رَيْحَانِيَاتٌ

 

 

 

 

 

 

 

الحاءات الثلاث

أعمال مشتركة

المدرسة الحائية

مجاميع قصصية

لقاءات مع مبدعين

روايات

 لقاءات مع الريحاني

بَيَانَاتُ أدبية

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

تكريم الأصدقاء

مترجمات ْ

قصص قصيرة جدا

درَاسَاتُ إسمية

المَكْتَبَةُ الإلكترونية

الأغنية العربية

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

أدب الطفل

الألبوم المفتوحُ

 

 

 

 

 

قصائد شعرية

أبحاث في الترجمة

أبحاث  في الفن

        أبحاث  في الإعلام   

 

 

"وَرَاءَ كُلِّ عَظِيمٍ أَقْزَامٌ"

 

مجموعة قصصية

 

 

من "غرنيكا" إلى "غزة"

 

 

 

I
روعة عالم من أكواخ
من ليل ومن حقول
II
وجوه صالحة للحرق وجوه صالحة للرَّمْي

للرفض للظلام للإهانة للضرب 
III
وجوه صالحة لكل شيء
ها هو الفراغ يحاصركم
لكن موتكم سيبقى مثلا أعلى للجميع
IV
الموت قلب مقلوب
V
دفعْتُمْ ثَمَنَ خُبْز
وسماء وأرض وماء ونوم
وبؤس
حياتكم
VII
أصروا وأفرطوا  فتبرأت منهم الإنسانية
XII
أيها الرجال لمَنْ  وُهبَ هذا الكنز
أيها الرجال بأي حق أُتْلفَ هذا الكنز
XIII
أيها الرجال الحقيقيون يا مَنْ يُغَذي اليَأْسُ
نيرانَ الأمَل في صُدورهم
لنُفَتّحْ سَويَّةً آخر البراعم الغدوية

 

الشاعر الفرنسي بول إيلوار (Paul Eluard)، 1938

عن ديوانه  " Cours naturel "

 

 

 

 

 

فتح "القزم" علبة الثقاب ليَعُمَّ الهواء أرجاءها الداخلية وينير الضياء جنباتها المعتمة، فاستيقظ بقية "الأقزام" داخل العلبة وهرولوا نحوه  لمساعدته على أزمة جلية يحاول جاهدا الاحتفاظ بها لنفسه.

 

وقف "القزم" عرقانا في لباس نومه والشعر النافر في كل جسمه يهتز على إيقاع نبضات قلب خائف ومجنون يسمعها كل من تحلق حوله من "أقزام" علبة الثقاب قبل أن يستسلم "القزم"، أخيرا، تحت إلحاح اللكز، ويروي لبقية "الأقزام" ما رآه في منامه:

- لقد حلمت نفسي فرعونا عظيما بلحية ذهبية جالسا على عرش ذهبي محاطا بكبار الرهبان والمنجمين وهم يفتون في أمر رؤيتي ويجمعون على ضرورة قتل كل أطفال الأرض من مواليد هده السنة...

 

استبشرت الحاشية خيرا ورأت في المنام "رؤيا" وأن القزم الرائي سيصبح "عظيما" لا محالة وأنه اختير من السماء وأن "أرض الميعاد" هي أرض تحقيق الرؤيا وتحققها لكن القزم صاح في وجوههم غاضبا:

- أين العظمة فيما رأيت؟ أنا حلمت بقتل الأطفال وزجر الثكالى وسفك الدماء!...

فرد جميع "الأقزام" بصوت واحد:

- هذه هي العظمة وهذا هو الطريق المؤدي إليها وهذا هو النهج الذي سلكه الفرعون العظيم بنفسه!...

 

عمت الفرحة والهياج كل أرجاء علبة الثقاب التي كانت غرفة نوم الأقزام لكن أحد حكمائهم طالبهم بالتروي والتحلي بالرزانة وربط الرؤيا بالعمل على تحقيقها على الأرض فقاطعه "القزم" الذي حلم الليلة الماضية ب"العظمة" وبدا هذه الصبيحة مَهْوُوساً بها:

- وكيف السبيل لذلك؟!..

 

رد "هَامَانْ القزم":

- لا يتطلب الأمر أكثر من إرادة تحقيق الرؤيا.

 

فقاطعه "القزم" الحالم بالعظمة:

- ولكننا "أقزام" وهم شعب "الجبارين"؟!

