكا بطنه بذراعيه.
هل حملت معي هذا
الأذى الذي يعذبني من "الفردوس"؟
لكنني لم أتناول غير
عصير بارد!
هل هو فعل البرودة
في أمعائي؟
لماذا كانت حواء
تحاسبني بعدوانية ظاهرة وهي تحرك لي بمعلقتها كأس عصيري؟
هل دسّت لي شيئاً في
كوبي وأرادت إخفاءه بتحريكه وتذويبه ؟
هل حدة الوجع
المستفحل في أمعائي هو فعل السم؟
هل تجرعت السم؟
هل عاقبتني حَواء
على خياناتي المتكررة لها بدسّ السّم في مشروبي؟
العويل صار الآن
مضاعفا.
لم أعرف وجعا كهذا
في حياتي.
هل ينفع معه ترياق؟
فتحت قنينة زيت
عمرها قرن من الزمن توارثها آبائي عن أجدادي الذين لم يتركوا عقارا ولا أبقارا.
شربت ملعقة كبيرة من زيت زيتون القرن الماضي الذي أصبح بفعل بالأقدمية ترياقا صالحا لمقاومة سموم القرن
الحالي.
العويل وصل أقصى
مداه!
العويل، العويل،
العويل...
معسكر الوجع في بطني
صار معسكرين: الأول للسّم والثاني للتّرياق...
أعضائي بدأت تتعطل
الواحدة بعد الأخرى .
هل يتعلق الأمر بانتقام؟
لم أعرف في يوم من
الأيام قبل هذه الساعة أن إيلام الآخر هو مقدمة لإيلام الذات؟
اليوم فقط أعرف أن
الآخر ليس سوى تجل من تجليات ذاتي؟
اليوم فقط أُدْركُ
بأن حواء لم تكن غير مرآتي الأنثوية...
عُظماءُ التاريخ
وصلوا إلى الحقيقة فعوقبوا بالتسميم ولكنني، على الضفة الأخرى من التاريخ، أصل
الحقيقة بعد تسميمي...
العويل، العويل،
العويل...
هل قدر الغافلين
دائما هو التسميم؟
تعطلت، الآن، كل
أعضائي إلا يدي اليمنى التي تخط هذه الإعترافات. وإذا ما أدركها الشلل والموت،
فاعذري نقصان النص واعذري طيشي وخيانتي فقد ركبت موج الرجولة ولم أعرف أن لقناع
الرجولة جوهرا أنانيا...
قاتلتي، سامحيني حين تقرئي هذا النص بعد تعطل الجسد
وفرار الروح.
سامحيني.
سامحيني.
سامحيني...
28 مارس 2007
العودة إلى مواد المجموعة القصصية
كل حياتنا للراحة وكل مماتنا للقلق
خريطة الموقع
جميع
الحقوق محفوظة للمؤلف
ALL RIGHTS RESERVED
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-shortstory5-index.htm</title>
<meta
name="description" content="أعمال محمد سعيد
الريحاني القصصية، موت المؤلف، writing">
<meta name="keywords" content=" نصوص
قصصية-
كتابات سردية- سرد- مجموعة قصصية">