رَيْحَانِيَاتٌ |
||
|
|
|
|
|
|
|
|
"وَرَاءَ كُلِّ عَظِيمٍ أَقْزَامٌ"
مجموعة قصصية
الجريمة والعقاب
"إني أرى قصر المستبد في كل زمان هو هيكل
الخوف عينه: فالملك الجبار هو المعبود، وأعوانه هم الكهنة، ومكتبته هي المذبح
المقدس، والأقلام هي السكاكين، وعبارات التعظيم هي الصلوات، والناس هم الأسرى
الذين يقدمون قرابين الخوف......"
عبد الرحمان الكواكبي
"طبائع الاستبداد ومصارع
الاستعباد"
دار الشرق العربي، الطبعة الخامسة، 2003، ص:51
مخاضات
النص:
1)-
التهم: تشدد، غُلُوّ، تعصب، تطرف...
2)-
المتهمون: السُّمْر، السُّود، الحُمْر،
الصُّفْر...
3)-
وجهة الاعتقال: غير معروفة
4)-
هجوم الحقوقيين على ظروف المحاكمات وظروف الاعتقال
وقسوتها...
5)-
قرار الدولة إلغاء المعتقلات وإعلان البلاد دولة بلا سجون...
6)-
إعادة صوغ العقوبات على ضوء شروط الدولة الجديدة، دولة بلا
سجون.
فلسفة قانون العقاب الجديد:
الدعامة
الفلسفية الأولى:
المؤسسات السجنية القائمة لم
تعد تعطي نتائج. سلوك السجناء أصبح أكثر تطرفا. أما من حوكموا ظلما وعدوانا فإنهم يصبحون أكثر
تطرفا وأكثر حرفية في
الجريمة جراء الاحتكاك بالمجرمين. أغلب العصابات التي تم تفكيكها
بعد إلقاء القبض على أفرادها كانت مجموعات هنا في زنازين
مشتركة...
الدعامة الفلسفية الثانية:
ليكن العقاب عقابا حقيقيا ولكنه، لكي يكون كذلك، يجب الإنصات أولا لما "يخاف"
منه المرشح للعقاب. ولهذا الغرض، يجب تتبع حياته من خلال
شهاداته وشهادات غيره وملاحظة سلوكه، وتعريضه للسؤال والصور والمواضيع المستفزة
لردود أفعاله...
الاستنطاق والعقاب:
ضابط التحقيق لأعوانه الذين أحضروا للتو محكوما عليه
بعشر سنوات سجنا نافذة:
- مم يخاف هذا؟
- من الأعالي.
- إذن، عقابه: الأعالي. خذوه إلى سطح برج
المدينة ليساعد البنائين هناك لمدة عشر سنوات...
المعتقل يتمسك برجل المكتب
متوسلا لكن الضابط ينشغل بالرجل الثاني المحكوم عليه بعشرين عاما سجنا نافذة:
- وهذا، مما يخاف هذا؟
- من النساء.
- إذن، عقابه: النساء. أعيروه لمدة عشرين
عاما لممون حفلات نسوية محضة ليخدم النساء دون الرجال .
المعتقل يتمسك برجل المكتب وأقدام العملاء الذين يجرونه
إلى الخارج فيتفرغ ضابط التحقيق للرجل الذي دفع إليه للتو قبل أن يعرف من لسانه
بأنه محكوم عليه بثلاثين سنة نافذة:
- مم يخاف هذا؟
- من السرعة في السفر؟
- لتكن، إذن، عقوبته مصاحبة مجانين
السرعة في السياقة خلال تمارينهم لمدة ستة عشر ساعة في
اليوم على مدى ثلاثين عاما!...
يتوسل المعتقل للضابط
ويدعو له بطول العمر لقاء العفو: يتمسك بِكُمّ ضابط التحقيق لشرح ملابسات ما حدث
لكن العملاء يجرونه جرّاً إلى الخارج ليتفرغ ضابط التحقيق للرجل الموالي المحكوم
عليه بخمس سنوات نافذة:
- مم يخاف هذا؟
- من الأماكن المغلقة؟
- لتكن، إذن، عقوبته العمل في المناجم لخمسة أعوام.
حاول المعتقل استجداء الضابط لكن العملاء جروه جرا إلى
الخارج، فاسحين المجال للمحكوم عليه بالسجن لمدة سنة:
- مم يخاف هذا؟
- من البوليس؟
- عقوبته، إذن، هي العمل كشاوش في مخفر الشرطة
لمدة سنة بالتمام والكمال.
أغمي على الرجل وخر صريعا على الأرض، تاركا العملاء
يجرونه من رجليه حيث شاءوا بينما انشغل الضابط بالمحكوم عليه بخمسة عشر عاما سجنا
نافدة:
- مم يخاف هذا؟
- من الغرباء ؟
- خذوه للعمل في المحطة الطرقية خمسة عشر عاما
كاملة!...
المعتقل يصرخ ويدعو للظالمين بالهلاك العاجل لكن العملاء
يصرون على أن تكون بقية أدعيته خارج المكتب كي يتفرغ ضابط التحقيق للرجل المحكوم عليه بسنتين سجنا
نافذة:
- مم يخاف هذا؟
- من المهانة؟
- خذوه للعمل كبائع متجول للحلويات على الشاطئ: يراه العادي والبادي، ويحاسب
كل مساء على ضعف المبيعات إن قصر في عمله أو تهاون.
صدم المعتقل من الحكم
وانتابته نوبة اضطراب شديد بلغت ذروتها خارج مكتب ضابط التحقيق الذي انشغل مباشرة
بالرجل المحكوم عليه بالسجن المؤبد:
- مم يخاف هذا؟
- لا يخاف؟
اقترب منه الضابط ونفخ له في عينيه فلم يرمش.
أعاد الكَرّة لكن
الرجل الواقف أمامه لم يرمش ولم يتزحزح قيد أنملة.
استدار
الضابط وقال للعون:
- حسنا، خذوه إلى بيتي. لا أعتقد بأن بيتي مصنف
كمركز اعتقال. خذوه، إذن، إلى بيتي فثمة عقابه.
21 يناير
2009
العودة إلى مواد المجموعة القصصية
إِنِّي خَيّرْتُكُمْ، فَاخْتَارُوا!
"عَبْزْفْ"، القِرْدُ الهَجَّاءُ
خريطة الموقع
جميع
الحقوق محفوظة للمؤلف
ALL RIGHTS RESERVED
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-shortstory2-index.htm</title>
<meta
name="description" content="أعمال محمد سعيد
الريحاني القصصية، حذاء خاص بوجوه العظماء، أبو القاسم الطنبوري، نوادر العرب،
الطاغية، قزم، وراء كل رجل عظيم أقزام writing">
<meta name="keywords" content=" نصوص
قصصية- كتابات سردية- سرد-
مجموعة
قصصية">