 

فأجاب "هامان القزم":

- إن الصورة التي يعطيها المرء لغيره هي ذاتها الصورة التي يتبناه الآخر ولو كانت عكس مصالحه وضد وجوده. فلماذا لا نقلب الصورة ونتصرف، نحن،  ك"جبابرة" ونعاملهم، هم، ك"أقزام"؟!

 

كَرَّرَ "القزم" الحالم بالعَظَمَة سُؤاله:

- ولكننا "أقزام" وهم "جبارين"؟!

 

فكرر "هامان القزم" جوابه:

- لا يتطلب الأمر أكثر من إرادة تحقيق الرؤيا.

                                                             

قال "القزم" الحالم بالعظمة، جازما:

- الإرادة متوفرة...

 

أضاف "هامان القزم":

- بعد الإرادة، يمكن الحديث عن التخطيط لإنجاز الإرادة وتحقيقها على الأرض.

                                                             

فقاطعه "القزم" الحالم بالعظمة، متلهفا:

- خططوا للأمر، إذن،  وَنَوّرُوني!..

 

التحق باقي "الأقزام" بدائرة الاقتراحات وألقوا بعصيهم فإذا بها أفاع تسعى:

- حمام الدّم!...

- الضرب بيد من حديد!...

- النار، الحرق، التطهير!...

- الدم، القتل، الإبادة!...

 

صرخ "القزم" الحالم بالعظمة:

- وكيف لقزم مثلي أن يحقق كل هذا؟!

 

عم صمت مطبق أرجاء علبة الثقاب. وأثناء تفكير الجميع في حل للمعضلة، تقدم قزم ممن لم تتح له فرصة الإدلاء برأيه من قبل  ووضع حقيبة على الأرض ونفض عنها الغبار بيديه ثم فتحها وأخرج محتوياتها وعرضها أمام عيني "القزم" الحالم بالعظمة  قبل أن يقول  ببرودة دم:

- هده أدواتك، ولن تحتاج إلى غيرها.

 

تعجب "القزم" الحالم بالعظمة وقال:

- هذه أقنعة صالحة للتمثيل المسرحي على خشبة المسرح أمام جمهور مسرح ولا شأن لها بما نحن بصدد تداوله!...

               

رد "المُهَرّج القزم"، واثقا من نفسه دائما:

- المسرح لا حدود له، والخشبة لا حدود لها، والجمهور لا حدود له، والتمثيل لا حدود له،  ومن أتقن دوره نَجَّحَ مُهمته حيثما وُجدَتْ وَكَيْفَمَا كانت.

 

لازم "القزم" الحالم بالعظمة العجب:

- ولكن هذه الأقنعة صالحة للتهريج والإضحاك!...

                                                                                                                            

أجابه "المُهَرّج القزم":

- مَعي، أنا المهرج، هذه الأقنعة تصلح للتهريج والإضحاك؛ لكن، مَعَكَ، أنت العظيم المختار من السماء، سَتَصْلُحُ هده الأقنعة لتحقيق الأهداف بنفس الدقة التي ترسمها بها في ذهنك. فبمجرد وضع هده الأقنعة على وجهك، ستحل روح صاحب القناع في جسدك وستملأ بركته فراغاتك وتنير قوته طريقك وستنجح في كل ما سترسمه أمام عينيك. إن هذه الطريقة ساري المفعول بها في كواليس تدبير الأمور العليا في كل أرجاء المعمور ولذلك يقال، بين الفينة والأخرى، "التاريخ يعيد نفسه"!

 

صَمَتَ "المُهَرّج القزم" هُنَيْهَةً ليُراقب ملامح "القزم" الحالم بالعظمة في انتظار انفراجها ثم أضاف:

- ضع قناعا من هذه الأقنعة على وجهك إتباعا حسب تشابه الظرفية التي ستجد نفسك فيها والظرفية التي كان فيها "العظيم" صاحب  الصورة المرسومة على القناع، تبركا بقوة الأباطرة والملوك والزعماء والقواد وصانعي التاريخ. إن التبرك بهؤلاء "العظماء" سَيُجَنّبُكَ، لا محالة، العثرات والزّلات والمشاكل والأزمات والانكسارات والهزائم النكراء التي يمكن أن تتورط فيها...

