رَيْحَانِيَاتٌ |
||
|
|
|
|
|
|
|
|
"وَرَاءَ كُلِّ عَظِيمٍ أَقْزَامٌ"
مجموعة قصصية
نظرية الانفجار الأعظم
"بواسق العلم وما بلغ إليه تدل على أن يوم
الله قريب. ذلك اليوم الذي يقل فيه التفاوت في العلم وما
يفيده من القوة. وعندئذ تتكافأ القوات بين البشر فتنحل السلطة ويرتفع التغالب ويسود بين الناس العدل والتوادد
فيعيشون بشرا لا شعوبا، وشركاء لا دولا. وحينئذ، يعلمون
ما معنى الحياة الطيبة..."
عبد الرحمان الكواكبي
"طبائع الاستبداد ومصارع
الاستعباد"
دار الشرق العربي، الطبعة الخامسة، 2003، ص: 159
في مركز الاستعلامات:
الزائر: صباح الخير, سيدي.
موظف الاستعلامات: صباح الخير.
الزائر: جئت ضيفا على
بلدكم وأردت من باب إزالة اللبس على قدومي أن أقدم لكم معلومات عن شخصي وقصدي.
الموظف: حسنا، تفضل .
الزائر: أنا أستاذ باحث جئت بدعوة من عدة جامعات وجمعيات ثقافية في بلدكم لشرح
نظرية "الانفجار الأعظم" في هذه المدن المكتوبة على هذه الدعوات
.خذ البطاقات. تفضل بقراءتها. هناك التواريخ وأسماء الجامعات ومكان المحاضرات...
بعد قراءة الدعوات ,نصائح الموظف:
أيها الأستاذ الكريم ,لقد قمت
بعمل نبيل يشف عن بياض النية وحسن الخلق وصادق الاحترام حين قمت بهذا الإجراء : لا
أحد في تاريخ السياحة ببلادنا أقدم على خطوة من هذا النوع. ولأنك الأول فسيكون
جزاؤك الأمن المطلق والحماية اللامرئية خلال زيارتك
لبلدنا . إنك في بلد آمن. وسترى, بدخولك البلد عبر
بوابتنا، كيف نصنع الأمن والطمأنينة. وستنعم بحراسة ترافقك حتى تنام قرير العين.
تفضل. خد أنت أيضا هذه الأرقام الهاتفية واتصل بي حين تشعربمضايقة أو
استفزاز. سعيد بمعرفتكـ، أستاذ. وإقامة
سعيدة.
في السفرية الأولى:
ترى من هذا الرجل بنظارتين سوداوتين
ومعطف قاتم وهاتف نقال لا يبارح أذنه ويهو يتعقب خطاي
منذ نزولي من الحافلة؟ هل يمكن أن تنفعني أرقام صديقي في
مكتب الاستعلامات؟
- ألو، أهذه العاصمة الإدارية؟
مركز الاستعلامات؟
- نعم ،
سيدي ، هل هذا صوت الأستاذ الباحث في نظرية "الانفجار
الأعظم"؟
- هو عينه...
- أهلا وسهلا، أنتـ في بلدك. هل من خدمة؟
- أنا أتصل بك طلبا للمساعدة
: هنا شخص يبدو من أعوانكم يطاردني بلا هوادة!
- في اي مدينة أنت؟
- في مدينة "عرب أباد".
- في أي حي؟
- في حي"الدهاليز" .
- آه، ذاك "رعد بن غضبان". اذهب
إليه مباشرة وقل له الكلمة السرية التالية
وسينصرف لحاله. قل له: "ما أجمل المكان!"
في السفرية الثانية:
ترى ماذا يريد هذان المتسولان؟ لقد أعطيتهما بالتقسيط عشرين درهما لكل منهما. كلما استدرت،
ووجدتهما ورائي أعطيت درهما لكل واحد منهما على أن ينصرفا. ومع ذلك، فهما لا
يفارقاني. سأتصل بصديقي في مكتب الاستعلامات:
- ألو، أهذه العاصمة الإدارية؟
مركز الاستعلامات ؟
- أهلا، أستاذ؟ وصلتنا التقارير عن محاضرتك الأولى: عدد الحضور 1050 منهم 100 أستاذ(ة), 930 طالب(ة)، 10صحفيين، 10ما
بين أعوان خدمة ونادلون .كلمتك استغرقت 40 دقيقة أعقبتها مداخلة الحاضرين ...
- عذرا عن المقاطعة، سيدي، التقرير صحيح لكنني
أتصل بكم للاستفسار عن هوية مطاردي الجدد والغاية من مطاردتهم لي وعن سبل ثنيهم عن
إزعاجي؟
- كيف تخلصت من الرجل السابق ؟
- لقد نفدت نصيحتك وقلت له : "ما أجمل
هذا البلد!"،
فابتسم ونزع نظارته وصافحني بحرارة صديق الطفولة ...