 

ثم بدأ "المُهَرّج القزم" يُسَمي أقنعته ويضعها واحدةً واحدةً  بين يدي "القزم" الحالم بالعظمة:

- هذا قناع رعمسيس الثاني، وهذا قناع تشي هوانغ تي، أما هذا فقناع نابوليون، وهذا لهتلر، وهذا لفرانكو، وهذا للحجاج، وهذا لنيرون، وهذا لكاليغولا، وهذا لبوكاسا، وهذا لهولاكو...

 

فهلل "القزم" الحالم بالعظمة، وصاح مُهْتاجاً:

- هاتوا الأقنعة وأعيدوني إلى حلمي! أعيدوني إلى رؤيتي! أعيدوني إلى نبوتي!..

 

قناع الفرعون رعمسيس الثاني:

هل كان حلما أم كابوسا أم رؤيا؟

إنه يشبه حلم ملك يهودا تماما حين قصد قتل صبي واحد فقتل كل الصبيان!

هل يمكن لطفل من الأقليات أن يهدد عرشي؟

سآخذ برأيكم، أيها الكهنة، وسآمر بقتل كل المواليد الجدد لهده السنة مع الإتيان بمهودهم مخضبة بالدماء كي أتأكد من الأمر وأقارن العدد المقتول من الأطفال بين يدي  بالعدد المقتول من الأطفال في حلمي والذي لن أفصح لكم به إلى غاية تأكدي من إخلاصكم في تنفيذ أوامري ووفائكم لعرشي...

 

صوت محمود درويش في مواجهة قناع الفرعون رعمسيس الثاني:

"سأختار شعبي
سأختار أفراد شعبي
سأختاركم واحدا واحدا من سلالة
أمي ومن مذهبي،
سأختاركم كي تكونوا جديرين بي
إذن أوقفوا الآن تصفيقكم كي تكونوا
جديرين بي وبحبي
سأختار شعبي سياجا لمملكتي ورصيفا لدربي
قفوا، أيها الناس، يا أيها المنتقون
كما تنتقى اللؤلؤة
لكل فتى إمرأة
وللزوج طفلان: في البدء يأتي الصبي
وتأتي الصبية من بعد، لا ثالث،
وليعم الغرام على سنتي
فأحبوا النساء، ولا تضربوهن إن مسهن
الحرام
سلام عليكم.. سلام .. سلام"

 

قناع تشي هوانغ تي:

أنا الإمبراطور الأول تشي هوانغ تي ولا أحد قبلي: لا إمبراطور ولا نبي ولا حكيم، لا اللاو تسو ولا كونفوشيوس ولا بوذا. أنا الأكبر وأنا الأوحد، أنا الأول وأنا الآخر...

ولعل تشكيكم في قولي نابع من كتب الترهات والأباطيل التي تحتفظون بها والتي أنتم مطالبون بإحضارها اليوم مساء للحرق والإتلاف. وسأصدر بعد ساعة مرسوما في الموضوع. ولكنكم لن تنتظروا صدور المرسوم لتأتوني بالكتب لأحرقها بيدي. أما من عصى  أمري، فستأتونني به حيا يرزق لأكويه بالنار وأسوقه بيدي لإفناء بقية حياته في بناء السور العظيم الذي سيبدأ من الصين لينتهي في فلسطين.

 

صوت محمود درويش في مواجهة قناع تشي هوانغ تي:

"أيها المارون بين الكلمات العابرة

آن أن تنصرفوا

وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا

آن أن تنصرفوا   

ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا

فلنا في أرضنا ما نعمل

ولنا الماضي هنا

ولنا صوت الحياة الأول

ولنا الحاضر،والحاضر ، والمستقبل

ولنا الدنيا هنا...و الآخرة

فاخرجوا من أرضنا

من برنا ..من بحرنا

من قمحنا ..من ملحنا ..من جرحنا

من كل شيء،واخرجوا

من مفردات الذاكرة

أيها المارون بين الكلمات العابرة!.."

 

قناع كاليغولا:

أريد ألعابا نارية!

لنقل "ألعابا أكثر من نارية"!

ولكنني لست بحاجة لحضور جميل يحتفل معي بألعابي!

أنا أفضل أن احتفل بألعابي وحدي وأن ألقي بألعابي على من أريد وأن تحرق ألعابي أهدافي!

فما رأيكم في الأطفال كأهداف لألعابي النارية!

هل من معارض؟

إذن، فلتكن ألعابي النارية مصنعة من مواد كيماوية أو من الفوسفور الأبيض أو من اليورانيوم المنضب أو النابالم الحارق...

المهم، ألا تقل درجة حرارتها عن التسعمائة درجة مئوية وأن تكون الذخيرة كافية لاثنين وعشرين يوما من الاحتفال!                                                        

هيا، ماذا تنتظرون؟

إليَّ بألعابي!

 

صوت محمود درويش في مواجهة قناع كاليغولا:

"خسائرُنا: من شهيدين حتى ثمانيةٍ كُلَّ يومٍ.
وعَشْرَةُ جرحى.
وعشرون بيتاً.
وخمسون زيتونةً...
بالإضافة للخَلَل البُنْيويّ الذي
سيصيب القصيدةَ والمسرحيَّةَ واللوحة الناقصةْ"

 

قناع نيرون:

أيها الشعراء، لا شك آن قصائدي ألهمتكم فأبدعتم على خلفية إبداعاتي!

ولا شك أنكم جربتم لحظة الإلهام ولحظة غير الإلهام ووصل بكم الاستعداد أحيانا لحرق زيجاتكم وأطفالكم لقاء نَظْم قصيدة! 

أيها الشعراء، لست سيد الحرق. بل الحرق هو سيدي!

هذه هي الحقيقة وأنتم، الآن، أدرى الناس بها!

الشعر قدري والغناء قدري والحرق قدري وأنا أكثر الناس طاعة لأقدارهم وأكثرهم إعطاء للمثل في ذلك فلتمتثلوا لأقداركم أيضا ولتتقبلوا ألسنة النار في سقوف بيوتكم ولتكبحوا هلع صغاركم ولتلجموا عويل نسائكم؛ فهذه إرادة التاريخ، والتاريخ لا ينصت لآلام الأصوات الصغيرة وآمالها! 

 

صوت محمود درويش في مواجهة قناع نيرون:

يا دامي العينين والكفين!
إن الليل زائلْ
لا غرفةُ التوقيف باقيةٌ
ولا زَرَدُ السلاسلْ!
نيرون مات، ولم تمت روما...
بعينيها تقاتلْ!
وحبوبُ سنبلةٍ تموت
ستملأُ الوادي سنابلْ...
!

 

قناع هولاكو خان:

"من ملك الملوك شرقًا وغربًا القائد الأعظم: باسمك اللهم، باسط الأرض ورافع السماء، يعلم (...) من (...) هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم، يتنعمون بأنعامه ويقتلون من كان بسلطانه بعد ذلك (...) إنا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على مَن حَلَّ به غضبه، فلكم بجميع البلاد معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم وأسلموا لنا أمركم. قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرقّ لمن شكر، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب، وعلينا الطلب، فأي أرض تؤويكم، وأي طريق تنجيكم، وأي بلاد تحميكم؟! فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون عندنا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع (...) فأبشروا بالمذلة والهوان، فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم، فإن أنتم لشرطنا وأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم هلكتم، فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم، فقد حذّر من أنذر. وقد ثبت عندكم أنا نحن الكفرة، وقد ثبت عندنا أنكم الفجرة، وقد سَلَّطَنا عليكم من له الأمور المقدّرة، والأحكام المدبرة، فكبيركم عندنا قليل، وعزيزكم عندنا ذليل، فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا برد الجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منا جاهاً ولا عزًا، ولا كافيًا ولا حرزًا، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم، والسلام علينا وعليكم، وعلى من أطاع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع الملك الأعلى".

 

صوت محمود درويش  في مواجهة قناع هولاكو خان:

"أَيُّها الواقفون على العَتَبات ادخُلُوا،
واشربوا معنا القهوةَ العربيَّةَ
فقد تشعرون بأنكمُ بَشَرٌ مثلنا.
أَيها الواقفون على عتبات البيوت!
اُخرجوا من صباحاتنا،
نطمئنَّ إلى أَننا
بَشَرٌ مثلكُمْ!"

 

قناع الحجاج بن يوسف الثقفي:

أيها الجنود، أراكم تتعففون من التدمير الذي قطعتم كل هذه الأميال الطويلة لتنفيذه!

ألا زلتم تؤمنون بالمواثيق الدولية وحماية المدنيين والحفاظ على أرواح الأعيان الثقافية واحترام الأماكن المقدسة؟!...