- والآن، ما المشكلة
؟
- نفس المشكلة، سيدي!...
- في أي مدينة، أنت الآن؟
- في مدينة "ظليمات"...
- في أي حي ؟
- في حي "الحجاج بن يوسف الثقفي"
...
- أنت إذن مراقب من قبل اثنين من المتسولين : "خاي أحمد الذاكرة" و"ابن القطيع".
- نعم، سيدي ، وهذا يقلقني...
- حسنا، قل لهما كلمة
السر التالية وسيخليان سبيلك. قل لهما: "الله يخلف!"
.
في السفرية الثالثة :
ترى ماذا
يدور في خلد هذه المرأة الملتحفة حائكا أبيضا ولثاما أسودا، وهي تسبقني فوق السطوح
المتساوية وتطل دونما رغبة أنثوية: هي تلفح ظهري بعينيها حين أنصرف وتشيح بوجهها
حين ألتفت إليها. ابتعد داخل الأحياء وارفع عيني لأجدها
دائما قربي هنا أو هناك أو هنالك على أحد سطوح هذه المنازل المتراكمة تراوح بين
المراقبة واللامبالاة.
هل هي امرأة واحدة أم فريق متجانس من النساء يتعاقب على
دور المراقبة والتَّلَصُّص علي؟
هل هي امرأة فعلا؟
ربما صديقي في مركز الاستعلامات يعرف الجواب:
- ألو, هذه العاصمة الإدارية؟ مركز
الاستعلامات؟
-أهلا, صديقي الأستاذ الباحث. لكننا
غاضبون هذه المرة، فالتقارير التي وصلتنا عن محاضرتك الثانية فيها جملة سطرنا
عليها بالأحمر. الجملة تقول بالحرف: "إن
الانفجار الأعظم ليست نظرية بل نبوة"!...
- أعتذر، سيدي، فأنا
ضيف ولست مسيرا للندوة. كما أن مداخلات الحاضرين لا سلطة
لي عليها... أما الآن، فأنا مضايق. أنا
الآن في مدينة "مولاي سيدي بابا" في
حي"الرجاء في الله" ...
- أنت مضايق من قبل شاب متنكر في زيّ امرأة، ارفع يديك إليه، وقل له كلمة السر التالية:"ديما حي!"
ذوي سلسلة من الإنفجارات:
الأرض تتزلزل والمباني الفارعة تتداعى والفنادق الباذخة تتهاوى كقصور من ورق والغبار والرماد يتصاعد في كل
مكان وألسنة النيران تلسع أشجار الحدائق ونخيل الشوارع والناس،كالدجاج المذعور،
يجرون في كل اتجاه وبلا اتجاه... لابد أن الشيخ الواقف أمامي
له رأي في الموضوع...
أرقام هواتف موظف الاستعلامات:
الرقم الهاتفي الأول :
- آلو, هذه العاصمة الإدارية؟
- …
لا أحد يجيب.
الرقم الهاتفي الثاني :
- آلو , هذه العاصمة الاقتصادية؟
- ...
لا أحد على الخط
الآخر.
الرقم الهاتفي الثالث :
- آلو, هذه العاصمة العلمية ؟
- ...
ولا أحد!
أين ذهبوا؟!...
حوار مع أحد الشهود:
- لماذا لا تجيب الهواتف؟
- ومن سيسمعها؟ ذوي الانفجار،با
سيدي، أعلى من كل رنين!...
- ولكني أتصل بمدن
أخرى!...
- ذوي الانفجار سُمِعَ في العالم بأجمعه ورَوَّعَ الدنيا بأسرها!...
- هل سمعت بانفجار أعظم من هذا؟
...
- لم أشهد انفجارا بهذا الحجم طيلة حياتي. ليس هناك
انفجار أعظم من هذا!...
- هل تريد القول بأنه
"الانفجار الأعظم"؟
- نعم، البيغ
بين (Big Bang)
.
16
ماي 2003
العودة إلى مواد المجموعة القصصية
إِنِّي خَيّرْتُكُمْ، فَاخْتَارُوا!
"عَبْزْفْ"، القِرْدُ الهَجَّاءُ
خريطة الموقع
جميع
الحقوق محفوظة للمؤلف
ALL RIGHTS RESERVED
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-shortstory2-index.htm</title>
<meta
name="description" content="أعمال محمد سعيد
الريحاني القصصية، حذاء خاص بوجوه العظماء، أبو القاسم الطنبوري، نوادر العرب،
الطاغية، قزم، وراء كل رجل عظيم أقزام writing">
<meta name="keywords" content=" نصوص
قصصية- كتابات سردية- سرد-
مجموعة
قصصية">