أيها الجنود، هذه تعليماتي الأخيرة لكم: اقتلوا كل من يحول دون تحقيق أهدافكم بما في ذلك الأعيان الثقافية ودمروا كل شيء يعترض سبيلكم بما في ذلك المساجد. وتذكروا جيدا قصتي مع عبد الله بن الزبير الذي حاول الاحتماء بالكعبة المكرمة للهروب من قبضتي. فهل كان له ذلك؟

كَلاَّ، وَألْفَ كَلاَّ.                                              

لقد اعتقد بأنني سأحترم بُنَاة الكعبة من ملائكة السماء وآدم أبي البشر وإبراهيم أبي الأنبياء...

أعتقد أنكم تعرفون تتمة القصة: لقد هدمت، بالمنجنيق، الكَعْبَةَ التي كان يُسَلّم بوقوفها في وجهي وأخرجته مُكْرَهاً ذَليلاً صَاغرا وعلقته من عنقه عبرة لغيره من العاقين. فإذا كنت أنا فعلت هذا مع كبير المتمردين، فكيف  تعجزون، وأنتم مدججين بأفتك الأسْلحة وَأَحْدَثهَا، أمام "أطفال

أيها الجنود، اهدموا كل شيء ولو كانت من بين المباني "الكَعْبَة"!

 

 

صوت محمود درويش في مواجهة قناع الحجاج بن يوسف الثقفي:

"سيمتدُّ هذا الحصار إلى أَن يُحِسَّ المحاصِرُ، مثل المُحَاصَر،
أَن الضَجَرْ
صِفَةٌ من صفات البشرْ"

 

قناع فرانسيسكو فرانكو:

كم تمنيت حذف حرف "الغين" من القواميس!

أكره حرف "الغين" من "غرنيكا" إلى "غزة"!

أكره الأقليات!

أكره الثوار!

أكره المقاومين!...

 

صوت محمود درويش في مواجهة قناع فرانكو:

"عازف الجيتار في الليل يجوب الطرقات

و يغني في الخفاء

و بأشعارك يا لوركا يلم الصدقات

من عيون البؤساء

العيون السود في إسبانيا تنظر شزرا

و حديث الحب أبكم

يحفر الشاعر في كفيه قبرا

إن تكلم

نسي النسيان أن يمشي على ضوء دمك

فاكتست بالدم أزهار القمر

أنبل الأسياف حرف من فمك

عن أناشيد الغجر

آخر الأخبار من مدريد أن الجرح قال

شبع الصابر صبرا

أعدموا غوليان في الليل و زهر البرتقال

لم يزل ينشر عطرا

أجمل الأخبار من مدريد

ما يأتي غدا".

 

قناع  أدولف هتلر:

"غرنيكا" غابة مثل كل الغابات. ثلاث ساعات تكفيها لقتل ألفي خنزير من خنازيرها كما تفعلون دائما مع باقي الخنازير في باقي الغابات وفي "غزة" لن نقبل بأقل من هذا العدد. ونفس الشيء بالنسبة للممتلكات، ألفان منْ كُلّ مَا رُصَّ منْ حَجَر: ألفا منزل وألفا دكان وألفا صيدلية وألفا كشْك وألفا مَحْلَبَة وألفا مَلْبَنَة وألفا مخْبَزَة وألفا مصْبَنَة وألفا معْصَرَة وألفا مَدْرسة وألفا مَسْجد وألفا مُسْتَوْصَف وألفا سيارة إسْعَاف وألفا مَقْهَى وألفا مَلْعَب وألفا حَمَّام عُمُومي...

"غرنيكا" تطلبت منا ثلاث ساعات من القصف المكثف لإحراقها بالكامل أما "غزة" فستتطلب من اثنين وعشرين يوما بالتمام والكمال لأن مهمتنا هناك أصعب. في "غرنيكا"، كنا نحرق البشر والبهائم والشجر والحجر. لذلك، لم يتطلب منا الأمر وقتا طويلا. أما في "غزة"، فالتدقيق في الضحايا واختيار الأطفال أكثر من سواهم عملية تحتاج إلى وقت لأننا سنحاسب أمام المحاكم الدولية على قتل غير الأطفال...

 

صوت محمود درويش في مواجهة قناع هتلر:

"أما الآن فالأحوال هادئة تماما ً مثلما كانت
والموت يأتينا بكل سلاحه الجوي والبري والبحري
مليون انفجار في المدينة
هيروشيما هيروشيما
وحدنا نصغي إلى رعد الحجارة  
وحدنا نصغي لما في الروح من عبثٍ ومن جدوى".

 

قناع جون بيديل بوكاسا:

هذا لا يحتاج إلى مشورة الإمبراطور فأنتم أعلم باختياراتي: اقتلوا الأطفال. وإذا ما نفذت الذخيرة وتعبتم من القتل، أتوني بما تبقى منهم أحياء لآكلهم. فليس ثمة وجبة أشهى من لحم الأطفال مذهونا بتوابل الهند الزكية ومشويا على نار هادئة  ومُمَلَّحاُ ومُحَمَّضاً بالليمون وَمُزَيَّناً بالفواكه المجففة!

أوف، إنني أموت تلهفا لطبق اليوم فلو كانت معدتي تتسع لكل الأطفال من مواليد هذه السنة لطلبتهم أحياء ولاستغنيت عن النار والرصاص. فلا شيء أطرى وألذ من اللحم الفتي: لحم الحملان ولحم العجول ولحم صغار اليمام وصغار الحجل وصغار الزرافات وصغار الحمير الوحشية...

 

صوت محمود درويش في مواجهة قناع جون بيديل بوكاسا:

"وكأنني قد متٌ قبل الآن
أعرف هذه الرؤيا ، وأعرف أنني
أمضي إلي ما لسْت أعرف . ربٌما
ما زلت حيٌا في مكان ٍ ما، وأعرف
ما أريد
سأصير يوما ما أريد.

سأصير يوما فكرة . لا سيْف يحملها
إلي الأرضِ اليبابِ ، ولا كتاب
كأنٌها مطر علي جبلٍ تصدٌع من
تفتٌح عشْبة ٍ ،
لا القوٌة انتصرتْ
ولا العدْل الشريد
سأصير يوما ما أريد."

 

تجريب قسري لأحد الأقنعة على وجه أحد أقارب الضحايا:

إذا كانت المقاومة تؤذي شعبنا وتلحق به الضرر فنحن ضد الدفاع عن النفس وضد تصعيد الخسائر وضد رفع التحدي. إننا نقولها بصوت عال قبل فوات الأوان وانقراضنا من الوجود: نحن مع الانبطاح والخضوع والاستسلام حتى مرور العاصفة وسنقوم بعرقلة خطط المتهورين  الذين يدفعوننا إلى مواجهة غير متكافئة ستؤدي بنا حتما إلى التهلكة.

 

صوت محمود درويش في مواجهة مُجَرّبي الأقنعة من الأهالي:

"عرب ٌ أطاعوا رومهم
عربٌ وباعوا روحهم
عرب  وضاعوا"

 

قناع نابليون بونبارت:

الآن وقد تبين بالمكشوف أن الأمور مرت بالسرية اللازمة وأن أهاليكم لم يكونوا على علم بتواطئكم معنا لتحقيق الأهداف التي ما كنا لنحققها لوحدنا ما دامت الأقنعة السحرية كانت تتطلب مشاركة الجميع في التمثيل؛ الآن وقد انتهت الحرب التي سماها أهاليكم "عدوانا" ووضعت أوزارها، ها هي المكافأة المالية الضخمة التي وعدتكم بها لقاءَ تعاونكم معنا ضد وطنكم وأهاليكم. خذوها ولا تقتربوا مني لمُصَافَحَتي فَيَدي لا تُلامسُ أَيَاد خَانَتْ أَوْطَانَهَا.

 

صوت محمود درويش يُسْقط الأقنعة جميعها:

"سـقط القناع  عن القناع  عن القناع
سـقط القناع
لا إخـوة ٌلك يا أخي، لا أصدقاء ُ يا صديقي، لا قلاع
لا الماء عندك َ ، لا الدواء ولا السماء ولا الدماء ُ ولا الشـراع
ولا الأمام ولا الـوراء" .

أمام المحاكم الدولية، مرافعة ضد التهم بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية:

بالنسبة لاتهامنا بارتكاب جرائم حرب ضد مدنيين عزل باستخدام مفرط للقوة ضدهم واستعمالهم دروعا بشرية للاحتماء من رجالات المقاومة واستخدام أسلحة محرمة دوليا وقتل الأطفال والنساء والمسنين والمعاقين والمسعفين والصحفيين... فإننا نقدم اعتذارنا الكبير عن كل خطأ في إصابة أهدافنا والذي قد يكون ذهب ضحيته غير الأطفال. إن هدفنا الوحيد كان هو إبادة مواليد هذه السنة من الأطفال فقط. وإذا كان من بين الضحايا نساء فربما لأنهن أمهات  أطفال أو لأن الأطفال كانوا في حجورهن مما أدى بطيارينا إلى قصفهم معا وهو ما لا يمكننا تحمل تبعاته بعدما وزعنا المناشير بالابتعاد عن الأطفال...

وبالرغم من كل ذلك، فإننا على استعداد لتعويض أسر المسنات تعويضا ماليا ينسيهم  فقيداتهم. أما باقي النساء فعليهن أن يعلمن  بأننا سنعود بنفس العنف اللامحدود وبنفس البطش الفتاك إذا ما حملن من جديد هذه السنة ووضعن من جديد قبل دخول السنة الموالية...

 

مع كل "غرنيكا"، ينبعث بيكاسو ليرسم الدمار من جديد:

رؤوس أطفال مقطوعة،

 أيادي نساء مخضبة بالحناء والدماء،

 أشلاء بشرية ،

حُمرة دماء على بقايا جدران، بياضُ مخَاخ آدمية على الأرض...

ركام حديد وإسمنت،

هياكل سيارات محروقة،

أنين أصوات بشرية تحت الأنقاض،

دخان في كل مكان،

 أزيز  طائرات تحجب الشمس،

وحيرة الجراحين إزاء جروح طفيفة على جلد الضحايا تولد نزيفا داخليا يؤدي إلى الموت...

 

صوت مايكل هارت يغني "لن نستسلم"، على أمواج إذاعة غزة ثوان قبل قصفها:

"لن نستسلم

في غزة هده الليلة..."

 

صوت مايكل هارت يغني "لن نستسلم"، على أمواج إذاعة خارج غزة لحظات قبل تعقبها وقصفها:

"لن نستسلم

هذه الليلة دون قتال

يمكنكم حرق مساجدنا ومنازلنا ومدارسنا

لكن روحنا لا يمكنكم الوصول إليها..."

 

صوت مايكل هارت يغني "لن نستسلم" في أمان على أمواج إذاعة كونية تبث إرسالها من كوكب بلوتو، آخر كواكب المجموعة الشمسية :

"لن نستسلم

هذه الليلة دون قتال

يمكنكم حرق مساجدنا ومنازلنا ومدارسنا

لكن روحنا لا يمكنكم الوصول إليها

لن نستسلم

في غزة هده الليلة

 

النساء والأطفال سواء

يُذْبَحُونَ وَيُذَبَّحُونَ  ليلة بعد ليلة

فيما أدعياء الزعامات يتجادلون في البعيد

عن المخطئ والمُصيب..."

 

 

 

بتاريخ: 25  يناير 2009

 

 

 

العودة إلى مواد المجموعة القصصية

 

 

 

مُدُنُ الأقزام

من "غرنيكا" إلى "غزةْ"

"بَطْنِسْتَانْ"

أرض الانقلابات

وراء كل عظيم أقزام

خليفة الله في أرْضه

ضرائب مستحقة للعظيم

العظيم وطواحين الريح

في أزبالنا كل أسرارنا

صورة الأب العظيم

الجريمة والعقاب

إِنِّي  خَيّرْتُكُمْ، فَاخْتَارُوا!

مباراة شغل خاصة بالمتفوقين

حملة انتخابية

تَصْفيقات

"عَبْزْفْ"، القِرْدُ الهَجَّاءُ

نظرية الانفجار الأعظم

الشياطين لا تدخل بيوت الله

صدمة القزم: الوعي بالذات

حذاء خاص بوجوه العظماء

"مدينة بوفراح"

 

خريطة الموقع

 

 

روايات

بَيَانَاتُ أدبية

"الحاءات الثلاث" مضامين الغد

مجاميع قصصية على الخط

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

مجاميع قصصية مشتركة

درَاسَات سِيميَائِيَةُ للأسماء

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

رهانات الأغنية العربية

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

 

ALL RIGHTS RESERVED

 

e-mail : saidraihani@hotmail.com

 

<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-shortstory2-index.htm</title>

<meta name="description" content="أعمال محمد سعيد الريحاني القصصية، حذاء خاص بوجوه العظماء، أبو القاسم الطنبوري، نوادر العرب، الطاغية، قزم، وراء كل رجل عظيم أقزام writing">

<meta name="keywords" content=" نصوص قصصية-  كتابات سردية- سرد- مجموعة قصصية">